وتُوفي الراهب القس زينون المحرقي بعد نقله إلى المستشفى فجرا من مركز القوصية حيث مقر الدير، وسط تأكيدات من داخل الدير أن الوفاة جاءت نتيجة إقدامه على الانتحار، وقال المتحدث باسم الكنيسة، القس بولس حليم، في بيان مقتضب، إن "النيابة العامة تجري حالياً تحقيقاتها لمعرفة سبب وفاة الراهب"، في حين أفادت مصادر كنسية بأنه عُثر بجوار جثمان الراحل على عبوة عقاقير فارغة، بما يرجح فرضية انتحاره، مشيرة إلى أن زينون لفظ أنفاسه الأخيرة بعد وصوله إلى المستشفى بمدينة أسيوط.
وحسب المصادر، فإن بعض الرهبان توجهوا إلى قلاية (سكن الراهب) الراحل، فجر اليوم، لإيقاظه لحضور صلاة التسبيحة، ولكنهم فوجئوا بمعاناته من آلام شديدة في المعدة، وعلى أثرها نُقل بسيارة الدير إلى المستشفى، وأن الراهب انتقل حديثاً إلى دير المحرق، ويرتبط بعلاقة وطيدة مع الراهب المتهم الأول بقتل رئيس دير الأنبا مقار، أشعياء المقاري.
ووجّه المسؤول عن المطبخ والحدائق في "دير أبو مقار"، برناباس المقاري، اتهاما للراهب زينون بالتورط مع الرهبان أشعياء وأنطونيوس وصليب بالتحريض على قتل الأنبا أبيفانيوس، كما أقرّ الراهب أرسانيوس المقاري بوجود خلافات سابقة بين المجني عليه ومعارضيه من رهبان الدير، ويعتقد أن هناك مَن استخدم المتهمَين أشعياء وفلتاؤس في ذلك العداء.
وأشارت المصادر إلى أن زينون كان ضمن مجموعة المعارضين لرئيس دير الأنبا مقار، وذكر اسمه في تحقيقات النيابة ضمن مجموعة الرهبان المشتبه في تورطهم بالواقعة، لافتة إلى أن المحكمة المختصة كانت بصدد استدعائه، بناءً على طلب محامي المتهم الأول في القضية.
ويعد زينون أحد الرهبان الذين وقعوا على طلب بالإبقاء عليه بدير الأنبا مقار، في فبراير/شباط 2017، وهو أحد من كشفت تحقيقات النيابة تورطهم في التخلص من رئيس الدير بقتله، بمساعدة صديقه الراهب فلتاؤس، والذي حاول الانتحار بقطع شرايين يديه بعد القبض على المتهم الأول أشعياء، عقب اكتشاف رئيس الدير الراحل تورط الراهب في صفقات تجارية، وشراء أراض وعقارات بالمخالفة لشروط الرهبنة.
وقررت محكمة جنايات دمنهور المصرية، أمس الأول الاثنين، تأجيل محاكمة المتهمين بقتل الأنبا أبيفانيوس، إلى جلسة غد، الخميس، لحضور المتهم الثاني من مستشفى قصر العيني، والسماح للمحامين بالاطلاع على التحقيقات، وسط إجراءات أمنية مشددة، وحضور المتهم الأول في القضية، وائل سعد تواضروس (أشعياء المقاري)، والذي عاد إلى اسمه العلماني بعد قرار تجريده من الرهبنة.
ونفى أشعياء، أمام المحكمة، تورطه في قتل رئيس الدير، قائلاً إنه تعرض لضغط نفسي وعصبي خلال تحقيقات الشرطة والنيابة العامة، فيما طلب دفاعه من المحكمة تصريحا من الكنيسة المصرية لبيان الخصومة داخل الدير مع موكله، وشهود الإثبات، ويبلغ عددهم 27 شاهداً، باعتبارهم من تلاميذ الأب الراحل، متى المسكين، وأن هناك خلافاً فكرياً بين موكله وشهود الإثبات.
ولطالما مثل دير الأنبا مقار صداعاً في رأس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، على وقع الخلاف بين البابا شنودة والأنبا متى المسكين على كرسي الباباوية عام 1971، والذي وصل ذروته في عام 1981، عندما حدد الرئيس الراحل، أنور السادات، إقامة شنودة في دير اﻷنبا بيشوي، ضمن ما عُرف بـ"اعتقالات سبتمبر"، وتكليفه آنذاك اﻷب متى بإدارة أمور الكنيسة، والذي كان بمثابة اﻷب الروحي لدير اﻷنبا مقار.
وكان الراهبان المصريان المتهمان في واقعة قتل رئيس الدير، من بين الآباء الذين يرتدون "القلنسوة المشقوقة"، التي ألبسها البابا شنودة لآباء الدير التابعين له، في محاولة لتمييزهم عن تلاميذ متى المسكين، وسبق أن وقع فلتاؤس المقاري تضامناً مع زميله أشعياء، حين صدر قرار باباوي بإبعاد الأخير عن الدير، ونقله إلى دير آخر في وقت سابق، ما دفع البابا تواضروس الثاني للتراجع عن قراره أملاً في منحه فرصة لتعديل سلوكه.
وقالت مصادر كنسية إن الكنيسة قامت أخيرا، بعد حادث مقتل رئيس دير أبو مقار، بفتح ملف الكهنة ممن يتعاملون وسط الناس، وإن الكنيسة بصدد إحداث هيكلة واسعة في هذا الملف.