أعلن رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، الثلاثاء، تلقيه رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي تفيد باعتراضه على عدد من مواد مشروع قانون البحوث الطبية والإكلينيكية، المعروف إعلامياً بقانون "الأبحاث السريرية"، في سابقة تعد الثانية في تاريخ المجالس النيابية المصرية.
وأرجع السيسي اعتراضه إلى مخالفة القانون، الذي وافق عليه البرلمان في 14 مايو/أيار الماضي، للمادة (60) من الدستور، والتي تقضي بأن لجسد الإنسان حرمة، وقال في خطابه إلى البرلمان: "الاعتراض جاء بعد ورود العديد من الملاحظات حول الأحكام الخلافية في هذا المشروع، والتي تراوحت بين تأييد مفرط، ونقد متشكك، وكذلك تزامن ورود رسائل عديدة من بعض الدوائر العلمية والمهنية بأحكامه، والتي تُشير في مجملها إلى استمرار حالة الجدل داخل وخارج البرلمان في خصوص عدد غير قليل من مواد هذا المشروع".
وأضاف السيسي أنه وجّه بسرعة استطلاع رأي المجلس الاستشاري لكبار العلماء والخبراء التابع للرئاسة، موضحاً أن الاعتراضات تلخصت في سبع مواد تحتوي على نصوص تشترط موافقة الهيئات القومية الرقابية، والمخابرات العامة، على بروتوكول البحث ومتابعة وتنفيذ البحوث، وكذلك التفتيش عليها بعد موافقة اللجنة المؤسسية في الجهة البحثية.
وتابع الخطاب: "نظراً لأن الأبحاث الطبية الإكلينيكية تشكل رسائل الماجستير والدكتوراه، والأبحاث الحرة، والأبحاث الممولة، في كليات الطب والصيدلة، والعلاج الطبيعي، والعلوم، في جميع الجامعات والمعاهد والهيئات البحثية المصرية، ما يعني وجود أعداد هائلة من الأبحاث كل شهر يستحيل معه متابعة جميع هذه الأبحاث إلا بواسطة اللجان المؤسسية الموجودة حالياً في كل جهة بحثية (حوالي 16 ألف بروتوكول في العام الواحد)"، علماً بأن عدد الأبحاث الطبية والإكلينيكية التي تجرى في وزارة الصحة لا تمثل إلا جزءا ضئيلا من مجمل هذه البحوث داخل البلاد.
وأشار الخطاب إلى أنّ إرسال عينات بشرية إلى الخارج سوف يترتب عليه عقوبات شديدة، تشمل السجن بالإضافة إلى الغرامة، بدعوى حماية الجينات المصرية من العبث بها، في حين أن الجينات المصرية قد تمت دراستها بواسطة مؤسسة "نمرو" التابعة للبحرية الأميركية، كما يوجد أكثر من 10 ملايين مصري بالخارج يمكن بسهولة الحصول على تركيبهم الجيني.
وطالب الرئيس المصري، مجلس النواب، بالعمل على إعادة دراسة مشروع القانون من خلال مشاركة أوسع من الجهات المعنية، وإقرار قانون يساير النظم القانونية، ويدعم منظومة البحث العلمي.
من جهته، علق رئيس البرلمان بالقول إن "رد مشروع القانون مؤشر على حيوية الحياة السياسية، والتفاعل الصحي بين جميع السلطات"، معتبراً أن "الخطاب كشف حرص الرئيس على خروج القانون بأكبر قدر من التوافق، خاصة أنه كان بالفعل محل جدل كبير بين أعضاء لجنة الصحة في البرلمان، وكان من المفترض إحالته إلى لجنة التعليم والبحث العلمي".
وأشار عبد العال إلى أنه سبق أن تلقى اتصالات من عمداء كليات الطب، وغيرها من الكليات المعنية، أبدوا خلالها انزعاجهم من مشروع القانون، موضحا أنه طلب من رئيس لجنة الصحة، الاستماع إلى وجهات نظرهم، إلا أنه كان في ظروف حالت دون ذلك.
وكان البرلمان اشترط عرض نتائج الأبحاث على المخابرات العامة بذريعة الحفاظ على الأمن القومي، في حين نص القانون على إنشاء مجلس أعلى للبحوث بقرار من وزير الصحة، لوضع الضوابط الخاصة بالبحث الإكلينيكي وأخلاقياته، والتفتيش على الجهات البحثية للتأكد من تطبيق معايير الممارسة الطبية، وفحص الشكاوى التي ترد من الأفراد أو الجهات ذات الصلة.
ونص القانون على عدم جواز اقتصار إجراء البحث الطبي على مجموعة معينة من البشر، أو على الفئات المستحقة لحماية إضافية، إلا إذا كان البحث ضرورياً، ومتعلقاً بأمراض خاصة بهم، مع توافر المبررات العلمية والأخلاقية للاستعانة بهم، شرط الحصول على الموافقة المستنيرة من كل منهم أو من الممثل القانوني، وفق الضوابط والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية.
وتضمن القانون مواد عقابية، شملت السجن وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، لكل من أجرى بحثاً من دون الموافقة المستنيرة للمبحوث تصل إلى السجن المشدد، وغرامة أقصاها 500 ألف جنيه، إذا ما ترتب عليه حدوث عاهات مستديمة، والسجن عشر سنوات، وغرامة تصل إلى مليون جنيه، في حالة الوفاة.