نقلت الطواقم الطبية، مساء اليوم الخميس، عشرة أسرى فلسطينيين محررين إلى المستشفيات في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، بسبب إضرابهم عن الماء المستمر منذ ثلاثة أيام، كرسالة احتجاجية لمطالبة السلطة الفلسطينية بإعادة رواتبهم المقطوعة منذ 12 عاماً.
وقال الناطق باسم الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم علاء الريماوي، لـ"العربي الجديد": "نقل 10 أسرى محررين مضربين عن المياه إلى المستشفى نتيجة تدهور حالاتهم الصحية"، لافتاً إلى أنّ "حالاتهم صعبة".
وحذر الريماوي من وجود أشخاص "يحاولون افتعال فتنة"، مشيراً إلى أنّ الشرطة الفلسطينية مسؤولة عن سلمية الاعتصام، وكذلك رئيس الوزراء محمد اشتية بوصفه وزيراً للداخلية، قائلاً: "نحتاج لأهلنا من أجل دعمنا".
من جهته، قال الأسير المحرر الذي لا يتقاضى راتبه سامر الشوا، لـ"العربي الجديد"، على هامش مؤتمر صحافي عقدته عائلات الأسرى والمحررين والمتضامنين معهم، مساء اليوم الخميس، في ميدان "الشهيد ياسر عرفات" في مدينة رام الله، مكان اعتصام وإضراب المحررين: "الوضع الصحي للمضربين آخذ بالتدهور نتيجة استمرارهم في الإضراب عن الماء لليوم الثالث، كما أن هناك أسرى محررين مرضى بالأصل، ومنهم من بدأ يتبول دماً".
وأوضح الشوا أنه لا يوجد أي تطور في قضيتهم على المستوى الرسمي، متسائلاً عن دور المسؤولين في ظل هذا الحال الذي قد نفقد فيه أحد المحررين. وقال إنّ "الساعات القليلة حاسمة وليست في صالح أي أحد"، في وقت أكد أنّ المحررين المقطوعة رواتبهم، سيواصلون إضرابهم واعتصامهم حتى نيل مطالبهم.
وحول ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي عن أنّ قطع رواتبهم جاء نتيجة أنهم عناصر في القوة التنفيذية التي شكلتها حركة "حماس" عام 2006، بعد فوزها في الانتخابات التشريعية، قال الشوا: "هذا أمر لا يعنينا كثيراً. حقنا واضح، وهذا الكلام من أجل حرف البوصلة، وشعبنا واعٍ لا ينجر وراء هذه الأمور التي ليس فيها أي شيء من المصداقية".
أما الأسير المحرّر خضر عدنان، فأشار لـ"العربي الجديد"، إلى وجوب أن "تتواصل فصائل المقاومة في غزة مع المسؤولين في الضفة الغربية، في رسالة منها لعدم السكوت عما يجري مع الأسرى المحررين، الذين تم فض اعتصامهم يوم استشهاد الأسير سامي أبو دياك، وهو أمر معيب". ودعا السلطة الفلسطينية إلى إعادة رواتب الأسرى المقطوعة بأثر رجعي "لأنها حق لهم وليست منة، وقطعها يتناقض مع ما صرح به الرئيس محمود عباس بشأن التمسك برواتب الأسرى".
وحول ما يوجه للمحررين المقطوعة رواتبهم على مواقع التواصل الاجتماعي، قال عدنان: "هناك من جنّد سلباً عبر مواقع التواصل بهدف التضييق على الأسرى المحررين وتشويه اعتصامهم".
وفي السياق، قال حسن الورديان، والد المحرر المضرب عن الماء والطعام محمود الورديان، خلال المؤتمر الصحافي: "ابني في المستشفى منذ يوم أمس، ويعاني من آثار الإضراب عن الطعام منذ 20 يوماً، وعن الماء منذ ثلاثة أيام، ويواصل اعتصامه مع زملائه المحررين في هذا الجو البارد ليل نهار منذ 41 يوماً".
وأضاف: "ابني محترم في بلدي ومجتمعه وهو يحفظ القرآن الكريم، ويحمل درجة الماجستير بدرجة امتياز، وقارب أن يمضي نصف عمره في سجون الاحتلال، وفوجئ بقطع راتبه بعد خروجه من السجن". وأشار إلى أنّ الصفحة الرسمية لحركة "فتح" تحدثت، في بيان لها، عن توجه الأسرى المحررين إلى المحاكم، في وقت أكد الورديان "أننا مستعدون للذهاب إلى القضاء. لكن لماذا لم يحاكموا حين اعتقلوا بدلاً من الإفراج عنهم؟ اليوم، توجه لهم اتهامات بأنهم مجرمون ويريدون تفجير مقرات أمنية، وهو أمر كاذب وعار من الصحة".
وتابع: "ابني محمود اعتقل عام 2000 وأفرج عنه بعد 3 سنوات واعتقل بعد الإفراج عنه بستة أشهر وبقي في السجن حتى العام 2007 بعد بدء الانقسام ولم يكن في التنفيذية بحسب ما يدعون. أما سفيان جمجوم، وهو أحد المحررين المقطوعة رواتبهم، فقد اعتقل عام 1992 وخرج بعد الانقسام. إن كان مذنباً حاكموه وأنا أول من يطالب بسجنه، وإن كان ابني مؤذياً أشهدكم أنني سأتبرأ منه. من يريد أن يتحدث عن الشرفاء يجب أن يأتي بالأدلة".
وتحدثت في المؤتمر نور البرغوثي، ابنة الأسير المحرر المضرب عن الماء رامي البرغوثي، فقالت: "لن أسامحكم لأنكم جعلتمونا نحزن على آبائنا"، وناشدت مؤسسات وهيئات حقوق الطفل أن يكون لها دور في محاسبة المسؤولين، في ظل تضامن أبناء المحررين مع آبائهم على قارعة الطريق منذ 41 يوماً.
وطالبت الرئيس محمود عباس أن ينقذ والدها وزملاءه المحررين من الموت، قائلة: "رسالتي للرئيس عباس أن أبي والأسرى المحررين يموتون وأنا حرمت منه بالسجن 14 عاماً، فلا تحرمني منه بموته، وأحملكم أنت ورئيس الوزراء المسؤولية".
هذا، وقدم النائب الثاني السابق في المجلس التشريعي الفلسطيني المنحل حسن خريشة، خلال كلمة له، مبادرة إلى المضربين عن الماء باسم الأب مانويل مسلم، بوقف إضرابهم حفاظاً على حياتهم.
وأكد خريشة رفضه للإجراءات المتخذة بحق المعتصمين، ولعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً في حوارات ولقاءات سابقة بشأن قضية المحررين المقطوعة رواتبهم، وقال: "من يريد تهيئة الأجواء للانتخابات فيجب أن يرضي نفسه ثم يرضي شعبه، وأول هؤلاء هم الأسرى في سجون الاحتلال، والقضية ليست قضية رواتب بل هي قضية مبدئية وأخلاقية، وقطع الرواتب يناقض تصريحات الرئيس عباس بشأن التمسك بدفع رواتب الشهداء والجرحى والأسرى".
وشدد على ضرورة الاستجابة لمطالب المضربين خشية على حياتهم وأن يستجيب عباس لمطالبهم، وأن تتضامن الفصائل الفلسطينية معهم، وقال: "نعلم أن لا أحد منكم قادرا على اتخاذ قرار، لكن قولوا كلمة حق".
أما المحاضر الأكاديمي عماد البرغوثي، فقد نقل مبادرة الأب مانويل مسلم، وطلب من المضربين أن يعتصموا حول شجرة عيد الميلاد، وأن يوقفوا الإضراب عن الماء، خشية على حياتهم.
ودعا البرغوثي المسؤولين الفلسطينيين إلى الاستجابة لمطالب المحررين المضربين لأن رواتبهم حق لهم، وهم "ليسوا مجرمين ولا فاسدين ولا منحرفين، بل هم أسرى لدى الاحتلال".
من جهتها، حمّلت "محامون من أجل العدالة"، في بيان، "السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن حياة أي من المعتصمين المضربين عن الطعام والشراب، إذ يمرون بظروف صحية صعبة، في وقت ما أطلقت نداء عاجلاً لكافة مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية للتدخل الفوري والضغط على السلطة الفلسطينية لتلبية مطالب المضربين".
وكانت زوجات الأسرى المحررين المضربين عن الماء والطعام قد أغلقن، إلى حين من الوقت، شارعاً في مدينة رام الله، احتجاجاً على أوضاع أزواجهن، بالتزامن مع نقل المضربين إلى المستشفيات إثر تدهور حالاتهم الصحية.