لم تصمد شبكات المياه الصالحة للشرب أمام حركة النمو السكاني، وتصاعد موجات الحر في العاصمة العراقية بغداد، حيث تتكرّر كل صيف أزمة المياه في أغلب مناطق العاصمة، الأمر الذي يتسبب بأزمة مياه خانقة، بينما يؤكد مسؤولون عدم وجود حلول.
ويوضح أبو عبد الرحمن، من أهالي منطقة حي الجهاد في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أزمة المياه التي تتصاعد حدتها في كل صيف دفعتنا للبحث عن بدائل لتوفير المياه للمنزل. وضعنا عدة خزانات مياه كبيرة على الأسطح، ولكنها لم تصمد أمام تكرار انقطاع المياه، فلجأنا أخيرا إلى حفر آبار صغيرة داخل باحة المنزل"، مبينا أنّ "الآبار التي تبلغ كلفة الواحد منها نحو 250 دولارا، زودتنا بالمياه".
ويضيف: "استطعنا أن ننتشل أنفسنا من أزمة المياه بفضل هذه الآبار التي نستخدمها في كافة خدمات المنزل على الرغم من أنها غير معقمة، لكنها ليست صالحة للشرب".
ويحمّل أهالي بغداد الحكومات المتعاقبة مسؤولية عدم وضع خطط فعلية لتطوير شبكة المياه في العاصمة، بما يتناسب مع الزيادة السكانية. ويقول ماجد الجنابي، وهو مختار في منطقة حي العامل وسط بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أزمة المياه بالمناطق السكنية خانقة، حيث لا توجد أنهار نستعين بها على تجاوز الأزمة"، مبينا أنّ "منازل كثيرة في بغداد صغيرة، ولا توجد فيها باحة يمكن أن يحفر فيها بئر".
كما يعتبر أنّ "الحكومات التي تعاقبت على البلاد في السنوات الأخيرة، تخلت عن كافة مسؤولياتها تجاه المواطنين، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات، وانصبّ اهتمام السلطة على تحقيق مكاسبها الخاصة، ما تسبب بإهمال كافة الجوانب، فلم توضع أي خطط مستقبلية لتطوير شبكات المياه داخل بغداد".
ويشير إلى أنّه "قبل عام 2003، كانت المناطق السكنية في بغداد، تضم شبكتين للمياه، واحدة صالحة للشرب، والثانية مياه أنهار غير مصفاة تستخدم في ري الحدائق، واليوم لا توجد أي شبكة صالحة. من غير المعقول أن يهمل هذا الجانب، وعلى الحكومة إيجاد البدائل، حتى لو ضخت مياه الأنهار داخل الشبكات لتجاوز الأزمة".
ويؤكد مسؤولون أنّ شبكات المياه الحالية في بغداد لا يمكنها أن تستوعب النمو السكاني، ويوضح مسؤول في أمانة بغداد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "شبكات المياه في بغداد تحتاج إلى استحداث شبكات أخرى في أغلب المناطق، حيث إنها أصبحت قديمة ومتهالكة. الموازنات المالية لأمانة بغداد لا تكفي لاستحداث أو تطوير الشبكات، ونحتاج إلى موازنات خاصة من الحكومة لإحياء شبكات المياه، واستحداث مشاريع تصفية جديدة، وإلا ستتفاقم أزمة المياه في الأعوام المقبلة".