أقر مجلس النواب اللبناني في جلسته أول من أمس عدداً من المواد في قانون العقوبات اللبناني في بابه السابع "الجرائم المخلّة بالأخلاق والآداب العامة" لعل أبرزها إلغاء المادة 522 (في فصل الاغتصاب) والتي كانت تنصّ على أن المغتصب يمكنه الإفلات من العقاب في حال تزوّج من ضحيته. في الصيغة الجديدة للقانون، ألغيت المادة 522 من أساسها وبات أي فعل استغلال او إكراه أو إجبار أو التهديد على الجماع أو على "أمر منافٍ للحشمة" أمراً يُعاقب عليه القانون بالحبس وبالأشغال الشاقة بحسب المواد 503 و504 و506 و507 من قانون العقوبات اللبناني.
وبينما تحتفل نساء لبنان أسوةً بنساء الأردن وتونس بإلغاء المواد المشابهة الخاصة بالتزويج من المغتصب، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان بالآراء والمواقف المتضاربة حول ما إذا كانت المادة 505، التي طاولها التعديل القانوني، تشكّل مدخلاً آخر لإعادة تفعيل المادة 522. تتناول المادة 505 موضوع "المجامعة" مع قاصر ودرجة العقوبة بالغرامة والحبس إذا كان/ت القاصر مميزاً (أي بين 15 و18 عاماً) أو غير مميّز (تحت سن الـ15 عاماً). لمن يقرأ النص في صيغته المعدّلة لأول وهلة قد يظن أن المادة 522 تعود مجدداً، حيث يمكن تعليق العقوبة بالحبس أو بالغرامة "إذا عقد زواج صحيح بين من جامع قاصراً وبين القاصر". كما يأخذ المعارضون للتعديل الحالي أنه يشرّع الزواج المبكر (الزواج من قاصر) تحت عين وأنف قانون وضعي مدني بينما قوانين الأحوال الشخصية الدينية تنص صراحة حول هذا الأمر.
ثمة ثلاث نقاط أساسية في هذا السياق يجدر تسليط الضوء عليها:
1- الفرق واضح بين الاغتصاب (بحسب المادة 522) وبين الجماع (بحسب المادة 505) والذي يقتضي موافقة ورضى الطرفين، والذي اختلط الأمر فيه على كل من عارض المادة 505.
2- الالتفاف القانوني على قوانين الأحوال الشخصية فيما خص الزواج من القاصرات. فإذا عقد – ولا البد – الزواج الصحيح، فإن هذا "الزواج المبكّر" مع القاصر سيكون خاضعاً وبشكل حثيث للمتابعة القضائية والاجتماعية (وذلك بالاستناد إلى حكم قضائي مدني يستند إلى تقرير مساعد/ة اجتماعي/ة يأخذ بالاعتبار الظروف النفسية والاجتماعية للقاصر)، ويمكن إبطاله خلال ثلاث سنوات سيبلغ حينها القاصر سن الرشد. على أن تبقى إمكانية إعادة الملاحقة او المحاكمة سارية طيلة ثلاث سنوات من تاريخ صدور قرار تعليق الملاحقة أو المتابعة.
3- إدخال القضاء المدني لأول مرة في البت بشؤون الزواج وتنظيمه وفسخه وملاحقة من يقوم به تحت ذرائع مختلفة.
يبقى السؤال إذا كان بإمكان الفتيات اللاتي يتم تزويجهن مبكراً أو قسرياً اللجوء للقضاء المدني للاستفادة من النص الجديد لهذه المادة، بحيث يصبح مصيرهن رهن المتابعة القضائية والقانونية والاجتماعية. وهل يمكن أن يعني ذلك، بحسب روحية التشريع، أن الزواج تحت عمر 18 هو زواج غير طبيعي يستوجب المتابعة القضائية؟
*ناشطة نسوية
اقــرأ أيضاً
وبينما تحتفل نساء لبنان أسوةً بنساء الأردن وتونس بإلغاء المواد المشابهة الخاصة بالتزويج من المغتصب، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان بالآراء والمواقف المتضاربة حول ما إذا كانت المادة 505، التي طاولها التعديل القانوني، تشكّل مدخلاً آخر لإعادة تفعيل المادة 522. تتناول المادة 505 موضوع "المجامعة" مع قاصر ودرجة العقوبة بالغرامة والحبس إذا كان/ت القاصر مميزاً (أي بين 15 و18 عاماً) أو غير مميّز (تحت سن الـ15 عاماً). لمن يقرأ النص في صيغته المعدّلة لأول وهلة قد يظن أن المادة 522 تعود مجدداً، حيث يمكن تعليق العقوبة بالحبس أو بالغرامة "إذا عقد زواج صحيح بين من جامع قاصراً وبين القاصر". كما يأخذ المعارضون للتعديل الحالي أنه يشرّع الزواج المبكر (الزواج من قاصر) تحت عين وأنف قانون وضعي مدني بينما قوانين الأحوال الشخصية الدينية تنص صراحة حول هذا الأمر.
ثمة ثلاث نقاط أساسية في هذا السياق يجدر تسليط الضوء عليها:
1- الفرق واضح بين الاغتصاب (بحسب المادة 522) وبين الجماع (بحسب المادة 505) والذي يقتضي موافقة ورضى الطرفين، والذي اختلط الأمر فيه على كل من عارض المادة 505.
2- الالتفاف القانوني على قوانين الأحوال الشخصية فيما خص الزواج من القاصرات. فإذا عقد – ولا البد – الزواج الصحيح، فإن هذا "الزواج المبكّر" مع القاصر سيكون خاضعاً وبشكل حثيث للمتابعة القضائية والاجتماعية (وذلك بالاستناد إلى حكم قضائي مدني يستند إلى تقرير مساعد/ة اجتماعي/ة يأخذ بالاعتبار الظروف النفسية والاجتماعية للقاصر)، ويمكن إبطاله خلال ثلاث سنوات سيبلغ حينها القاصر سن الرشد. على أن تبقى إمكانية إعادة الملاحقة او المحاكمة سارية طيلة ثلاث سنوات من تاريخ صدور قرار تعليق الملاحقة أو المتابعة.
3- إدخال القضاء المدني لأول مرة في البت بشؤون الزواج وتنظيمه وفسخه وملاحقة من يقوم به تحت ذرائع مختلفة.
يبقى السؤال إذا كان بإمكان الفتيات اللاتي يتم تزويجهن مبكراً أو قسرياً اللجوء للقضاء المدني للاستفادة من النص الجديد لهذه المادة، بحيث يصبح مصيرهن رهن المتابعة القضائية والقانونية والاجتماعية. وهل يمكن أن يعني ذلك، بحسب روحية التشريع، أن الزواج تحت عمر 18 هو زواج غير طبيعي يستوجب المتابعة القضائية؟
*ناشطة نسوية