تستمر قوات النظام السوري في حملات الاعتقالات في مناطق "المصالحات"، إذ شملت مؤخراً، بالإضافة إلى ملاحقة الشباب، اعتقال نساءٍ في الغوطة الشرقية، بتهمة التواصل مع أقربائهم في إدلب.
وعلم "العربي الجديد"، من مصادر في الغوطة الشرقية، أن قوات النظام اعتقلت، في الأسابيع القليلة الماضية، نحو 11 امرأة، نصفهن في دوما والباقيات في كفربطنا، بتهمة التواصل مع أبنائهم وأزواجهم وأقربائهم في إدلب.
ويقول الناشط في مجال العمل المدني والإنساني، توفيق أبو أحمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ قوات النظام اعتقلت، قبل مدة، زوجته التي بقيت في مدينة دوما بريف دمشق، ريثما تجد حلاً لأملاك تعود لها، بعد تخوّفها من مصادرة النظام لتلك الأملاك واتخاذ منزلها مسكنا للشبيحة وقيامهم بتعفيش ما فيه من أثاث.
ويضيف "تزوجتها قبل عام تقريبا وقد كانت أرملة. زوجها السابق وقع ضحية قصف لقوات النظام على المدينة، وكنت قد عملت سابقا في مكتب إغاثي وآثرت الخروج كي لا أقع ضحية لخداع النظام وأعتقل، لأن النقمة علينا كبيرة لنشاطنا في مجال العمل المدني والإنساني، لكن زوجتي رفضت الخروج لتدبير بعض الأمور، وكانت تتواصل معي حتى انقطع الاتصال بها وعلمت من أقارب أن النظام قد اعتقلها بذريعة أنها تتواصل معي. وهذا أمر يحزنني وألوم نسي كثيرا، لأنني أنا السبب في اعتقالها وإبعاد أبنائها عنها. لقد تشتتت الأسرة أنا في الشمال وزوجتي في السجن وطفلاها لا يزالان في مدينة دوما لدى أقرباء لنا. ما ذنبهما وماذا فعلا من جرم حتى يكونا ضحية للشتات؟".
ولا يخفي سامر أبو محمد (53 عاما) قلقه وحزنة على ابنه الشاب الذي اعتقل قبل أيام من مدينة درعا، إذ اقتادته قوات النظام للسجن، بعد بقائه في المدينة مطمئنا أنه سيعود للدراسة في جامعة دمشق، ويتم عامه الأخير بدراسة اللغة الإنكليزية هناك، وبعدها يمكنه أن يغادر سورية بحثا عن عمل جيد ليعين أهله.
ويتحدث الخمسيني، لـ"العربي الجديد"، قائلا: "لم ينخرط ابني في أي عمل عسكري ضد النظام، وعند اتفاق المصالحة آثر البقاء علّه يتخرّج من الجامعة ويؤمّن مستقبله، لم نكن ندرك أنه قد يقع ضحية للنظام، وكنا نظن أنه في مأمن من الاعتقال. واليوم نحاول بشتى الوسائل معرفة سبب اعتقاله، محاولين تخليصه، ولم نعد نريد سوى رؤيته بيننا، ولا نريد جامعة أو تخرّجا".
ويشير علاء منذر (41 عاما)، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه لا أمان مطلقا من الملاحقة والاعتقال في مناطق المصالحات، وقضية الضمانات والوعود هي مجرد كلام عابر لخداع الناس وحقُن مخدرة لا أكثر، وهذا ما حدث لنا فعلا في الغوطة الشرقية، حيث بدأ النظام ملاحقة الشبان واقتيادهم إلى مراكز تجنيد في صفوف قواته، كما اعتقل النساء اللواتي كن يتواصلن مع أقاربهن في الشمال السوري ممن خرجوا في اتفاق التسوية الأخير".
ويضيف: "بالنسبة لي كان خيار الخروج أفضل من البقاء، وإلا كان مصيري هو الاعتقال، فقد كنت من بين نشطاء المظاهرات السلمية ضد النظام منذ عام 2011، وصدرت بحقنا العديد من مذكرات البحث لكثير من الأفرع الأمنية، وهذه مصيبة كبيرة على العائلات التي اعتقل أحد أفرادها في الفترة الأخيرة، فهم لا يستطيعون حتى السؤال أو الاستفسار عن ذويهم".