ووجّه القضاء الإيطالي الدعوة لعدد من أمهات الشبان المفقودين، للمثول أمامه وسماع شهاداتهن، وفق بلاغ صادر عن سفارة تونس بروما، أكدت فيه أن الحكومة التونسية ستتكفل بجميع مصاريف استقبال وإيواء وتنقل أمهات المفقودين وعودتهن إلى تونس.
وتواجه عائلات الشبان التونسيين الذين تنقطع أخبارهم بعد رحلات الهجرة غير النظامية صعوبات جمة في معرفة مصير من فقدوا أو حتى استعادة جثث من لقوا حتفهم في البحر، فيما يظل مصير العالقين في السجون الإيطالية غامضاً رغم المجهود الكبير الذي يبذله نشطاء المجتمع المدني من أجل مساعدة العائلات التي فقدت أبناءها في رحلات الموت.
وتقول رئيسة جمعية "الخضراء" للتونسيين المفقودين في إيطاليا ربح كريّم، إنّ التونسيات اللاتي تمت دعوتهن من قبل القضاء الإيطالي سيمثلن أمام المحكمة للإدلاء بشهاداتهن بخصوص أبنائهن الذين توفوا في رحلة بحرية سرية، ولا تزال جثثهم مودعة في أحد المستشفيات الإيطالية.
وتضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ عائلات التونسيين المفقودين في الرحلات البحرية "يعيشون وضعاً نفسياً صعباً بسبب شح المعلومات حول أبنائهم، سواء من قبل السلطات الإيطالية أو التمثيليات الدبلوماسية التونسية هناك، فيما يسعى المجتمع المدني إلى الحصول على معلومات حول هذه الفئة من التونسيين بوسائله الخاصة".
وتوضح كريّم أنّ الجمعية حصلت على تسجيلات لمقاطع فيديو تثبت وجود شبان تونسيين وصلوا إلى السواحل الإيطالية، منذ شهر يوليو/تموز 2011، وهم على قيد الحياة، غير أن أخبارهم انقطعت منذ ذلك التاريخ، ولم تجد لهم العائلات أي أثر، مؤكدة أن عدد المفقودين وفق بيانات الجمعية يصل إلى 1577 مفقوداً، فيما تقدره "رابطة حقوق الإنسان" التونسية بـ504.
وتقول إنّ "الجمعية تتلقى إشعارات من عائلات المفقودين بشكل متواتر"، مؤكدة أن "الإمكانيات تظل محدودة للنفاذ إلى المعلومة حول وضعهم، في ظل تقصير من السلطات التونسية في هذا الملف"، وفق قولها.
بدورها تقول محرزية الروافي وهي والدة أحد الشبان المفقودين في إيطاليا منذ عام 2011، إنها قضت أكثر من 8 سنوات في إيطاليا، في وضع غير قانوني، للبحث عن ابنها الذي اتصل بها، وأعلمها أنه بلغ الشواطئ الإيطالية بسلام، في 14 مارس/ آذار 2011، قبل أن تنقطع أخباره منذ ذلك التاريخ.
وتضيف الروافي، لـ"العربي الجديد"، أنها تطارد حلم العثور على ابنها حيا أو حتى تسلّم جثته حتى يطمئن قلبها وتتمكن من العودة إلى تونس، معبّرة عن قلقها حول "المصير الغامض" للشباب المفقودين هناك.
ويتزايد عدد الوافدين إلى إيطاليا على متن ما يعرف بـ "قوارب شبح"، إذ بات المهرّبون ينقلون المهاجرين عبر المتوسط من تونس بدلاً من ليبيا بدون اكتشاف أمرهم، وفق تحذير صدر في سبتمبر/ أيلول الماضي عن النائب العام في مدينة أغريغنتو الإيطالية.
وارتفعت أعداد الواصلين كذلك مع اقتراب انتهاء الفرصة المتاحة للوصول إلى أوروبا قبل حلول موسم الشتاء.
وأفادت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، بأنّه بين أكثر من 6620 شخصاً وصلوا إلى إيطاليا منذ بداية العام الجاري، قام نحو 5500 من هؤلاء بذلك بشكل مستقل بدون اكتشاف أمرهم وبدون حاجتهم للمساعدة.