ما زال جثمان الشهيد الفلسطيني رمزي أبو يابس محتجزاً لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ استشهاده برصاصها يوم الاثنين 26 نوفمبر/تشرين الثاني، في طريق عودته من زيارة لمريضة في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.
وأثناء سيره في شارع فرعي قرب بلدة بيت أمر، انحرفت مركبته عن الطريق، وكان أمامه عدد من جنود الاحتلال الإسرائيلي وضباط ما يسمى الإدارة المدنية، وعندها أطلق الجنود رصاصات عليه، واتهامه بتنفيذ عملية دهس.
رصاصات جنود الاحتلال حرمت عشرات المرضى الفلسطينيين من خدمات الممرض أبو يابس (32 سنة) والذي كان يجوب بسيارته قرى وبلدات مدينتي الخليل وبيت لحم لتقديم الرعاية الصحية لهم.
وفند عامر أبو يابس، شقيق الشهيد، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، رواية الاحتلال التي يتذرع فيها بأن ما جرى هو عملية دهس، ويصر على أن الأمر مجرد حادث سير سببه فقدانه السيطرة على مركبته، مرجحاً أن الحادث يعود لسبب طرأ على حالته الصحية.
كان الشهيد أبو يابس يعاني من ضعف في النظر، وأجرى خلال الأشهر القليلة الماضية عملية "قسطرة" لشرايين القلب، وهو عادة لا يقود وحيدا، لكنه غادر في يوم استشهاده وحده باتجاه مريضته لمساعدتها، ويرجح شقيقه أن سكتة قلبية حدثت له، أو أن ضعف النظر أثر على قيادته للمركبة التي انحرفت باتجاه الجنود.
لا تعي ياسمين الشام (ثلاث سنوات ونصف السنة) وهي الطفلة البكر للشهيد ما حدث، وما زالت قرب باب بيتها في انتظار عودة والدها من عمله، لتحضنه كما تفعل عادة، بينما يعلو صراخ شقيقتها الرضيعة أشرقت (ثلاثة أشهر) مع أصوات بكاء والدتها التي لم تستوعب صدمة فراق زوجها بعد.
غيّبت رصاصات الاحتلال ابتسامة الوالد عن طفلتيه وزوجته، ورغم ضجيج الرحيل إلا أن حضوره ما زال عالقا على جدران المنزل الحزين، وفي ذات الوقت يفتقده زقاق مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين جنوبي بيت لحم، والذي عاش فيه منذ ولادته بعد أن لجأ إليه والديه من قرية "القبو" قرب القدس عام 1948.
يشغل الشهيد منصب مدير قسم التمريض في مستشفى الجمعية العربية في مدينة بيت لحم، ومسؤول قسم التقرحات أيضا، ويشغل العمل حيزا كبيرا في حياته، وما تبقى كان للعلاقات الاجتماعية ومرافقة الأصدقاء، أو زيارة المرضى الذين هم بأمس الحاجة إليه في منازلهم كون عجزهم لا يمكنهم من زيارة المستشفيات.
وتحتجز قوات الاحتلال الإسرائيلي جثمان الشهيد أبو يابس في ثلاجاتها، ولم تسلمه لعائلته التي ما زالت تنتظر، ليرتفع عدد الشهداء الفلسطينيين المحتجزة جثامينهم في ثلاجات الاحتلال إلى 33 شهيدا منذ إبريل/ نيسان 2016.