الأزمة في ليبيا تلقي بثقلها على القطاعات كافة، ولا سيّما القطاع الصحّي الذي يشهد تدهوراً كبيراً ومستمراً بسبب سوء الخدمات ونقص الكوادر الطبية. مرضى السرطان من هؤلاء المتأثّرين من جرّاء ذلك التراجع، وخصوصاً أنّ عددهم وحجم انتشار المرض غير معروفين.
يؤكد المسؤول في وحدة السجلّ الليبي للسرطان بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض، عبد المنعم بوجازية، "عدم توفّر إحصاءات دقيقة لتحديد عدد مرضى السرطان في البلاد، وما نشرته تقارير أممية تتناقلها وسائل إعلام ليبية ودولية حول نحو ستة آلاف إصابة في كل عام غير صحيح بالمطلق"، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أنّها "تقديرات فقط". يضيف بوجازية أنّ "المتوفر اليوم هو أرقام خاصة بالمستشفيات، ولا يمكن الاعتماد عليها لتحديد العدد الكلّي لإصابات السرطان. ففي حالات كثيرة، يعمد المرضى إلى فتح ملفات لهم في أكثر من مستشفى للحصول على الأدوية، فنجد أسماء كثيرة مكررة". ويوضح بوجازية أنّ "رقم ستة آلاف الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية صادر عن المرصد العالمي للسرطان (غلوبوكان) التابع للوكالة الدولية لبحوث السرطان (إيارك)، استناداً إلى معطيات أبرزها إحصائية سجل سرطان بنغازي للأعوام 2003 و2004 و2005". ولا يخفي بوجازية "سوء أحوال مرضى السرطان"، لافتاً إلى أنّ مراكز صحية كثيرة تهتمّ بالسرطان "فتحت الباب رسمياً للتبرّعات الأهلية بسبب النقص الكبير في دعمها من الحكومة ووزارة الصحة التي تتحجج بعدم توفر الميزانية اللازمة".
اقــرأ أيضاً
ويتحدّث بوجازية على سبيل المثال عن "مركز مصراتة لعلاج الأورام (جنوب غرب)، الذي يغطّي المساحة ما بين طرابلس (شمال غرب) وبنغازي (شمال شرق) وصولاً إلى سبها (جنوب شرق)، ما يعني أنّ المريض يقطع مسافات طويلة ليصل إلى الطبيب ويبحث عن الدواء الذي يكون غير متوفر في الغالب"، مشدّداً على أنّ "نقص المراكز الصحية المخصصة لمرضى السرطان أزمة تضاف إلى سوء أوضاع هؤلاء".
عند سؤاله عمّا أشيع في الآونة الأخيرة عن ارتفاع معدّلات الإصابة بالسرطان نتيجة الإشعاعات التي قد تكون خلّفتها أسلحة استخدمها الناتو لقصف مواقع كتائب القذافي عام 2011، يجيب بوجازية: "لا أنفي ولا أؤكد. وأكرّر ما قلته: نحن نعاني عجزاً كبيراً، وما تتحدّث عنه يحتاج إلى إمكانيات كبيرة للكشف عنه"، مرجّحاً أنّ "وراء القضية تضخيماً إعلامياً لأغراض سياسية".
وتلك الجهود الأهلية تأتي بهدف الوقوف إلى جانب مرضى السرطان لمواجهة أزمتهم. وتتولى "منظمة حقوق أطفال الأورام الخيرية" على سبيل المثال، منذ عام 2014، جمع تبرّعات من أهل الخير للأطفال المصابين بالسرطان. وتقول مديرة المنظمة نجاة قدور لـ"العربي الجديد"، إنّ "المراكز الحكومية بمعظمها فتحت باب التبرّع رسمياً، ونحن نتواصل معها لتوفير الحاجات اللازمة لشراء الأدوية. فاللجان الطبية التابعة لوزارة الصحة تجمّد سفر مرضى السرطان لتلقّي العلاج في الخارج، وكثيرون من الذين يسافرون لا يواصلون علاجهم بسبب عدم سداد مستحقات الدول التي تستقبلهم". وتؤكد قدور أنّ "المنظمة نجحت في جمع تبرّعات لأطفال كانوا في حاجة إلى جراحة عاجلة وتمكّنت من إنقاذ حياتهم".
من جهتها، أطلقت جمعية "أنقذوا وطني" الأهلية حملة واسعة لجمع تبرّعات، بهدف بناء مستشفى خيري لمرضى السرطان في بنغازي. يقول رئيس الجمعية علي سلطان لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحملة لن تتوقف عند بناء هذا المستشفى، بل هي تطمح إلى إنشاء خمسة مراكز"، موضحاً أنّ "تلك المراكز في الواقع عيادات وليست مستشفيات. والعيادة الأولى في بنغازي قوامها أربعة أطبّاء وستة ممرّضين تبرّعوا بنصف نهار يومياً لتأمين العلاج مجاناً. أما صيدلية العيادة فسوف توفّر الأدوية الباهظة الثمن فقط". يضيف سلطان أنّ "تكلفة العلاج الكيميائي تساوي اليوم خمسة أضعاف راتب مواطن تقريباً، فإلى أين يلجأ ذلك المواطن (في حال أصيب هو أو أحد أفراد عائلته بالسرطان)؟ في الواقع، سوف يواجه الموت المحتّم في حال لم يتوفّر له الدواء".
اقــرأ أيضاً
على الرغم من أنّ الصورة تبدو قاتمة جداً، فإنّ بوجازية يشير إلى أنّ "سوء الأقسام الخاصة بالأورام في المستشفيات الليبية دفع منظمات دولية عدّة إلى الاحتجاج على الجهات الحكومية، الأمر الذي ألزمها الالتفات إليها ولو نسبياً في الآونة الأخيرة". ويكمل أنه "تمّت الموافقة على تحويل مركز مصراتة لعلاج الأورام إلى معهد، ووفّرت له ميزانية سوف تمكّنه من متابعة انتشار المرض وتحديد أنواعه الأكثر انتشاراً، وبناء قاعدة بيانات من شأنها تسهيل العمل لمواجهة المرض الخبيث".
يؤكد المسؤول في وحدة السجلّ الليبي للسرطان بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض، عبد المنعم بوجازية، "عدم توفّر إحصاءات دقيقة لتحديد عدد مرضى السرطان في البلاد، وما نشرته تقارير أممية تتناقلها وسائل إعلام ليبية ودولية حول نحو ستة آلاف إصابة في كل عام غير صحيح بالمطلق"، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أنّها "تقديرات فقط". يضيف بوجازية أنّ "المتوفر اليوم هو أرقام خاصة بالمستشفيات، ولا يمكن الاعتماد عليها لتحديد العدد الكلّي لإصابات السرطان. ففي حالات كثيرة، يعمد المرضى إلى فتح ملفات لهم في أكثر من مستشفى للحصول على الأدوية، فنجد أسماء كثيرة مكررة". ويوضح بوجازية أنّ "رقم ستة آلاف الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية صادر عن المرصد العالمي للسرطان (غلوبوكان) التابع للوكالة الدولية لبحوث السرطان (إيارك)، استناداً إلى معطيات أبرزها إحصائية سجل سرطان بنغازي للأعوام 2003 و2004 و2005". ولا يخفي بوجازية "سوء أحوال مرضى السرطان"، لافتاً إلى أنّ مراكز صحية كثيرة تهتمّ بالسرطان "فتحت الباب رسمياً للتبرّعات الأهلية بسبب النقص الكبير في دعمها من الحكومة ووزارة الصحة التي تتحجج بعدم توفر الميزانية اللازمة".
ويتحدّث بوجازية على سبيل المثال عن "مركز مصراتة لعلاج الأورام (جنوب غرب)، الذي يغطّي المساحة ما بين طرابلس (شمال غرب) وبنغازي (شمال شرق) وصولاً إلى سبها (جنوب شرق)، ما يعني أنّ المريض يقطع مسافات طويلة ليصل إلى الطبيب ويبحث عن الدواء الذي يكون غير متوفر في الغالب"، مشدّداً على أنّ "نقص المراكز الصحية المخصصة لمرضى السرطان أزمة تضاف إلى سوء أوضاع هؤلاء".
عند سؤاله عمّا أشيع في الآونة الأخيرة عن ارتفاع معدّلات الإصابة بالسرطان نتيجة الإشعاعات التي قد تكون خلّفتها أسلحة استخدمها الناتو لقصف مواقع كتائب القذافي عام 2011، يجيب بوجازية: "لا أنفي ولا أؤكد. وأكرّر ما قلته: نحن نعاني عجزاً كبيراً، وما تتحدّث عنه يحتاج إلى إمكانيات كبيرة للكشف عنه"، مرجّحاً أنّ "وراء القضية تضخيماً إعلامياً لأغراض سياسية".
وتلك الجهود الأهلية تأتي بهدف الوقوف إلى جانب مرضى السرطان لمواجهة أزمتهم. وتتولى "منظمة حقوق أطفال الأورام الخيرية" على سبيل المثال، منذ عام 2014، جمع تبرّعات من أهل الخير للأطفال المصابين بالسرطان. وتقول مديرة المنظمة نجاة قدور لـ"العربي الجديد"، إنّ "المراكز الحكومية بمعظمها فتحت باب التبرّع رسمياً، ونحن نتواصل معها لتوفير الحاجات اللازمة لشراء الأدوية. فاللجان الطبية التابعة لوزارة الصحة تجمّد سفر مرضى السرطان لتلقّي العلاج في الخارج، وكثيرون من الذين يسافرون لا يواصلون علاجهم بسبب عدم سداد مستحقات الدول التي تستقبلهم". وتؤكد قدور أنّ "المنظمة نجحت في جمع تبرّعات لأطفال كانوا في حاجة إلى جراحة عاجلة وتمكّنت من إنقاذ حياتهم".
من جهتها، أطلقت جمعية "أنقذوا وطني" الأهلية حملة واسعة لجمع تبرّعات، بهدف بناء مستشفى خيري لمرضى السرطان في بنغازي. يقول رئيس الجمعية علي سلطان لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحملة لن تتوقف عند بناء هذا المستشفى، بل هي تطمح إلى إنشاء خمسة مراكز"، موضحاً أنّ "تلك المراكز في الواقع عيادات وليست مستشفيات. والعيادة الأولى في بنغازي قوامها أربعة أطبّاء وستة ممرّضين تبرّعوا بنصف نهار يومياً لتأمين العلاج مجاناً. أما صيدلية العيادة فسوف توفّر الأدوية الباهظة الثمن فقط". يضيف سلطان أنّ "تكلفة العلاج الكيميائي تساوي اليوم خمسة أضعاف راتب مواطن تقريباً، فإلى أين يلجأ ذلك المواطن (في حال أصيب هو أو أحد أفراد عائلته بالسرطان)؟ في الواقع، سوف يواجه الموت المحتّم في حال لم يتوفّر له الدواء".
على الرغم من أنّ الصورة تبدو قاتمة جداً، فإنّ بوجازية يشير إلى أنّ "سوء الأقسام الخاصة بالأورام في المستشفيات الليبية دفع منظمات دولية عدّة إلى الاحتجاج على الجهات الحكومية، الأمر الذي ألزمها الالتفات إليها ولو نسبياً في الآونة الأخيرة". ويكمل أنه "تمّت الموافقة على تحويل مركز مصراتة لعلاج الأورام إلى معهد، ووفّرت له ميزانية سوف تمكّنه من متابعة انتشار المرض وتحديد أنواعه الأكثر انتشاراً، وبناء قاعدة بيانات من شأنها تسهيل العمل لمواجهة المرض الخبيث".