شهدت عدة مدن في الضفة الغربية، اليوم الخميس، اعتصامات ميدانية للعمال والموظفين في القطاع الخاص، بالميادين العامة، وأمام مؤسساتهم وشركاتهم، رفضاً لإصرار الحكومة الفلسطينية على إنفاذ قانون الضمان الاجتماعي في الموعد الذي حددته انطلاقاً من اليوم، رغم استمرار الاحتجاجات الرافضة إنفاذه ببنوده الحالية دون تعديلها.
وعمّ الإضراب التجاري مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، اليوم، بالتزامن مع اعتصام نفذه أكثر من ألف عامل وموظف على ميدان ابن رشد وسط مدينة الخليل، تعبيرا عن رفضهم إنفاذ القانون أمام تعنت الحكومة الفلسطينية، فيما بدأ العديد منهم اعتصاما مفتوحا في ميدان ابن رشد إلى حين الاستجابة لمطالبهم.
وقال منسق "الحراك الفلسطيني نحو قانون ضمان اجتماعي عادل"، صهيب زاهدة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الإضراب التزمت به العديد من المحلات التجارية والمصانع، ولم يتوجه العمال والموظفون في القطاع الخاص إلى أعمالهم، بالتزامن مع أول يوم لتطبيق قانون الضمان الاجتماعي من قبل الحكومة الفلسطينية".
وشدد زاهدة على أنه "بالرغم من وجود اعتصامات واحتجاجات رافضة للقانون، لكن الحكومة بقيت متعنتة في إنفاذه، نحن بدأنا بالاعتصام المفتوح اليوم في ميدان ابن رشد بمدينة الخليل، حتى تتراجع الحكومة عن قرارها وتلغي القانون".
وفي ميدان الساعة وسط مدينة رام الله، شارك نحو 20 موظفا في الشركات الخاصة، باعتصام رفضاً لإنفاذ قانون الضمان بصيغته الحالية، ورفعوا لافتات ترفضه، منها: "لا للضمان الاجتماعي"، و"ابني ومرتي يا وزير مش حصالة للتوفير"، و"ليش الخاوة يا وزير والراتب بيوم بطير".
إبراهيم الصالحي الموظف في مختبرات ميديكير الطبية، قال لـ"العربي الجديد": "جئنا اليوم لنعتصم، رفضا للقانون بصيغته الحالية، نحن نشعر بأنه غير منصف للموظفين، ويتم فيه الاقتطاع من قوت أبنائنا، علاوة على أن الأوضاع السياسية غير مضمونة".
بينما أكد الموظف في شركة سبيتاني، قصي عبيد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذا الاعتصام يأتي استكمالا للفعاليات التي شارك فيها آلاف الموظفين في الأيام الماضية، رفضا لقانون الضمان الاجتماعي"، مشددا على أن بنود القانون مجحفة بحق الموظفين، يقول: "نحن مستمرون في فعالياتنا حتى يتم إلغاء القانون أو تأجيله لفترة معينة حتى يتم تعديل البنود التي عليها خلاف".
ونفذ الموظفون في العديد من المؤسسات والشركات الخاصة اعتصامات أمام مقراتها، ظهر اليوم، في العديد من مدن الضفة الغربية، في الوقت الذي أكد "الحراك الفلسطيني نحو قانون ضمان اجتماعي عادل"، تواصل فعالياته الرافضة إنفاذ القانون بصيغته الحالية، خلال الأيام القادمة، وفق ما أكد الناشط في الحراك، محمود دبابسة، لـ"العربي الجديد".
وبعد يومين من اعتصام مركزي حاشد شهدته مدينة رام الله، بمشاركة آلاف العمال والموظفين في القطاع الخاص، الذين يستهدفهم تطبيق القانون، رفضا للقانون بصيغته الحالية، أكدت الحكومة الفلسطينية في بيان لها أمس الأربعاء، عقب جلستها الأسبوعية، البدء بتطبيق القانون وفقاً لجدول زمني بالشركات والمؤسسات يصدر عن مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي، بحيث يتم البدء بالشركات والمؤسسات التي يزيد عدد موظفيها عن 200 موظف.
وقررت الحكومة الفلسطينية، تأجيل فرض الغرامات الواردة في القانون لمدة شهر، على من يتخلف عن الانضمام وفقاً للجدول الزمني الذي سيصدره مجلس إدارة مؤسسة الضمان.
وأكدت الحكومة أن اللجنة الوزارية التي شكلتها للحوار بشأن قانون الضمان الاجتماعي الأسبوع الماضي، قد باشرت أعمالها بتنفيذ توجيهات الرئيس محمود عباس بالاجتماع مع مختلف الأطراف ذات العلاقة من المؤسسات الأهلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، والنقابات، والاستماع إلى كافة الملاحظات والتساؤلات حول القانون ومناقشتها، وبما تقتضي المصلحة العامة للحفاظ على حقوق الفئات العمالية وحمايتها، وأن اللجنة ستقوم بدراسة كافة الملاحظات بشكل مستفيض.
دبابسة رفض إصرار الحكومة الفلسطينية على إنفاذ القانون في موعده قبل التوافق عليه، لكنه أشار إلى أن قرار الحكومة تأجيل فرض الغرامات، يعني بشكل عملي تأجيل تطبيقه لمدة شهر، طالما أن الشركات والمؤسسات ستسجل بشكل اختياري ودون غرامات، "لكننا نتمنى خلال هذا الشهر الوصول إلى توافق من خلال اللجنة الحوارية التي لم تتواصل معنا بعد، على تأجيل القانون، وفي حال تواصلت معنا فإننا سنطالب بإصدار قرار ورفع توصية للرئيس محمود عباس لوقف القانون إلى حين التوافق حوله".
ولفت إلى أن الحكومة لم تتواصل وبشكل رسمي مع الحراك لغاية الآن، وكل ما يجري هو فقط التواصل معهم من قبل المجلس الثوري لحركة فتح الذي يرعى الحوار، مشددا على أن تطبيق الحكومة القانونَ يأتي ضمن اعتبارها أن الاستجابة لمطالب العمال والموظفين هي انتقاص من شأنها.
وأكد دبابسة أن الحراك يطالب بضرورة وقف قانون الضمان الاجتماعي إلى حين التوافق حوله، وقال: إن "القانون وجد لخدمة الطبقة العاملة وهي ترفضه بصيغته الحالية، فكيف للحكومة أن تجبر الناس على تطبيقه دون التوافق حول جميع بنوده، بما فيها تشكيل مؤسسة الضمان الاجتماعي".
ويطالب "الحراك الفلسطيني نحو قانون ضمان اجتماعي عادل"، بـ 28 مطلبا قبل تنفيذ القانون بصيغته الحالية، تتعلق بالنقابات المهنية والنقابات العمالية والنقابات الحرة، وتعديل العديد من بنود القانون الحالية.
ووفق دبابسة، فإن القانون بصيغته الحالية الملزمة لا بد من تعديله، أو أن تجعله الحكومة اختياريا إن أرادت إنفاذه بصيغته الحالية، "فلا بد من أن يكون عادلا ومنصفا للناس حتى يتم إنفاذه، ومن غير المعقول إجبارهم على قانون ظالم".