تعاني الكثير من الأردنيات من العنف الأسري، من دون أن يشكل الأمر مبرراً كافياً لديهن للشكوى، والسبب هو الخوف
ما زال العنف الأسري الذي يمارس خلف الجدران بحق النساء والأطفال، يطاول حياة كثيرات يفضلن الصمت. وتكشف إحصائيات إدارة حماية الأسرة في مديرية الأمن العام الأردنية، عن تعامل المديرية مع 10527 حالة عنف أسري خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري.
رقم يكشف فقط تلك القضايا التي وصلت إلى إدارة حماية الأسرة في لحظات تحلّت فيها المعنّفات بالشجاعة، وسط ظروف ملائمة لرفع الصوت عالياً والصراخ بسبب الاعتداءات، في وقت تبقى حالات كثيرة من العنف الجسدي واللفظي حبيسة الأبواب المغلقة، وسط صمت مطبق من الضحية والجلاد من أجل الحفاظ على صورة العائلة الناصعة أمام المجتمع المحيط على الأقل.
في المقابل، أعلن المجلس الأعلى للسكان عن تعرّض 21 في المائة الأردنيات اللواتي سبق لهن الزواج للعنف جسدي مرة واحدة على الأقل منذ كن في سن الخامسة عشرة. كما أن 24 في المائة من اللواتي سبق لهن الزواج وتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من الزوج أفدن بوقوع إصابات جسدية من جراء العنف. كما يبين أن 71 في المائة من المعنفات تعرضن للعنف الجسدي من قبل الأزواج الحاليين، و13 في المائة من قبل الأخ، و12 في المائة من قبل الأب.
تقول ريما سعيد (اسم مستعار) لـ "العربي الجديد"، وهي في الخامسة والثلاثين من العمر، وأم لثلاثة أطفال: "في الكثير من الأحيان، يوبخني زوجي. أما الضرب، فنادر ولم يتجاوز ثلاث مرات خلال 12 عاماً من الزواج". تضيف: "أشعر بالحنق عندما أتعرض للتوبيخ والاعتداء. لكن بعد فترة قصيرة، أنسى ذلك، إذ إن الحياة ليست صفحة جميلة". أحياناً، نتجاوز بعض الإساءات. ربما هذه إحدى الضرائب التي ندفعها في الحياة". تضيف: "لم أفكر يوماً بالشكوى ضد زوجي لجهة أمنية، حتى أنني لم أخبر أهلي بما يحدث. عندما نسمع الكثير من القصص في الحياة، ندرك أن الحياة قاسية. ففي كثير من الأحيان، النساء اللواتي هربن من الحياة الزوجية لم يتقبلهن المجتمع، وأصبحت حياتهن أكثر قسوة".
اقــرأ أيضاً
من جهتها، تقول أمل (27 عاماً): "أملك الشجاعة لإنهاء حياتي الزوجية بعد ستة أشهر من الزفاف"، مضيفة: "لا أستطيع تحمل أي اعتداء جسدي أو لفظي. دائماً ما عاملني أهلي باحترام. وعندما أخبرتهم برغبتي في الطلاق وإصراري على ذلك، لم يمانعوا". تضيف: "لم أقدم أي شكوى لجهات حماية الأسرة"، قائلة: "أؤمن بأن الأشياء التي تنكسر لا تعود كما كانت، وكذلك الحياة الزوجية. لست في حاجة إلى المال فوضعي المالي جيد، ولا أحتاج من الحياة الزوجية سوى الاحترام".
من جهتها، تقول المحامية والحقوقية الأردنية تغريد الدغمي لـ "العربي الجديد": "الأرقام الرسمية التي تصدر حول العنف الأسري لا تعكس الحقيقة. ولا تصل كل الحالات التي تتعرض للعنف الأسري إلى الجهات المعنية، (تسجل شكوى رسمية، أو تقدم شكوى في المحاكم). تضيف: "لدينا في الأردن عنف صامت. كما أن الكثير من النساء في مجتمعنا يتعرضن لعنف من الأب والأخ والزوج، حتى من الأبناء، لكن لا يلجأن إلى المحاكم لتقديم شكوى".
وتوضح أن "أبرز الأسباب التي تمنع النساء من تقديم شكوى حول العنف الأسري تتمثل في نظرة المجتمع للمرأة التي تقدم شكوى بحق أحد أفراد أسرتها. فالمجتمع ينظر إليها وكأنها كسرت قالب الحياة الزوجية. لذلك، المجتمع بشكل عام لا يتقبل الطلاق". وتشير إلى أن الثقافة المجتمعية تجعل من المرأة الطرف الضعيف، وتحار في أمرها إذا ما تعرضت إلى عنف: "فهل تشكو وتخسر عائلتها، أم تتحمل الظروف على حساب حقوقها؟". وتؤكد الدغمي على أهمية نشر الوعي. وتقول: "يجب ألا يقتصر نشر الوعي على تعريف المرأة بحقوقها، بل يجب أيضاً توعية الرجل بواجباته، فهو من يمارس العنف ضد المرأة". تضيف: "هناك مشاكل تواجه تنفيذ القانون المتعلق بمعالجة العنف ضد المرأة عندما يكون المعنف هو الأب، أو الزوج، خصوصاً عندما يكون هناك أطفال. وعندما يبتعد الطفل عن مكان أسرته، تحدث إشكالية حقيقية"، مشيرة إلى "وجود مشكلة بالقانون وتطبيقه". وفي هذا الإطار، توكد الدغمي على ضرورة تفعيل دور لجان الوفاق الأسري، وإعطائها مساحة أكبر للحد من العنف الأسري.
بدوره، يقول مستشار الطب الشرعي الخبير في الوقاية من العنف والإصابات هاني جهشان لـ "العربي الجديد": "هناك نوعان من الإحصائيات حول العنف الأسري: إحصاء الحالات المبلغ عنها للجهات الرسمية، والتي لا تعكس مطلقاً النسبة الحقيقية في المجتمع لأنه لم يتم التبليغ عن معظم الحالات لأسباب تتعلق بالخوف من الوصمة الاجتماعية، والاعتماد المادي على الرجل وعدم الثقة بمقدمي الخدمات. والنوع الثاني هو الدراسة المسحية لعينة من السكان تمثل كامل المجتمع وهي نادرة في الأردن". يضيف أنّ "المسؤولية المباشرة للوقاية ومنع العنف الأسري تقع على الحكومة. الدولة هي الضامنة للحفاظ على حقوق مواطنيها الإنسانية الأساسية. لكنّ العنف ضد المرأة يقوّض هذه الحقوق ويؤدي إلى تكاليف إنسانية واقتصادية باهظة تؤثر على الأفراد والأسر والمجتمعات". يتابع جهشان: "عندما يتغاضى المجتمع والدولة صراحة أو ضمناً عن هذا النوع من العنف، فإنّ الإفلات من العقاب يوجه رسالة مفادها أن مرتكب العنف ضد المرأة يقوم بعمل مقبول وعادي، ما يؤدي إلى إنكار العدالة على الضحايا ويعزز العلاقات العنيفة السائدة ويدعم عوامل الخطورة المولدة للعنف في المجتمع". يتابع: "لا يتم الإبلاغ سوى عن نسبة صغيرة من حالات العنف الأسري والتحقيق فيه، وعدد قليل جداً من مرتكبي هذه الجرائم تتم محاسبتهم والتحقيق معهم". ويقول إنّ الأرقام لا تعكس حقيقة انتشار العنف ضد النساء في عموم المجتمع. ويشير إلى أنّ العنف الأسري قد يؤدي إلى الموت، تحت مسمى جرائم الشرف. يتابع أنّ الاسم الحقيقي الذي يجب أن يطلق على هذه الجرائم هو "القتل العرفي"، لافتاً إلى أنّ "العرف نمط سلوكي سائد في ظروف مجتمعية محددة بعيداً عن القانون". يضيف: "التحدي الكبير في الوقاية من القتل العرفي (جرائم الشرف) هو مواجهة هذا العرف، إذ يعتقد مرتكبو هذه الجريمة خطأ أنّ القانون يسمح به، وأنّ ثقافتنا العربية الإسلامية تتقبله، عدا عن العقوبة المخففة لارتكاب هذه الجرائم العرفية". يتابع جهشان: "يجب أن تكون الوقاية مرجعية رئيسية لكلّ البرامج والخدمات المقدمة لأفراد الأسرة المعرضين للعنف أو المخاطر المسببة لها، وأن تكون الخدمات سهلة لجميع المواطنين في كافة أماكنهم الجغرافية. كما أنّ البرامج الوقائية تستهدف كل قطاعات المجتمع وجميع السكان المتواجدين على أرض الدولة بغض النظر عن الجنسية أو مكان الولادة أو العرق أو الدين".
ورداً على استفسارات "العربي الجديد"، يوضح المجلس الوطني لشؤون الأسرة أنّ أكثر الفئات المعرضة للعنف في الأردن هم الأطفال والنساء وكبار السنّ. ويوضح أنّ هناك عوامل تؤثر وتزيد من احتمال وقوع العنف الأسري وتكراره، لافتاً إلى أنّ الدراسات السابقة أظهرت أنّ العنف الأسري لا يقتصر على شريحة مجتمعية أو مجموعة عرقية من دون غيرها، وإن كانت هناك مؤشرات على ارتباطه بالظروف الاقتصادية للأسرة والضغوط النفسية على أفرادها.
رقم يكشف فقط تلك القضايا التي وصلت إلى إدارة حماية الأسرة في لحظات تحلّت فيها المعنّفات بالشجاعة، وسط ظروف ملائمة لرفع الصوت عالياً والصراخ بسبب الاعتداءات، في وقت تبقى حالات كثيرة من العنف الجسدي واللفظي حبيسة الأبواب المغلقة، وسط صمت مطبق من الضحية والجلاد من أجل الحفاظ على صورة العائلة الناصعة أمام المجتمع المحيط على الأقل.
في المقابل، أعلن المجلس الأعلى للسكان عن تعرّض 21 في المائة الأردنيات اللواتي سبق لهن الزواج للعنف جسدي مرة واحدة على الأقل منذ كن في سن الخامسة عشرة. كما أن 24 في المائة من اللواتي سبق لهن الزواج وتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من الزوج أفدن بوقوع إصابات جسدية من جراء العنف. كما يبين أن 71 في المائة من المعنفات تعرضن للعنف الجسدي من قبل الأزواج الحاليين، و13 في المائة من قبل الأخ، و12 في المائة من قبل الأب.
تقول ريما سعيد (اسم مستعار) لـ "العربي الجديد"، وهي في الخامسة والثلاثين من العمر، وأم لثلاثة أطفال: "في الكثير من الأحيان، يوبخني زوجي. أما الضرب، فنادر ولم يتجاوز ثلاث مرات خلال 12 عاماً من الزواج". تضيف: "أشعر بالحنق عندما أتعرض للتوبيخ والاعتداء. لكن بعد فترة قصيرة، أنسى ذلك، إذ إن الحياة ليست صفحة جميلة". أحياناً، نتجاوز بعض الإساءات. ربما هذه إحدى الضرائب التي ندفعها في الحياة". تضيف: "لم أفكر يوماً بالشكوى ضد زوجي لجهة أمنية، حتى أنني لم أخبر أهلي بما يحدث. عندما نسمع الكثير من القصص في الحياة، ندرك أن الحياة قاسية. ففي كثير من الأحيان، النساء اللواتي هربن من الحياة الزوجية لم يتقبلهن المجتمع، وأصبحت حياتهن أكثر قسوة".
من جهتها، تقول أمل (27 عاماً): "أملك الشجاعة لإنهاء حياتي الزوجية بعد ستة أشهر من الزفاف"، مضيفة: "لا أستطيع تحمل أي اعتداء جسدي أو لفظي. دائماً ما عاملني أهلي باحترام. وعندما أخبرتهم برغبتي في الطلاق وإصراري على ذلك، لم يمانعوا". تضيف: "لم أقدم أي شكوى لجهات حماية الأسرة"، قائلة: "أؤمن بأن الأشياء التي تنكسر لا تعود كما كانت، وكذلك الحياة الزوجية. لست في حاجة إلى المال فوضعي المالي جيد، ولا أحتاج من الحياة الزوجية سوى الاحترام".
من جهتها، تقول المحامية والحقوقية الأردنية تغريد الدغمي لـ "العربي الجديد": "الأرقام الرسمية التي تصدر حول العنف الأسري لا تعكس الحقيقة. ولا تصل كل الحالات التي تتعرض للعنف الأسري إلى الجهات المعنية، (تسجل شكوى رسمية، أو تقدم شكوى في المحاكم). تضيف: "لدينا في الأردن عنف صامت. كما أن الكثير من النساء في مجتمعنا يتعرضن لعنف من الأب والأخ والزوج، حتى من الأبناء، لكن لا يلجأن إلى المحاكم لتقديم شكوى".
وتوضح أن "أبرز الأسباب التي تمنع النساء من تقديم شكوى حول العنف الأسري تتمثل في نظرة المجتمع للمرأة التي تقدم شكوى بحق أحد أفراد أسرتها. فالمجتمع ينظر إليها وكأنها كسرت قالب الحياة الزوجية. لذلك، المجتمع بشكل عام لا يتقبل الطلاق". وتشير إلى أن الثقافة المجتمعية تجعل من المرأة الطرف الضعيف، وتحار في أمرها إذا ما تعرضت إلى عنف: "فهل تشكو وتخسر عائلتها، أم تتحمل الظروف على حساب حقوقها؟". وتؤكد الدغمي على أهمية نشر الوعي. وتقول: "يجب ألا يقتصر نشر الوعي على تعريف المرأة بحقوقها، بل يجب أيضاً توعية الرجل بواجباته، فهو من يمارس العنف ضد المرأة". تضيف: "هناك مشاكل تواجه تنفيذ القانون المتعلق بمعالجة العنف ضد المرأة عندما يكون المعنف هو الأب، أو الزوج، خصوصاً عندما يكون هناك أطفال. وعندما يبتعد الطفل عن مكان أسرته، تحدث إشكالية حقيقية"، مشيرة إلى "وجود مشكلة بالقانون وتطبيقه". وفي هذا الإطار، توكد الدغمي على ضرورة تفعيل دور لجان الوفاق الأسري، وإعطائها مساحة أكبر للحد من العنف الأسري.
بدوره، يقول مستشار الطب الشرعي الخبير في الوقاية من العنف والإصابات هاني جهشان لـ "العربي الجديد": "هناك نوعان من الإحصائيات حول العنف الأسري: إحصاء الحالات المبلغ عنها للجهات الرسمية، والتي لا تعكس مطلقاً النسبة الحقيقية في المجتمع لأنه لم يتم التبليغ عن معظم الحالات لأسباب تتعلق بالخوف من الوصمة الاجتماعية، والاعتماد المادي على الرجل وعدم الثقة بمقدمي الخدمات. والنوع الثاني هو الدراسة المسحية لعينة من السكان تمثل كامل المجتمع وهي نادرة في الأردن". يضيف أنّ "المسؤولية المباشرة للوقاية ومنع العنف الأسري تقع على الحكومة. الدولة هي الضامنة للحفاظ على حقوق مواطنيها الإنسانية الأساسية. لكنّ العنف ضد المرأة يقوّض هذه الحقوق ويؤدي إلى تكاليف إنسانية واقتصادية باهظة تؤثر على الأفراد والأسر والمجتمعات". يتابع جهشان: "عندما يتغاضى المجتمع والدولة صراحة أو ضمناً عن هذا النوع من العنف، فإنّ الإفلات من العقاب يوجه رسالة مفادها أن مرتكب العنف ضد المرأة يقوم بعمل مقبول وعادي، ما يؤدي إلى إنكار العدالة على الضحايا ويعزز العلاقات العنيفة السائدة ويدعم عوامل الخطورة المولدة للعنف في المجتمع". يتابع: "لا يتم الإبلاغ سوى عن نسبة صغيرة من حالات العنف الأسري والتحقيق فيه، وعدد قليل جداً من مرتكبي هذه الجرائم تتم محاسبتهم والتحقيق معهم". ويقول إنّ الأرقام لا تعكس حقيقة انتشار العنف ضد النساء في عموم المجتمع. ويشير إلى أنّ العنف الأسري قد يؤدي إلى الموت، تحت مسمى جرائم الشرف. يتابع أنّ الاسم الحقيقي الذي يجب أن يطلق على هذه الجرائم هو "القتل العرفي"، لافتاً إلى أنّ "العرف نمط سلوكي سائد في ظروف مجتمعية محددة بعيداً عن القانون". يضيف: "التحدي الكبير في الوقاية من القتل العرفي (جرائم الشرف) هو مواجهة هذا العرف، إذ يعتقد مرتكبو هذه الجريمة خطأ أنّ القانون يسمح به، وأنّ ثقافتنا العربية الإسلامية تتقبله، عدا عن العقوبة المخففة لارتكاب هذه الجرائم العرفية". يتابع جهشان: "يجب أن تكون الوقاية مرجعية رئيسية لكلّ البرامج والخدمات المقدمة لأفراد الأسرة المعرضين للعنف أو المخاطر المسببة لها، وأن تكون الخدمات سهلة لجميع المواطنين في كافة أماكنهم الجغرافية. كما أنّ البرامج الوقائية تستهدف كل قطاعات المجتمع وجميع السكان المتواجدين على أرض الدولة بغض النظر عن الجنسية أو مكان الولادة أو العرق أو الدين".
ورداً على استفسارات "العربي الجديد"، يوضح المجلس الوطني لشؤون الأسرة أنّ أكثر الفئات المعرضة للعنف في الأردن هم الأطفال والنساء وكبار السنّ. ويوضح أنّ هناك عوامل تؤثر وتزيد من احتمال وقوع العنف الأسري وتكراره، لافتاً إلى أنّ الدراسات السابقة أظهرت أنّ العنف الأسري لا يقتصر على شريحة مجتمعية أو مجموعة عرقية من دون غيرها، وإن كانت هناك مؤشرات على ارتباطه بالظروف الاقتصادية للأسرة والضغوط النفسية على أفرادها.