شارك 723 محامياً لبنانيّاً صباح اليوم الأحد، في جولة على 25 سجناً في مختلف المحافظات، في خطوة هي الأولى من نوعها لتفقّد أحوال ما يقارب 7 آلاف سجين وموقوف قيد المحاكمة، والاطّلاع على حاجاتهم القانونية وظروف إقامتهم، تمهيداً لإعداد تقرير عن أحوال السجناء والسجون.
وتهدف المبادرة إلى تكليف محامٍ بالمجان لأي سجين ليسَ بمقدوره توكيل محامٍ للدفاع عنه، ومساعدة من يقبع في السجون لعدم قدرته على تسديد ما يترتب عليه من غرامات، وتقديم الدعم لأي سجين انتهت فترة محكوميته، وقد جاءت بمبادرة من نقيب محامي بيروت، ملحم خلف، تحت شعار "جايين نمدّلك إيدنا. المحامون ينتفضون ضدّ الظلم".
وشملت أهداف المبادرة متابعة ملف المعونات القضائية التي تُقدِّمها نقابة المحامين، قبل القيام في مرحلة لاحقة بالتعاون مع هيئات المجتمع المدني والمنظمات الانسانية بما يلزم لتحسين الوضع الإنساني للسجناء.
وانطلقت الجولة من بيت المحامي (نقابة المحامين) في بيروت، وتوزّع المشاركون على مجموعاتٍ شُكِّلَت وفق عدد السجناء في كل سجن، وقال النقيب ملحم خلف في كلمة قبل بدء الجولة: "المحامون في خدمة المجتمع، والمبادرة تأكيد لدور المحامي والسلطة القضائية، فلقد أقسمنا اليمين لنكون على مستوى الرسالة والمسؤولية".
وكشف خلف بعد انتهاء الجولة أنّهم اكتشفوا معاناة يومية كبيرة تتطلّب تكاتف الجميع، وأن يصبح الإنسان أولوية لدى الحكومة، معلناً أنّ "المحامين سيتولّون المتابعات الحقوقية والقضائية للحالات التي وثّقوها لتسريع المحاكمات انطلاقاً من حق الموقوفين بالمحاكمة والعدالة".
ولفت إلى أنّه التقى السجين أحمد الأسير، وقال تعليقاً على ذلك: "ليست مهمتنا تبرئة أحد، بل صون حق الدفاع والحرص على احترامه".
ووثّق المحامون والمحاميات ما تعانيه سجون لبنان، ولا سيّما سجن رومية الذي يضم مبنى الأحداث، من واقع مزرٍ، وحالة مأساوية تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان، وتشمل المشكلات انتشار الأمراض، والروائح الكريهة، والجرذان، وتسرّب المياه، والرطوبة، وانعدام التدفئة، وتدني مستوى النظافة الشخصية، واكتظاظ المساجين.
كذلك جرى توثيق حالات موقوفين من دون محاكمة، وبعضهم قابع في السجن منذ أربعة أعوامٍ، وثمة آخرون يعانون من المماطلة في إنهاء الإجراءات، وأحدهم لا يزال سجيناً لعجزه عن دفع سبعين ألف ليرة (نحو 47 دولاراً أميركياً)، فضلاً عن قرار العفو العام الذي يشمل الموقوفين الإسلاميين، والذي كان بنداً خلافياً في جلسة المجلس النيابي التي حالت الانتفاضة الشعبية دون انعقادها.
وأوضح المحامي علي عباس لـ"العربي الجديد"، أنّ "المحامين سيوثّقون الحالات من طريق استمارات تُتابَع لاحقاً لتحسين ظروف السجون، وحفظ كرامة السجناء والموقوفين وفق ما تنصّ عليه قوانين حقوق الإنسان ومبادئ العدالة والإنصاف. نقابة المحامين تستعيد دورها، إذ إنّ فتح ملف السجون وحقوق المسجونين حاجة وطنية ملحة".
ولفت المحامي إيلي بازرلي إلى أنّ "غرفة عمليات نقابة محامي بيروت سجّلت مساء أمس مشاركة 723 محامياً، غير أنّ العدد ارتفع ليقارب 800 محامٍ. وقفنا عند حالة كل سجين، ولمسنا العديد من الحالات الإنسانية، فهناك موقوفون غير قادرين على دفع كفالاتهم، وآخرون متروكون من دون محاكمات، وموقوفون انتهت مدة حكمهم وما زالوا في السجون نتيجة عدم إنجاز الإجراءات لخروجهم".
وكانت نقابة المحامين في طرابلس (شمال) قد زارت نظارة قصر العدل في المدينة، وعدداً من السجون في محافظتي الشمال وعكار، بحضور النقيب محمد المراد، وبالتنسيق مع النقابة في بيروت.