ذكرت مصادر حكومية وأمنية عراقية اليوم الأحد إن حملة واسعة هي الأولى من نوعها منذ قرابة العام تستهدف شبكات وعصابات الاتجار بالمخدرات. وتشمل الحملة عدداً من المدن جنوب البلاد من أبرزها البصرة وميسان وبابل بعد معلومات تشي بدخول كميات كبيرة من المخدرات والحشيشة قادمة من إيران.
يأتي ذلك مع ارتفاع معدل الجريمة المنظمة والانتحار في عدد من مدن جنوب العراق. عزا مختصون سبب ذلك إلى انتشار المخدرات خصوصاً بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما.
وقال مسؤول رفيع في وزارة الداخلية العراقية لـ"العربي الجديد" إن "الحملة تشارك بها قوات الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز الأمن الوطني، وتستهدف مناطق في البصرة وميسان وبابل فضلا عن مناطق أخرى".
وبيّن أن الحملة جاءت بناء على معلومات استخبارية دقيقة، واعترافات لسيدة ضبط بحوزتها أكثر من كيلو ونص الكيلوغرام من المخدرات كانت تخطط لتسليمها لأحدهم في البصرة قادمة من محافظة ميسان الخميس الماضي. واعترفت بوجود كميات كبيرة لدى شبكات تهريب وترويج المخدرات بالبلاد.
ويعاقب القانون العراقي السابق قبل الاحتلال بالإعدام شنقا على مروجي المخدرات، إلا أنه بعد الاحتلال ألغي القرار وفرض عقوبات بالسجن تصل إلى 20 عاما. وتعتبر إيران المورد الوحيد للمخدرات إلى العراق عبر عصابات تنشط على طول الحدود.
ولا توجد أرقام دقيقة بأعداد المدمنين على المخدرات بالعراق، إلا أن مسؤولين في وزارة الداخلية يؤكدون ارتفاعها، واصفين الوضع بالمخيف. ومنهم من يقدر معدلات الإدمان بين الشباب بنسب تتراوح بين 4 و5 في المائة.
وكشفت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة المخدرات العراقية عن تسجيل أكثـر من 7000 حالة إدمان على المخدرات في العراق في عام 2017 الماضي.
وتحتل العاصمة بغداد المرتبة الثانية بعد البصرة التي تتصدر مدن البلاد بكمية تعاطي المخدرات والاتجار بها.
وأكد رئيس شرطة البصرة، اللواء عبد الكريم مصطفى مزعل، في مؤتمر صحافي سابق أن أكثر من ثلاثة آلاف متعاطٍ للمخدرات و1450 تاجر مخدرات اعتقلوا العام الماضي.
وأضاف: "خلال العام الماضي حققنا الكثير في هذا الصدد، إذ بلغ عدد المعتقلين أكثر من ثلاثة آلاف شخص وهناك عدد قياسي من التجار المعتقلين. وبلغ العدد أكثر من 1450 شخصاً خلال 2017".
وفي هذا السياق، قال العقيد مالك عبد النبي الطائي من شرطة البصرة لـ"العربي الجديد" إن الحملة ستستمر عدة أيام ولها أهداف محددة مسبقا، مشيراً إلى "مداهمة منازل ومبانٍ مختلفة تمثل أوكارا لعصابات ترويج وتجارة المخدرات وتهريبها".
وأكد اعتقال عدد منهم خلال الساعات الأولى من بدء الحملة، ومصادرة كميات كبيرة من المخدرات والحشيشة.
ويقول خبراء في مجال الأمن المجتمعي العراقي إن مكافحة الدولة للمخدرات يجب ألا تكون على شكل حملات بل ببرنامج يستمر طول أيام السنة.
ووفقا لمستشار معهد محاربة الإدمان ببغداد فلاح راضي، فإن "هذه الحملة لن تقضي بالكامل على المخدرات في جنوب العراق فتلك المناطق بحاجة لملاحقات مستمرة لتجار المخدرات، واعتقالهم ومتابعة خطوط توريد ونقل المخدرات التي تصلهم من إيران، وهذا يعني ضرورة ضبط الحدود".
وبيّن راضي لـ"العربي الجديد" إن" أكثر أنواع المخدرات انتشاراً في جنوب العراق هي الكوكايين والحشيش والكريستال. وحدثت بعض المواجهات المسلحة مع بعض من تجار المخدرات في بعض مناطق الجنوب وخاصة في البصرة التي تعتبر أخطر أماكن انتشار المخدرات في عموم البلاد".
وبدأت المخدرات بالانتشار في العراق بعد احتلال البلاد عام 2003 وحل كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية من قبل سلطة الاحتلال الأميركي آنذاك، ما أتاح لتجار ومهربي المخدرات فرصة كبيرة بسبب الفراغ الأمني.
وارتفعت بسبب انتشار المخدرات نسبة جرائم القتل العمد والخطف والسطو المسلح وجرائم الاغتصاب في العاصمة بغداد ومدن الجنوب بشكل لافت. وعزت وزارة الداخلية 60 في المائة من تلك الجرائم إلى متعاطين للمخدرات.