انطلقت صباح اليوم الثلاثاء، في الدنمارك، حملة بمشاركة عشرات آلاف المواطنين في مبادرة لقيادة الدراجات بدل السيارات والحافلات نحو أعمالهم.
ووفقا للمنظمين، فإنّ أكثر من 6000 مكان شغل، حول البلد، يشجع موظفيه وعماله على المشاركة في المبادرة المستمرة طيلة شهر مايو/ أيار. ومنذ تدشين الحملة سنة 1997 تضاعف عدد المشاركين فيها من 30 ألفا إلى "60 ألفا العام الماضي وانضمام نحو 100 ألف دراج هذا العام إلى المبادرة بالتسجيل في الموقع الرسمي"، بحسب ما تذكر مديرة الإعلام في المبادرة، يانا كوفود، لـ"العربي الجديد".
وتعتقد كوفود بأن "حوالي 60 ألفا سيبقوا ملتزمين يوميا بالتنقل عبر الدراجات الهوائية نحو أعمالهم لهذا الشهر". وتأسست هذه المنظمة المهتمة بنشر ثقافة استخدام الدراجات الهوائية بين الدنماركيين في عام 1905.
ووفقا لما تقول المنظمة في بيان صحافي، فإنّ "توسيع المبادرة هذا العام من أسبوع إلى شهر لأسباب عدة، جزء منها مرتبط بتعزيز الصحة الشعبية، وتحفيز من انحسرت لديهم تمارين اللياقة اليومية، بسبب الانشغالات اليومية مع الأسرة وسوق العمل". ويؤكد مدير المنظمة، كلاوس بوندام، أن "التخلي عن وسائل المواصلات السلبية، كالسيارات والحافلات، للوصول إلى العمل يعود بالفائدة على المشاركين والمجتمع".
وبحسب أرقام رسمية متخصصة في العلاقة بين اللياقة والانتقال من وإلى العمل على متن الدراجات، فإن "أماكن التوظيف شهدت انخفاضا بأيام التغيب المرضي بمقدار 5 أيام سنويا، والمشاركة في اللياقة باستخدام الدراجة تحفز الزملاء بالعدوى الإيجابية". ومن إيجابيات المشاركة ترى المنظمة أيضا أن "التدريج مع بضعة زملاء يوميا يخلق زمالات وصداقات وأحاديث تخفف التوتر، وتحفز على علاقات اجتماعية بين المتنقلين بهذه الوسيلة، أكثر مما يمكن أن تتيحه الحافلات أو السيارات".
أرباب العمل ليسوا سلبيين أيضا في تشجيع موظفيهم في ركوب الدراجات، فهؤلاء يقدمون حوافز، كما تفعل نقابة الدراجين، بمسابقات في أماكن العمل لمن يتنقلون بالدراجات، بل وتدفع الشركات 60 كرونة (حوالي 10 دولارات) عن كل موظف يشارك للقيام بنشاطات اجتماعية داخل المقرات، وعينهم على تخفيض أيام الإجازات المرضية.
ويقدم المبادرون للحملة نصائح حتى لمن لم يمارسوا ركوب الدراجات لفترات طويلة، بالاتفاق مع زملاء آخرين للالتقاء في نقطة معينة عند وقت محدد، وأن يأخذ الموظف صباحا مسارا أطول بقليل من الطريق المختصر، والخروج مبكرا من المنزل.
ويضيف القائمون على الحملة أنه "ليس بالضرورة أن يدرج الإنسان بسرعة محددة، فاتخاذ طرق بديلة تتخللها طلعات يعتبر جيدا للساقين وحركة الدم، والقيادة بسرعة نزولا لها فوائد للقلب، وتختار أنت بنفسك طريقة قيادة دراجتك".
ولا يغيب عن بال المشجعين لركن السيارات "تخفيض الانبعاثات الغازية وتلوث البيئة فضلا عن كون المرور بمناطق خضراء ممتع للنظر والصحة النفسية". وتؤكد دائرة الصحة الوطنية أن "صحة الدنماركيين تتراجع بسبب استنكافهم عن التمارين والتحرك أقل من السابق. وفي خريف العام الماضي أكدت دراسة صادرة عن جامعة كوبنهاغن أن "من يعانون السمنة سيجدون في الدراجات الهوائية أفضل وسيلة للتخلص من الوزن الزائد واستعادة اللياقة باعتماد الدراجة وسيلة انتقال من وإلى العمل".
وتنتشر ثقافة استخدام الدراجات الهوائية في الدنمارك بشكل كثيف، ويشارك فيها الكبار والصغار، حيث عادة ما يعج الصباح الدنماركي بأطفال يأخذون دراجاتهم نحو المدارس، وبعضهم برفقة الأهل الذين يتابعون مسار دراجات الصغار. وتخصص شوارع الدنمارك ارتباطا عبر مسارات دراجات هوائية تجعل الدراج قادرا على قطع مساحة الدنمارك من شمالها إلى جنوبها دون أية عوائق. ويمكن للدراجين أيضا قطع مسافة معينة، وركن دراجاتهم في مكان ما لينطلقوا في القطار أو الحافلة، إذا كانت المسافة طويلة جدا. كما تتيح الحافلات ووسائل النقل للمواطنين نقل دراجاتهم الهوائية معهم.
جدير بالذكر أن المبادرة تأتي إلى جانب الاستخدام المكثف للدنماركيين لدراجتهم الهوائية، التي تعد جذابة للاقتناء لدى كل الفئات العمرية، وبأسعار تصل أحيانا إلى كلفة سيارة متوسطة السعر.