أضرار كبيرة حلّت بمدينة غزني الأفغانية، بعد خمسة أيام على الحرب الضروس التي شنتها حركة طالبان عليها من كل الجهات. ورغم تأكيد وزارة الدفاع أنها استعادت نحو 90 في المائة من المدينة، إلا أن الخسائر التي لحقت بالممتلكات والمرافق العامة ومنها المستشفيات تفوق الإمكانات المتاحة لإغاثة الأهالي وعلاج الجرحى.
وبعد الاهتمام الشعبي والإعلامي والأطياف السياسية المختلفة بالوضع الأمني ومعارك الكر والفر بين الطرفين خلال الأيام السابقة، ينصب التركيز اليوم بالكامل على الوضع الإنساني في المدينة.
حين دخل مسلحو طالبان إلى مدينة غزني تحت جنح الليل، لم يتمكن سكان المدينة من الفرار بسبب إغلاق الطرق المؤدية إلى الأقاليم الأخرى كلها، كما أقفلت جميع المحال التجارية والمستشفيات وتعطلت شبكات الاتصالات وحركة المواصلات نهائياً.
بهذا الخصوص يقول محمد عمر أندر، أحد الفارين من المدينة إلى العاصمة الأفغانية كابول: "نحن نعيش في شقة في أحد المباني، سمعنا قبل خمسة أيام قبيل الفجر أصوات إطلاق نار كثيف، واقتربت المواجهات العنيفة من المبنى الذي نسكن فيه، عندها خرجنا جميعا نساء ورجالا من منازلنا، وبعد ساعات وصلت قوات طالبان إلى المبنى وأمرتنا بإخلائه، لذا خرجنا وهم تحصنوا فيه".
— Rahim Gul Sarwan (@rgsarwan) August 15, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
يضيف محمد عمر: "خرجنا آخذين معنا ملابس فقط، ودفعنا 3500 أفغانية (50 دولاراً تقريباً) لسائق سيارة كي يخرجنا من ميدان المعركة إلى ضواحي المدينة التي كانت آمنة نسبياً"، مشيراً إلى أنهم رأوا في الطريق عشرات الجثث لمدنيين وأيضاً مسلحين من طالبان ومن رجال الأمن.
ويوضح أنه "في اليوم الخامس (اليوم الأربعاء)، تمكن محمد عمر وأسرته من الوصول إلى كابول، وهم في حالة من الخوف والذعر".
— Zaki Daryabi (@ZDaryabi) August 12, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
يشار إلى أن حركة طالبان أغلقت الطريق بين غزني وكابول في إقليم وردك قبل هجومها على المدينة، وعمدت إلى إغلاق منافذ المدينة كافة مع بدء الهجوم، خصوصاً الطريق الرئيس فيها، لذلك من الصعب على الأهالي المغادرة والخروج نحو أقاليم أخرى.
وبعد أن حوصر السكان على مدى خمسة أيام في منازلهم بسبب الاشتباكات، ومع بدء عمليات قوات الأمن الأفغانية المكثفة ضد الحركة، فتح الطريق ووصلت بعض الأسر ومعظمها من أبناء أقلية السيخ إلى كابول.
— Resolute Support (@ResoluteSupport) August 14, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
كما وصلت اليوم الأربعاء أولى القوافل الإغاثية إلى مدينة غزني، وهي تابعة للصليب الأحمر الدولي، وباشرت فرق الإسعاف والأطباء بعلاج المصابين، وتمكنت من توفير المتابعة الطبية لنحو 120 جريحا، وأشارت إلى أنها ستساعد المستشفيات كي تستأنف عملها.
وأعلن الهلال الأحمر الأفغاني اليوم تقديم المعونات الإغاثية لنحو ألفي أسرة متضررة في المدينة، غير أنها إغاثة ضئيلة بالنسبة إلى حجم الكارثة، مع توقف جميع المستشفيات عن تقديم الرعاية الصحة، وتدمير بعضها، كما وأن شبكات الهواتف لا تزال معطلة والأسواق مغلقة.
علاوة على ذلك، هناك شح في المواد الغذائية، بعد أن أضرمت النيران في الأسواق الكبيرة من المدينة. ويضاف إلى ذلك أن جثث المدنيين والمسلحين والجنود لا تزال في الشوارع، ورفع بعضها اليوم على يد سكان المدينة ومؤسسات إنسانية محلية.
ويقول ثواب الدين المحلل السياسي إن "مثل هذه الحروب تلحق الضرر بالمواطن قبل غيره، ففي غزني المواطن خسر المنزل ووقع بين قتيل وجريح. والأسوأ أن المسلحين دخلوا المدينة وبدأوا بإضرام النيران في الأسواق والمحال العامة". وناشد ثواب الدين المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية بتقديم إغاثات عاجلة ولازمة للمتضررين في غزني.