ويشتكي عدد من العراقيين من العبء الإضافي الذي أثقل كاهلهم نتيجة اضطرارهم إلى شراء المياه العذبة بعد ارتفاع نسبة الملوحة وتوقف محطات التحلية الحكومية، ويتهمون الحكومات المتعاقبة على البلاد، منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 وإلى غاية الآن، بالفشل في بناء محطات تحلية لهم، إذ ما زالت البصرة تعيش على البنى التحتية للعراق قبل الاحتلال، وقد تهالكت وتحتاج إلى صيانة أو تغيير كامل، خاصة محطات المياه.
ويقول أحمد عوض التميمي (39 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، "إنه يخصص ربع مرتبه البالغ 500 دولار لشراء المياه العذبة، بعد ارتفاع الملوحة في مياه شط العرب وتوقف محطات التحلية الحكومية أو تراجع أدائها، إذ تضخ المياه المالحة التي لا تصلح حتى لغسل الملابس أو الاستحمام.
ويضيف "شراء الماء بات همّا جديداً، وبراميل التخزين وقنينات البلاستيك التي نخزّنها في المنزل باتت تشاركنا مساحة المطبخ وصالة الجلوس، لأن وضعها في الشمس يفسدها".
ويحصل أهل البصرة على المياه العذبة في الوقت الحالي من مصدرين: الأول، هو أصحاب صهاريج المياه التي يبيعون فيها الماء العذب بـ25 ألف دينار (نحو 22 دولارا) لكل ألف لتر من الماء، وهي كمية تكفي ليومين أو ثلاثة في أقصى حدّ للعائلة المتوسطة، لكن في الصيف فإن هذه الكمية قد لا تكفي ليوم واحد، بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة في المدينة وحاجة الناس إلى الاستحمام المتكرر مع انقطاع الكهرباء.
أما بالنسبة للمصدر الثاني، فهو محطات التحلية المنزلية صغيرة الحجم التي باتت تباع في المحلات التجارية بالمدينة، إلا أنها تعتبر غير عملية بسبب حاجتها إلى الصيانة المتكررة، وأيضا إلى مصدر كهرباء جيد لتشغيلها، إلى جانب كونها لا تناسب إلا الذين لديهم مساحات جيدة داخل منازلهم.
ويقول أحد العاملين في نقل المياه عبر سيارات متوسطة الحجم يُدعى محسن البصري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ارتفاع ملوحة المياه في شط العرب، وقلة توفر المياه الصالحة للشرب، يدفعانا إلى شراء المياه من محافظات أخرى قريبة أو من محطات التحلية الكبيرة الأهلية".
ويضيف المتحدث "أصبح هامش الربح بسيطاً، لأن أصحاب المحطات رفعوا الكلفة، كما أننا من أهل البصرة ولا نريد أن نشارك في غرز السكين في عظام أهلها أكثر"، مشيرا إلى أن العمل ببيع الماء جيد ويحقق نحو 50 دولارا من الأرباح بشكل يومي.
وعن المشاكل التي يواجهونها، يتابع: "نصادف في طريقنا الكثير من النساء والرجال الذين لا يتوفرون على المال ولا نرفض تزويدهم بالماء، بل نعطيهم بلا مقابل". ويتابع "إيران والحكومات سبب بلاء البصرة الحالي، بل بلاء كل العراق".
من جهته، يقول أحد أصحاب محطات تحلية المياه، علي عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، إن "محطات تحلية المياه الأهلية تكاد تسد ربع حاجة سكان البصرة من المياه الصالحة للشرب، ونحن نستخدم مواد تحلية وكهرباء تجارية، لذا فإن الأسعار قد ارتفعت. نوفر في النهاية المياه العذبة والنقية وربحنا بسيط جدا، ولا يجرؤ أحد على رفع الأسعار، لأن الناس ستهاجمه بالتأكيد".
ويضيف: "الحكومة منذ 15 عاماَ من الفساد المالي وسرقة مليارات البصرة، عجزت عن توفير مشروع كبير لتحلية المياه، وتوفير أبسط حقوق الإنسان، ألا وهي الطاقة الكهربائية".
من جهته، يقول أحد باعة أجهزة تحلية المياه في البصرة يُدعى خليل علي، لـ"العربي الجديد"، إن "مواد تصفية المياه التي تركّب في المنازل ارتفعت أسعارها بصورة مفاجئة بسبب زيادة الطلب عليها. نبيع محطات صغيرة تُربط على أحواض معدنية في أعلى المنازل وتوفر مياها نقية خالية من الملوحة، غير أن حاجة سوق البصرة والطلب المتزايد من سكانها على هذه الأجهزة رفع أسعارها".
ويشير إلى أن "أسعار أجهزة التحلية الخاصة بالمياه متفاوتة، ويبدأ سعر أصغر واحدة منها 500 دولار وصولا إلى 5 آلاف دولار أميركي، تبعا لحجم وقدرة ونوعية الأجهزة المباعة الذي يُحدد بالمنشأ والشركة والنوعية، وتكاد هذه الأجهزة تنفد من الأسواق نتيجة الطلب المتزايد عليها بسبب ارتفاع ملوحة شط العرب".