حذرت شخصيات فلسطينية من خطورة تصريحات أدلى بها القائد العسكري الإسرائيلي السابق وعضو حزب أزرق أبيض، ميكي ليفي، ودعا فيها إلى تجريد عشرات آلاف المقدسيين من حقهم في الإقامة، وسلخ أحياء فلسطينية عن مدينة القدس.
وقال المحلل السياسي المقدسي، راسم عبيدات، لـ"العربي الجديد": "ما كشف عنه ميكي ليفي، ودعوته إلى فرض عقوبات جماعية، وتضييق الخناق على أهالي العيساوية، يندرج في إطار مخطط سياسي متكامل، فليفي يعبّر عن عقلية عنصرية متطرفة تنظر إلى الشعب الفلسطيني باعتبارهم قنبلة ديمغرافية تشكل خطراً على يهودية الدولة، وعلى نقاء القدس كعاصمة لما يسمى دولة الاحتلال".
وتابع عبيدات: "شهدنا بعد الهبّات الشعبية المتلاحقة في القدس منذ هبّة الشهيد الفتى محمد أبو خضير منتصف 2014، العديد من المشاريع التي طرحت لتعديل الواقع الديمغرافي في المدينة، لكي تنسجم مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، فيما كان هناك العديد من خطط الفصل والتخلي عن الأحياء الفلسطينية داخل حدود ما يعرف ببلدية القدس، منها خطة الوزير وعضو الكنيست السابق حاييم رامون، ومن بعده خطط لحاييم هيرتسوغ زعيم حزب العمل السابق، وزئيف اليكن الليكودي وزير ما يسمى شؤون القدس، وكلها تصبّ في كيفية الحفاظ على ميزان ديمغرافي مختل في المدينة بهدف أسرلتها وتشريعها كعاصمة لدولة الاحتلال".
وأشار إلى أن بعض الخطط كانت تهدف إلى "توسيع حدود ما يُسمى بلدية القدس لكي تصبح مساحتها 10 في المائة من مساحة الضفة الغربية المحتلة، وضم الكتل الاستيطانية الكبرى من جنوب غرب القدس إلى شمال شرقها، وهذا يعني ضم 150 ألف مستوطن إليها، على أن يترافق ذلك مع إخراج أكثر من 100 ألف مواطن مقدسي من سكان البلدات والقرى الفلسطينية الواقعة خلف جدار الفصل العنصري".
وأكد عبيدات أن هذه المخططات الصهيونية الرامية إلى تغيير المشهد في مدينة القدس تشمل الاستيطان، والأنفاق التي تبني مدينة كاملة تحت القدس، والسيطرة على فضاء المدينة من خلال القطار الطائر (التلفريك)، وهذا يعني أن الشعب الفلسطيني في المدينة أمام مخاطر جدية وحقيقية على وجوده، ويجب مواجهة المخططات بدعم إقامة مشاريع إسكانية في المدينة، ومساعدة المقدسيين في الحصول على رخص بناء بدفع جزء من تكاليفها، والتوجه إلى المؤسسات الدولية وإلى كل أصدقاء الشعب الفلسطيني لفضح دولة الاحتلال وسياستها العنصرية التي تصل إلى حد التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني.
وقال منسق اللجنة الوطنية لمقاومة التهويد، خضر الدبس، لـ"العربي الجديد": "في عام 2004، أقرت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بناء جدار الفصل العنصري حول مخيم شعفاط، وسبق ذلك العديد من الاقتحامات للمخيم، وترافق ذلك مع اعتقال العشرات من أبناء المخيم الذي أصبح شعلة مقاومة. ما دفع العديد من الساسة الإسرائيليين إلى المطالبة بعزل المخيم عن القدس، وبعدها أقرت الحكومة بناء الجدار العنصري، رغم إثباتنا أنه لا يوجد دواعٍ أمنية كما يدعون، وأنه لعزل القدس وتهويدها، وخلق واقع ديموغرافي لمصلحة المستوطنين فيها، وتسهيل اقتحام المسجد الأقصى فيما بعد".
وأشار الدبس إلى أن "نجاح الاحتلال في عزل مخيم شعفاط الذي يسكنه نحو 100 ألف نسمة، 95 في المائة منهم يحملون بطاقة الهوية الزرقاء، دفعته إلى التفكير في عزل مناطق أخرى من خلال تعزيز البناء الاستيطاني، وإقامة شوارع استيطانية، وعزل أحياء عربية بالكامل، وفي مناطق أخرى جرت زعزعة استقرار العديد من الأحياء، كجبل المكبر وسلوان والعيسوية، ولم يرفع الشعب الفلسطيني الراية البيضاء".
وعبّر مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، زياد الحموري، عن قلقه من تصاعد إجراءات التهويد في القدس المحتلة، وانتقالها إلى مرحلة استهداف الوجود الفلسطيني، وأشار لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تصريحات قائد شرطة الاحتلال السابق تؤكد صحة المخططات القديمة التي طرحت في عام 2006، من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، إيهود أولمرت، حول إخراج خمس مناطق سكانية في محيط القدس إلى خارج جدار الفصل العنصري".
وأضاف: "ما يجري في العيسوية من عمليات تنكيل مدروسة ومخططة، وما يقام من إنشاءات تشمل الجسور على حاجز قلنديا العسكري، ثم عودة الحديث عن مخيم شعفاط، والتوجه إلى عزل المزيد من الأحياء الفلسطينية خارج جدار الفصل العنصري، كلها مؤشرات على صحة تصريحات ليفي".
وتوقع الحموري أن ينضم الآلاف من المقدسيين مستقبلاً إلى عشرات آلاف آخرين جردهم الاحتلال من حقهم في الإقامة، لكن الجديد في هذه الإجراءات أنها لن تقتصر على أفراد أو مجموعات صغيرة، بل على كتل سكانية كبيرة. "كان ليفي واضحاً حين تطرق إلى العيسوية وجبل المكبر وأحياء أخرى لا يريد الاحتلال إبقاء سيطرته عليها، باستثناء السيطرة الأمنية".