في مواجهة رجال الشرطة المدججين بالسلاح والدروع، راحت الشابة المتظاهرة تهتف، لعلّ صوتها يصل إلى المعنيين. لن تشتبك معهم. الأمر محسوم. اللاعنف خيارها. ولا يبدو مهمّاً تحديد زمان هذه اللقطة ولا مكانها، فهي قد تتكرّر في أكثر من موقع ومناسبة.
وخيار اللاعنف، لا شكّ في أنّه تحدٍّ كبيرٌ في عالمنا اليوم. لطالما كان كذلك، غير أنّ العنف المتنامي الذي يبسط سطوته على كلّ مفصل من مفاصل واقعنا يوجب اتخاذ قرار حاسم. وواقعنا يشتمل أحوالنا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك العائلية والتربوية والصحية وغيرها.
أمس، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، احتفل العالم كما في كلّ عام، باليوم الدولي للاعنف. وقد اختير هذا التاريخ لهذه المناسبة، إذ إنّه تاريخ ميلاد المهاتما غاندي، زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة اللاعنف واستراتيجيته. وهذا اليوم الدولي يُعدّه القائمون عليه مناسبة "لنشر رسالة اللاعنف، بما في ذلك عن طريق التعليم وتوعية الجمهور"، مشدّدين على "الأهمية العالمية لمبدأ اللاعنف" والرغبة "في تأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم واللاعنف".
وللتذكير، يؤكّد هؤلاء القائمون على هذا اليوم، أنّ مبدأ اللاعنف المعروف كذلك بـ"المقاومة اللاعنيفة" يرفض استخدام العنف الجسدي لتحقيق تغيير اجتماعي أو سياسي. وهذا الشكل من أشكال الكفاح الاجتماعي، الذي يوصَف كثيراً بأنّه "سياسة الناس العاديين"، تبنّته جماهير من مختلف أنحاء العالم في حملات ترمي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.
لا شكّ في أنّ كثيرين يسلّمون بعدم جدوى ذلك الخيار، فالمعطيات التي تدعم رأيهم كثيرة من حولنا، ويؤكدون على أنّ التحدي كبير. لا يُلامون على ذلك، غير أنّ المحاولة ربّما تكون مجدية.