يعاني إقليم بلوشستان الواقع في جنوب غرب باكستان من أزمات اجتماعية عديدة، بالإضافة إلى ما يشهده من عنف يتمثل في الحركات الانفصالية البلوشية والجماعات المسلحة والحرب الطائفية. كذلك، يعيش سكان الإقليم تحت خط الفقر المدقع. ولعلّ من أبرز أسباب استفحال الأزمات تهميش الحكومات المتعاقبة الإقليم وتدهور قطاع التعليم، إذ بات السكان بعيدين عن الدراسة، كما ليس هناك أيّ محاولات جادة لتحسين حالة التعليم.
نسبة كبيرة من أطفال الإقليم باتت محرومة من التعليم والمقاعد المدرسية ما يؤكد الحاجة إلى تطوير المدارس وزيادة أعدادها. في المقابل، كشفت إحصائية أخيرة للحكومة المحلية بإقليم بلوشستان بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنّ نحو 1500 مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية في الإقليم موجودة على الورق وفي الحسابات المالية فقط، ولا وجود فعلياً لها. وجاء في الإحصائية أنّ من أصل 10788 مدرسة في الإقليم هناك نحو 1500 مدرسة وهمية تصرف حساباتها ورواتب مسؤوليها والمعلمين فيها لتصل إلى جيوب البعض.
في هذا الإطار، يؤكد وزير التعليم في الإقليم عبد الرحيم زيارت وال أنّ المدارس الوهمية وصل عددها إلى 1400 مدرسة من أصل 13000 مدرسة حكومية في الإقليم، وهي إبتدائية ومتوسطة وثانوية. كذلك، ذكر أنّ الحكومة بدأت تعمل منذ عام لأجل إحصاء ومعرفة المدارس الوهمية ومعرفة الضالعين في القضية. لكنّ السؤال هنا أين تُصرَف رواتب موظفي ومعلّمي هذه المدارس؟ الوزير غير قادر على إعطاء الجواب، لكنّه كرر وعد الحكومة أنّها ستتعامل "بيد من حديد مع الضالعين في الفساد الذي يدمر مستقبل هذه البلاد".
من جهتهم، يعتبر سكان الإقليم وعود الحكومة وما يقوله الوزير مجرد حبر على ورق، ويقولون إنّ الحكومة لو كانت جادة لما حصل كلّ ما حصل لقطاع التعليم هناك. يتهم البعض المسؤولين في الحكومة المحلية خصوصاً في المناطق النائية بالضلوع في الفساد، زاعمين أنّ الفساد المنتشر بكثرة لا يكون إلا بمساندة المسؤولين. لذلك، يشيرون إلى أنّ الحكومة باتت تهمش القضية بالرغم من تأكدها منها، وبالرغم من تهديد الفساد مستقبل البلاد، وحرمانه أبناء الإقليم من التعليم.
يقول أحد المعلمين المتقاعدين في الإقليم ويدعى محمد وسيم سارواني إنّ الحكومة فاسدة والفساد لم يأتِ إلا نتيجة عمل المسؤولين، فهم ضالعون في تأسيس المدارس الوهمية. يتساءل: "كيف لهذا العدد من المدارس أن يتأسس في مختلف أرجاء الإقليم من دون ضلوع المسؤولين"؟
بالرغم من أنّ التوقعات ضئيلة إزاء احتمال اتخاذ الحكومة الباكستانية خطوات جادة للقضاء على الفساد في قطاع التربية والتعليم عموماً، وفي ما يتعلق بالمدارس الوهمية على وجه الخصوص، فإنّ سارواني يدعو المسؤولين، خصوصاً المنتمين إلى الإقليم المهمش والذي يعيش حرماناً منذ عقود، إلى العمل بجدّ لتحسين هذا القطاع وتأسيس مدارس في المناطق النائية بدلاً من المدارس الوهمية، وكذلك معاقبة الضالعين في الفساد.
مثل هذه الخطوات يعد بها وزير التعليم زيارت وال إذ يقول: "الحكومة مصممة على معاقبة الضالعين في الفساد، تحديداً في المدارس الوهمية، كما ستحلّ محلها مدارس يجري تأسيسها بكلّ نزاهة ووفق احتياجات الناس، كما وضعت الحكومة آلية شاملة في هذا الخصوص".
الإحصائية تحدثت كذلك عن الحالة السيئة لقطاع التعليم، لا سيما المدارس التي تقع في المناطق البعيدة وتحديداً في المناطق غير الآمنة، إذ أفادت أنّ عشرات المدارس في الإقليم تفتقر إلى المباني ويجلس المتعلمون من دون سقف شتاء وصيفاً. كذلك، فإنّ معظم المدارس في الإقليم محرومة من المياه الصالحة للشرب، و90 في المائة من المدارس لا تتوفر على نظام صرف صحي، ما يؤدي إلى تفشي أمراض معدية.
أكبر أقاليم باكستان
يعتبر إقليم بلوشستان أكبر أقاليم باكستان الأربعة، وهي البنجاب والسند وخيبر بختونخوا وبلوشستان. وهو إقليم تاريخي يمتد خارج باكستان إلى أفغانستان وإيران أيضاً. الإقليم غني بموارد طبيعية عديدة كالغاز الطبيعي، والنفط، والنحاس، والكبريت، والفلوريد، والذهب، لكنّه أقل أقاليم البلاد نمواً.