من منّا لم يسمع ولو مرّة قصّة من قصص الأشباح التي يؤمن بوجودها كثيرون حول العالم؟ وهؤلاء، بمعظمهم، لا يعانون اضطرابات نفسية، على الرغم من أنّهم يشيرون إلى شعورهم بوجود أشباح في الواقع أو مشاهدتهم أموراً غريبة. وقد توصّلت دراسة أُعدّت في عام 2017 إلى أنّ نحو ثلث البريطانيين يؤمنون بالأشباح، حتى أنّ أهل البلاد الأكثر تشكيكاً بوجودها يخافون غالباً من مطبّات غير مبررة قد يتعثّرون بها في الظلام، بحسب ما أوردت صحيفة "آي" البريطانية.
كيف يُفسَّر عالم الأشباح الذي يستحوذ على تفكير الكثير من البشر، منذ غابر الزمن؟ يجيب علماء أنّ إخبار الناس بأنّ ثمّة موقعاً مسكوناً يزيد من احتمالات تبليغهم عن أمور غامضة شهدوها. وفي واحدة من الدراسات ذات الصلة، تجوّلت مجموعتان من الأشخاص حول أحد المسارح. أخبر القائمون على الدراسة واحدة من المجموعتَين بأنّ المسرح كان مسكوناً، فيما المجموعة الأخرى لم تعلم بالأمر. فبيّنت نتائج الدراسة أنّ المجموعة الأولى أبلغت عن وقائع غامضة تتعلق بنشاط غير عادي، فيما لم تفد المجموعة الثانية بأيّ شيء من هذا القبيل. بالنسبة إلى القائمين على هذه الدراسة، فإنّ قوة إرادتنا أقوى بكثير ممّا نعتقد، بالتالي فإنّ الرغبة في رؤية شبح قد تكون قوية كفاية لخلق هذا الانطباع فعلاً.
من جهته، درس المتخصص الكندي في علم الأعصاب، مايكل بيرسنجر، تأثير الحقول الكهرومغناطيسية على تصوّر الناس للأشباح. بالنسبة إليه، فإنّ الحقول المغناطيسية التي لا يمكننا اكتشافها على مستوى واعٍ تتسبّب في أنماط نشاط غير عادية في فصوص الدماغ الصدغية تولّد بالتالي الإحساس بوجود ما هو غير مرئي في مكان ما. وعلى الرغم من انتقادات طاولت نظريته، فقد اكتشف العلماء أنّ الأماكن التي ذاع صيتها على أنّها مسكونة، مثل قصر هامبتون في لندن، هي محاطة بحقول مغناطيسية غير عادية.
في سياق متّصل، تتميّز الأماكن التي يظن الناس أنّها مسكونة بتشكّل العفن فيها. وتفيد تقارير ذات صلة بأنّ أصحاب المنازل التي يتشكّل العفن في داخلها، يعانون الهلوسة التي قد ترتبط بالسموم التي ينتجها العفن. وثمّة نظرية أخرى ترجّح أن تكون رؤية الأشباح مرتبطة بعوامل خارجية، منها أوّل أكسيد الكربون في بعض الحالات. ففي عام 1921، روى طبيب العيون ويليام ويلمر، للمجلة الأميركية لطبّ العيون، قصة عائلة راحت تصرّ على أنّ أشباحاً تطاردها منذ انتقالها إلى منزل قديم. وبعد تحقيقات موسّعة، تبيّن أنّ أنبوباً تالفاً كان يسرّب أوّل أكسيد الكربون إلى داخل المنزل فتسبّب في هلوسة على شكل تخيّل أشباح.