الأزمة الاقتصادية الخانقة في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، بما فيها من شح الدعم وخصم الرواتب أو منعها، أنست السكان بهجة شهر رمضان وإفطاراته
شهر رمضان الحالي في قطاع غزة هو الأقسى عليهم منذ سنوات مع ما فيه من بؤس وحزن. قبل يومين من بدايته ودع سكان القطاع عشرات الشهداء، كما أصيب الآلاف، في احتشادهم على الحدود في ذكرى النكبة عام 1948، واعتراضاً على نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس. لكنّ الظروف الاقتصادية السيئة في القطاع هي التي تحرم سكانه من بهجة الشهر الكريم منذ بدايته.
تفتقد الأسواق والشوارع الغزية ملامح شهر رمضان، والأزمة الاقتصادية الأكبر هي على السكان الأشدّ فقراً في القطاع، وهم من الأسر التي تعتمد على المساعدات الإغاثية الإنسانية من بعض الجمعيات الخيرية ومبالغ من وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية. فالمساعدات لم تعد تأتي إلى غزة نتيجة تقلص كبير لدعم الجمعيات الخيرية، إلى جانب انتهاء الشهر الرابع من دون صرف مبالغ الوزارة التي اعتادوا الحصول عليها كلّ ثلاثة أشهر. وبحسب بيانات وزارة التنمية الاجتماعية، فإنّ 75 في المائة من الغزيين يعتمدون على المساعدات الإغاثية والإنسانية المقدمة من الأونروا وغيرها من وكالات الإغاثة الدولية والمحلية.
اقــرأ أيضاً
في هذا الوضع لا تستطيع أم سائد تأمين طعام رمضان. افتقدت السلة الغذائية التي اعتادت عليها من جمعيتين إلى جانب مبلغ مالي. هي جدة لأربعة أطفال أيتام استقروا في السكن معها، بعدما تزوجت أمهم قبل خمسة أعوام. تقول أم سائد لـ"العربي الجديد": لم أعش طوال حياتي بمثل هذا الوضع المتدني، حتى أنّي أعددت في أول أيام رمضان فتة عدس بدلاً من إعداد وجبات تشبع أحفادي". تضيف: "رمضان لم يحلّ أصلاً في غزة، فهو حزين على حالنا وعلى دولنا العربية وحكامها الذين يكتفون بشعارات على الإذاعات والفضائيات".
الحال نفسها لدى أسرة أحمد بكار (40 عاماً). هو عاطل من العمل منذ أربعة أعوام وكان يعمل حداداً. في ظل اشتداد الحصار الإسرائيلي على غزة ومنع المعدات الحديدية لدى ورش العمل، توقف عن مزاولة مهنته تماماً، وبات يعتمد على المساعدات الإنسانية من إحدى الجمعيات الخيرية المحلية التي تحصل على دعم خارجي، كما كان يحصل على كوبونات الإغاثة الكاثوليكية، ومبلغ من الشؤون الاجتماعية. يقول بكار لـ"العربي الجديد": "وفّر لي عملاً ولا أريد أن أمدّ يدي للمساعدات، فما ذنب أطفالي الثلاثة إذ لم أستطع إحضار فوانيس رمضان لهم، بل حتى الطعام. بتنا جائعين، وغزة ستصبح الصومال قريباً، فالأسواق مثل المقابر والبهجة نراها على التلفزيون لكي نشعر أنّنا في شهر رمضان بشكل افتراضي".
يبلغ عدد المستفيدين من مخصصات الشؤون الاجتماعية في قطاع غزة نحو 71 ألف مستفيد ويعتمد عليها قرابة نصف مليون غزي، وتتراوح المخصصات لكلّ عائلة بما بين 200 دولار أميركي و470 للدفعة الواحدة كلّ ثلاثة أشهر، وتذهب هذه المبالغ إلى العائلات الأشد فقراً، وأخرى لديها أشخاص من ذوي الإعاقة، وأرامل الشهداء، وتذهب إما لتأمين إيجار منازلهم أو للأدوية أو للطعام.
ليس الأشد فقراً فقط من لا يعيشون أجواء رمضان هذا العام في غزة، فمع استمرار العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية في رام الله على موظفيها، بات الموظفون يتلقون 50 في المائة من الراتب بدلاً من 70 في المئة، ما زاد في حدّة أزمتهم. أحمد أبو جرير، مثلاً، موظف في أحد الأجهزة الأمنية، لم يتقاضَ أيّ مبلغ من راتبه بعد ارتفاع الخصوم، ومع دخول رمضان توجه إلى إحدى المؤسسات الخيرية لتسجيل اسمه من قائمة الأسر الأشد فقراً لتصرف له كوبونات غذائية إغاثية. لم يكن هو الوحيد الذي لجأ إلى الجمعيات الخيرية لطلب إغاثة غذائية، فقد صادف ثلاثة من زملائه هناك، ممن اضطروا إلى البحث عن جمعيات لإغاثة أطفالهم، ومنهم من بعثوا برسائل إلى الجمعيات على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي. يقول أبو جرير لـ"العربي الجديد": "كلّ موظف تابع للسلطة الفلسطينية خلفه أسرة مكونة من خمسة أفراد، على الأقل، ونسبة كبيرة منهم من أصحاب القروض، فمن أين يستطيعون العيش الآن؟ هكذا أصبحنا متسولين في هذا الشهر الكريم الذي من المفترض أن نحضّر فيه أطعمة شهية لأبنائنا".
اقــرأ أيضاً
مسؤولة برنامج التكافل الإغاثي في جمعية الصلاح الخيرية، نسرين أبو ندى، توضح أنّ الدعم في شهر رمضان الحالي تقلص إلى الثلث في غالبية الجمعيات الخيرية، فقد قطعت مساعدات عن البعض لتقدم حصراً إلى الأسر التي تمر في ظروف إنسانية استثنائية، مع "غياب أيّ شخص قادر على العمل في الأسرة". تقول أبو ندى لـ"العربي الجديد": "يومياً نستقبل عشرات الحالات في خمس محافظات، لكن لا نستطيع مساعدة الجميع".
شهر رمضان الحالي في قطاع غزة هو الأقسى عليهم منذ سنوات مع ما فيه من بؤس وحزن. قبل يومين من بدايته ودع سكان القطاع عشرات الشهداء، كما أصيب الآلاف، في احتشادهم على الحدود في ذكرى النكبة عام 1948، واعتراضاً على نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس. لكنّ الظروف الاقتصادية السيئة في القطاع هي التي تحرم سكانه من بهجة الشهر الكريم منذ بدايته.
تفتقد الأسواق والشوارع الغزية ملامح شهر رمضان، والأزمة الاقتصادية الأكبر هي على السكان الأشدّ فقراً في القطاع، وهم من الأسر التي تعتمد على المساعدات الإغاثية الإنسانية من بعض الجمعيات الخيرية ومبالغ من وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية. فالمساعدات لم تعد تأتي إلى غزة نتيجة تقلص كبير لدعم الجمعيات الخيرية، إلى جانب انتهاء الشهر الرابع من دون صرف مبالغ الوزارة التي اعتادوا الحصول عليها كلّ ثلاثة أشهر. وبحسب بيانات وزارة التنمية الاجتماعية، فإنّ 75 في المائة من الغزيين يعتمدون على المساعدات الإغاثية والإنسانية المقدمة من الأونروا وغيرها من وكالات الإغاثة الدولية والمحلية.
في هذا الوضع لا تستطيع أم سائد تأمين طعام رمضان. افتقدت السلة الغذائية التي اعتادت عليها من جمعيتين إلى جانب مبلغ مالي. هي جدة لأربعة أطفال أيتام استقروا في السكن معها، بعدما تزوجت أمهم قبل خمسة أعوام. تقول أم سائد لـ"العربي الجديد": لم أعش طوال حياتي بمثل هذا الوضع المتدني، حتى أنّي أعددت في أول أيام رمضان فتة عدس بدلاً من إعداد وجبات تشبع أحفادي". تضيف: "رمضان لم يحلّ أصلاً في غزة، فهو حزين على حالنا وعلى دولنا العربية وحكامها الذين يكتفون بشعارات على الإذاعات والفضائيات".
الحال نفسها لدى أسرة أحمد بكار (40 عاماً). هو عاطل من العمل منذ أربعة أعوام وكان يعمل حداداً. في ظل اشتداد الحصار الإسرائيلي على غزة ومنع المعدات الحديدية لدى ورش العمل، توقف عن مزاولة مهنته تماماً، وبات يعتمد على المساعدات الإنسانية من إحدى الجمعيات الخيرية المحلية التي تحصل على دعم خارجي، كما كان يحصل على كوبونات الإغاثة الكاثوليكية، ومبلغ من الشؤون الاجتماعية. يقول بكار لـ"العربي الجديد": "وفّر لي عملاً ولا أريد أن أمدّ يدي للمساعدات، فما ذنب أطفالي الثلاثة إذ لم أستطع إحضار فوانيس رمضان لهم، بل حتى الطعام. بتنا جائعين، وغزة ستصبح الصومال قريباً، فالأسواق مثل المقابر والبهجة نراها على التلفزيون لكي نشعر أنّنا في شهر رمضان بشكل افتراضي".
يبلغ عدد المستفيدين من مخصصات الشؤون الاجتماعية في قطاع غزة نحو 71 ألف مستفيد ويعتمد عليها قرابة نصف مليون غزي، وتتراوح المخصصات لكلّ عائلة بما بين 200 دولار أميركي و470 للدفعة الواحدة كلّ ثلاثة أشهر، وتذهب هذه المبالغ إلى العائلات الأشد فقراً، وأخرى لديها أشخاص من ذوي الإعاقة، وأرامل الشهداء، وتذهب إما لتأمين إيجار منازلهم أو للأدوية أو للطعام.
ليس الأشد فقراً فقط من لا يعيشون أجواء رمضان هذا العام في غزة، فمع استمرار العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية في رام الله على موظفيها، بات الموظفون يتلقون 50 في المائة من الراتب بدلاً من 70 في المئة، ما زاد في حدّة أزمتهم. أحمد أبو جرير، مثلاً، موظف في أحد الأجهزة الأمنية، لم يتقاضَ أيّ مبلغ من راتبه بعد ارتفاع الخصوم، ومع دخول رمضان توجه إلى إحدى المؤسسات الخيرية لتسجيل اسمه من قائمة الأسر الأشد فقراً لتصرف له كوبونات غذائية إغاثية. لم يكن هو الوحيد الذي لجأ إلى الجمعيات الخيرية لطلب إغاثة غذائية، فقد صادف ثلاثة من زملائه هناك، ممن اضطروا إلى البحث عن جمعيات لإغاثة أطفالهم، ومنهم من بعثوا برسائل إلى الجمعيات على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي. يقول أبو جرير لـ"العربي الجديد": "كلّ موظف تابع للسلطة الفلسطينية خلفه أسرة مكونة من خمسة أفراد، على الأقل، ونسبة كبيرة منهم من أصحاب القروض، فمن أين يستطيعون العيش الآن؟ هكذا أصبحنا متسولين في هذا الشهر الكريم الذي من المفترض أن نحضّر فيه أطعمة شهية لأبنائنا".
مسؤولة برنامج التكافل الإغاثي في جمعية الصلاح الخيرية، نسرين أبو ندى، توضح أنّ الدعم في شهر رمضان الحالي تقلص إلى الثلث في غالبية الجمعيات الخيرية، فقد قطعت مساعدات عن البعض لتقدم حصراً إلى الأسر التي تمر في ظروف إنسانية استثنائية، مع "غياب أيّ شخص قادر على العمل في الأسرة". تقول أبو ندى لـ"العربي الجديد": "يومياً نستقبل عشرات الحالات في خمس محافظات، لكن لا نستطيع مساعدة الجميع".