لم تُسجّل عمليات نشل كثيرة لحقائب النساء في العراق، غير أنّ العراقيات يحاولنَ أن يحتطنَ إذ إنّ قصص نشل الحقائب النسائية من قبل "متخصصين" تنتشر بين الناس. حوراء قيس من هؤلاء النساء، وتؤكد أنّها لا تبالي "إن سرق أحدهم حقيبتي، فأنا لا أضع فيها إلا بعض الكريمات وعلبة مناديل صغيرة".
وحوراء موظفة في وزارة الصناعة، تقول لـ"العربي الجديد" إنّها سمعت قصصاً كثيرة حول نشل حقائب النساء، وتخبر أنّ زميلة لها تعرّضت لعملية نشل في أثناء عودتها من العمل، وكانت تحمل في حقيبتها هاتفها وبعض الحلي وساعة يد. تضيف: "لذلك لم أعد أحمل في حقيبتي أشياء مهمّة أو نقودا، واعتدت ارتداء ملابس تحوي جيوباً أضع فيها المال وكلّ ما هو ذو قيمة، الهاتف المحمول على سبيل المثال".
وشرطة بغداد تتلقى باستمرار بلاغات من مواطنات يشتكينَ من نشل حقائبهنّ أو سرقة هواتفهنّ النقالة من قبل سارقين يمتازون بخفّة الحركة. ويقول النقيب علي العبيدي لـ"العربي الجديد" إنّ "الشرطة مستمرة في متابعة هذه الحالات، وباستمرار تلقي القبض على أشخاص متخصصين في هذا النوع من السرقات". ويشير إلى أنّ "الذين يمارسون عمليات النشل تلك كثر، ومن بينهم أشخاص لم يتجاوزوا الثامنة عشرة من عمرهم".
ويوضح العبيدي أنّ "المتخصصين بنشل الحقائب يعملون في الغالب في إطار عصابات صغيرة مؤلّفة من فردَين أو ثلاثة أفراد، ويعتمدون في تنقّلهم على الدراجات النارية ليتمكّنوا من الهرب سريعاً". يضيف العبيدي أنّ "ثمّة أشخاصاً من بين هؤلاء يخططون لسرقاتهم، فيراقبون محال الصيرفة وصاغة الذهب ويتحيّنون الفرصة لسرقة حقائب النساء اللواتي يخرجنَ من تلك المحال. كذلك، يراقب بعضهم المصارف، فيدخل أحد أفراد العصابة المصرف ويراقب النساء لمعرفة من التي وضعت نقوداً في حقيبتها. ويُصار إلى التنسيق مع زميله في الخارج على طريقة ما لسرقة المرأة المحددة عند خروجها من المصرف". ويتابع العبيدي أنّ "ثمّة أشخاصاً يراقبون مواعيد تسلّم دائرة حكومية، على سبيل المثال، مرتباتها، فيتبعون موظفاتها لينقضّوا على حقائبهنّ. وهؤلاء يحدّدون فرائسهنّ مسبقاً".
من جهتها، تبدو إسراء صبحي مطمئنّة. وتخبر "العربي الجديد" أنّ زوجها موظف معها في الدائرة نفسها وهو يوصلها في سيارته إلى البيت عندما تتقاضى راتبها في أوّل كلّ شهر، "لكنّني أتّخذ احتياطاتي من النشل في أوقات أخرى، عند خروجي بمفردي من الدائرة في مهام معيّنة، إذ أعمل في المجال الإنساني، أو عند خروجي للتسوّق أو لزيارة معارفي". تضيف إسراء: "أنا لا أخاف من مواجهة رجل، بل مستعدة لأيّ عراك بالأيدي، فأنا متدرّبة على الفنون القتالية، لكنّ سارقي الحقائب يمتازون بخفّة الحركة".
والحقيبة التي تُعَدّ ضرورية بالنسبة إلى النساء، يتمسّك بها البعض كقطعة مكمّلة للأناقة. ونرى نساء كثيرات يمتلكنَ عدداً كبيراً من الحقائب بألوان وتصاميم مختلفة تتناسب والملابس التي يرتدينها. لكنّ بعض أولياء الأمور فرضوا على بناتهم شروطاً رأينَها قاسية، إذ منعوهنّ من حمل الحقائب النسائية عند ذهابهنّ إلى جامعاتهنّ أو مراكز عملهنّ. وتشكو رفل إسماعيل من ذلك، لافتة إلى أنّها لا تتمكّن من الخروج بالمظهر الذي يعجبها إلا إذا كانت برفقة أحد أفراد العائلة. وتقول رفل لـ"العربي الجديد": "أقدّر حرص والدَي كثيراً، لكنّ هذا يؤلمني. ولديّ أمنية وحيدة أن يسود الأمان بلدنا لكي نشعر بالحرية".
وتشديد والدَي رفل يعود إلى أنّ والدتها كانت قد تعرّضت إلى عمليّة نشل قبل أكثر من ثلاثة أعوام، وعرفت حالة نفسية صعبة استمرت لأكثر من شهرين. فالشاب الذي نشل حقيبتها ركلها وأوقعها أرضاً. وتخبر رفل أنّ "والدتي كانت قد باعت ما تملكه من ذهب لكي تساعد والدي في تسديد ما تبقى من تكاليف بناء بيتنا، وخرجت من محل أحد الصاغة والمال في حقيبتها". تضيف أنّ "هذا ما أثّر عليها، ومنذ ذلك الحين صار والدي يرفض أن أحمل حتى حقيبة خالية من النقود. هو يخاف من أن أتعرّض للضرب من قبل أحدهم تمهيداً لنشل الحقيبة".
إلى ذلك، تشير ربى سعد الدين، وهي طالبة جامعية تعمل كذلك في محل لبيع الحقائب والأكسسوارات النسائية، إلى أنّ "الشابات يتابعنَ اليوم كل جديد في عالم الموضة عبر مواقع الإنترنت المتخصصة ويسعَينَ إلى اقتناء ما يلقى إعجابهنّ. وعمليات نشل الحقائب لم تؤثّر على إقبال النساء عليها، خصوصاً الشابات". وتقول لـ"العربي الجديد": "بالنسبة إليّ، أحمل حقائب تتناسب وملابسي، لكنّني أجعلها فارغة تحسباً لنشلها. هذا ما تفعله كثيرات من زميلاتي الطالبات، وهو ما أنصح به زبوناتي الشابات كذلك".