عقد مجلس نواب الشعب التونسي، الأربعاء، جلسة عامة خُصّصت لمساءلة خمسة وزراء في حكومة يوسف الشاهد حول ملفات فساد إداري وشبهات تورط مسؤولين ومستشارين، بالإضافة إلى عدد من المشاريع المتعثرة وسياسات هذه الوزارات وبرامجها التي وصفها النواب بـ "الخاطئة".
وقال نائب رئيس البرلمان التونسي، عبد الفتاح مورو لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه الجلسات تدخل في صميم الوظيفة الرقابية لمجلس نواب الشعب على الحكومة، والتي ينص الدستور على أنها مسؤولة أمام البرلمان".
ووجّه أعضاء مجلس الشعب مجموعة من الأسئلة، طيلة اليوم، إلى وزراء الشاهد الخمسة الحاضرين، وهم وزير التعليم حاتم بن سالم ووزير التعليم العالي سليم خلبوص، وزير التشغيل والتكوين المهني فوزي عبد الرحمان ووزيرة الشباب والرياضة ماجدولين الشارني ووزير الثقافة محمد زين العابدين.
واعتبر النائب المعارض، زهير المغزاوي، أنّ مسؤولية وزارة التربية جسيمة في علاقة بالحريق الذي أودى بحياة تلميذتين في محافظة القصرين، وسط البلاد، في مبيت مدرسي بمدرسة إعدادية بمنطقة تالة، وطالب الوزير بالكشف عن نتائج التحقيق.
وطرحت النائبة عن الجبهة الشعبية مباركة عواينية، ملف البنية التحتية للمدارس وافتقار أغلبها للماء الصالح للشرب وانتشار أمراض فيروسية في المدارس والمبيتات بالمناطق الداخلية.
وطالب نائب حزب "نداء تونس"، عماد أولاد جبريل، الوزراء بالابتعاد عن التدخلات العشوائية وتقديم برنامج واضح ودقيق للإصلاح، ووضع استراتيجية للتنسيق في ما بينهم.
واشتكت النائبة عن الكتلة الديمقراطية، ريم الثايري، عدم تكافؤ الفرص والتوزيع بين محافظات البلاد، خاصة في الداخلية، مشيرة إلى تسييس الثقافة، وهو ما يعد قتلاً وخنقاً لهذا الميدان منددة بتأثير الانتماءات الحزبية على الخارطة الثقافية.
وأكد أمين عام حزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، على إهدار المال العام من قبل وزارة التشغيل عبر اعتماد آليات متعددة وغير ناجعة.
وقال وزير التعليم، حاتم بن سالم في رده على النواب، إنّ هناك شبهات فساد كبيرة بخصوص الخدمات المسداة من قبل ديوان الخدمات المدرسية، وبخصوص التمويلات المقدمة للجمعيات التنموية انكبت وزارة التربية على التحقيق فيها.
وحول اتّهامه بتحمل مسؤولية وفاة تلميذتين في مبيت مدرسي، قال "لقد قمت بزيارة عائلتي التلمذتين جراء الحريق، وتعهدت لهم بكشف حقيقة الحادث"، مبيناً أن التحقيقات المتعلقة بالحرائق التي جدت أخيراً ببعض المبيتات المدرسية أفضت إلى عدة تساؤلات حول تواترها وتزامنها في نفس المناطق والجهات، لذلك قامت الوزارة برفع قضية بهذا الشأن ضد مجهول على حد تعبيره.
ولفت وزير التعليم إلى أن البنية التحتية لأكثر من 500 مؤسسة تربوية تحتاج التدخل العاجل لصيانتها وهذا يتطلب إمكانيات مادية كبيرة على الدولة.
وفيما يتعلق باحتجاج نقابة التعليم الثانوي وقرارها خوض الإضراب غداً، بيّن بن سالم أنّ النقابة لها مطالب مالية لا يمكن للوزارة تحملها، وعملية حجب الأعداد التي تلوح بها غير قانونية، مؤكداً أنّ العلاقة مع النقابات يشوبها الاحترام المتبادل والحوار.
وحول السياسة التعليمية التي بدأها الوزير السابق، ناجي جلول، قال بن سالم إن نظام السداسي أثبت عدم نجاعته، وهناك ضرورة لإصلاح عميق في المنظومة التربوية وفق مقاربة تشاركية وفي إطار الحفاظ على المكاسب وتدعيمها.
من جانبه تعهد وزير التعليم العالي، سليم خلبوص، بإرسال تقرير إلى البرلمان حول عملية الإصلاح ومخرجات المؤتمر الوطني لإصلاح التعليم العالي، لافتاً إلى توجه الوزارة إلى إتاحة الفرصة لجميع الباحثين للاطلاع على كيفية صرف اعتمادات البحث العلمي في إطار عملية الإصلاح وتكريس الشفافية.
ونفى الوزير ما طرحه النواب حول التخفيض في ميزانية البحث العلمي، موضحاً أنّ الميزانية غير كافية.
كما فنّد صراعه مع نقابات التعليم العالي، مبيناً أن لائحة إضراب نقابة الأساتذة الجامعيين لم تتضمن دعوة للحوار ورغم ذلك دعوناهم للحوار والمشاركة في ندوة إصلاح منظومة التعليم العالي لكنهم تغيبوا عن ذلك، حسب قوله.
وأكد خلبوص أنه لا يمكن لأي أستاذ جامعي التدريس بالخارج دون أخذ الموافقة من وزارة التعليم العالي، "وفي هذا الإطار لا نعطي الموافقة في الاختصاصات التي نشكو فيها من نقص"، على حد تعبيره.
من جهته قال وزير التشغيل، فوزي عبد الرحمان، إن نسبة البطالة مستقرة في السنوات الأخيرة وبلغت 15.6 سنة 2017 وهي نسبة عالية مقارنة بالدول المجاورة، مبيناً أن هناك اختصاصات في مجال التكوين المهني تشهد عزوفاً على غرار قطاعات البناء والإكساء والجلود والأحذية، مقابل إقبال كبير على اختصاصات أخرى.
ولفت إلى أن الوزارة تتوفر على خطة للتقليص من العمل الهشّ وتشجيع الاقتصاد الاجتماعي التضامني، مشيراً إلى أن منظومة التكوين المهني موزعة بين القطاعين العام والخاص، ونحن بصدد مراجعة الاختصاصات لملاءمتها مع متطلبات سوق الشغل.