اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الثلاثاء أن على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إعطاء أولوية للإصلاحات الكفيلة بإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان أثناء فترته الرئاسية الثانية، واصفة حملة إعادة انتخابه بأنها احتقار لأبسط حقوق المواطنين.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن، في بيان نشر اليوم الثلاثاء "اتسمت حملة إعادة انتخاب السيسي باحتقاره لأبسط حقوق مواطنيه، وعليه أن يغير مساره ويترك إرثاً إيجابياً بدلاً من تذكره بصفته المستبد الذي أشرف على أزمة قمع حقوق الإنسان".
ودعت المنظمة حلفاء مصر مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي إلى حثّ السيسي على تنفيذ الإصلاحات التي اعتبرتها مدخلاً للسلم الأهلي والمصالحة.
إلغاء قانون الجمعيات لسنة 2017
اعتبرت المنظمة أن القانون الذي صدر في مايو/أيار 2017 حول الجمعيات الأهلية يقضي فعليا على المنظمات المستقلة، وينطوي على حملة قمع تكاد تكون بلا شبيه في تاريخ مصر على المنظمات غير الحكومية والنشطاء في عهد السيسي. ونددت بملاحقة المنظمات الحقوقية البارزة والنشطاء لملاحقات قضائية مطولة تُعرف بمسمى "قضية التمويل الأجنبي".
وشددت على الإلغاء الفوري لقانون الجمعيات الأهلية، وصياغة مشروع قانون جديد عبر حوار حرّ وشفاف مع المنظمات المستقلة، وإنهاء الملاحقات القضائية المعروفة بقضية التمويل الأجنبي، ووقف حظر السفر التعسفي وتجميد الأموال بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" و"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب".
ولفتت إلى أن على الرئيس السيسي التركيز على شل حركة الجماعات المتطرفة العنيفة، لا النشطاء السلميين. كما ركزت على إنهاء قمع العمال، على اعتبار أن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن أن ينجح دون حرية الحراك العمالي.
إنهاء الاختفاء القسري وإفلات الشرطة من العقاب
كذلك، أشارت المنظمة إلى أنه منذ تولى السيسي السلطة في 2013، توسعت أدوات القمع، وزادت أعمال الاختفاء القسري وإساءة المعاملة في السجون وتفشي التعذيب وربما القتل خارج نطاق القضاء بعد مارس/آذار 2015، بعدما عيّن السيسي مجدي عبد الغفار وزيرا للداخلية.
ووثقت "هيومن رايتس ووتش" الاستخدام الممنهج للتعذيب من قبل الشرطة المصرية وضباط الأمن الوطني لإجبار المحتجزين على الاعتراف أو كشف معلومات، أو كعقاب. ولفتت إلى عدم التحقيق أو محاكمة أي مسؤول أو عنصر أمني رغم انقضاء نحو 5 سنوات على أعمال القتل الجماعي للمتظاهرين السلميين بميدان رابعة في القاهرة، مشيرة إلى مقتل 817 متظاهرا على الأقل في يوم واحد، ما يُرجح كون ما جرى جريمة ضد الإنسانية.
ودعت إلى عدم إفلات الشرطة من العقاب والتحقيق في الانتهاكات وإيقاف الاختفاءات القسرية والتعذيب وأن تكون تلك التدابير في صدارة أولويات السيسي في فترته الثانية. وأن يبدأ النائب العام ووزارة العدل فورا في تحقيقات جدية وشفافة في تلك الانتهاكات.
وطالبت السيسي بإنهاء حالة الطوارئ التي فرضها منذ أبريل/نيسان 2017 ويمددها منذئذ.
توسيع هامش حرية التعبير
وأوضحت المنظمة أن عدد المعارضين السلميين المعتقلين في عهد السيسي وصل إلى عشرات الآلاف، وهناك 20 صحافيا على الأقل وراء القضبان. ودعت حكومة السيسي إلى مراجعة حالة المعتقلين والإفراج عن الآلاف ممن حوكموا جراء نشاطهم السلمي، ومراجعة قانون التظاهر التقييدي الصادر في 2013 بما يشمل الكف عن احتجاز المتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقوقهم الدستورية.
ورأت أن الإفراج عن المعتقلين دون وجه حق، يمكن أن يمثل خطوة هامة نحو المصالحة لإنهاء الأزمة السياسية والحقوقية في مصر.
حماية الأقليات
واعتبرت "هيومن رايتس ووتش" أيضاً أن على السيسي أن ينهض بمسؤولياته كرئيس لكل المصريين ويتخذ خطوات عاجلة لحماية الأقليات الدينية والجندرية والجنسية. وأن يدعم إعداد إطار قانوني متكامل لحماية الأقليات وتجريم كل أشكال التمييز والاضطهاد بحقهم.
وأشارت إلى أن المسيحيين الأقباط، ويقدرون بنحو 10 بالمائة من السكان وهم مستهدفون تاريخيا بالتمييز القانوني والاجتماعي، وقعوا ضحايا لهجمات طائفية متزايدة منذ صعود السيسي إلى السلطة.
كما دأبت السلطات المصرية على اضطهاد مجتمع الميم بلا هوادة، مع تعقب وزارة الداخلية لهم ومحاصرتهم عبر تطبيقات المواعدة ومنصات التواصل الاجتماعي. وأكدت أنه منذ تولي السيسي للسلطة لوحق نحو 230 شخصا قضائيا وحكم على أكثر من 50 شخصا بالسجن بتهمة "الفجور"، كما تعرض بعضهم لفحوصات شرجية قسرية، وهو ما يعد من أشكال التعذيب.
يشار إلى أن السيسي فاز في 2 أبريل/نيسان 2018 بالانتخابات الرئاسية، بعد أشهر من الترهيب والاعتقالات للمرشحين المحتملين الآخرين.
(العربي الجديد)