عقدت ثلاثٌ من المؤسسات الأهلية اللبنانية مؤتمراً صحافياً لاستعراض جهود استعادة 30 ألف متر مربع على شاطئ الميناء في طرابلس، إلى الملك العام، بعد تحويلها إلى ملك خاص بقرار من وزير سابق.
ونظمت المؤتمر مؤسسة المفكرة القانونية وجمعية "الخط الأخضر" و"الحملة المدنية لحماية شاطئ الميناء"، وحضره نائبا البرلمان بولا يعقوبيان وأسامة سعد، واللذين استجابا لكتاب وجهته المفكرة القانونية إلى جميع النواب، داعية إياهم "لممارسة دورهم الرقابي على وزارة الأشغال العامة والنقل لحملها على اتخاذ التدابير الفورية للدفاع عن الملك العام".
وخلال المؤتمر طالب المدير التنفيذي للمفكرة القانونية، نزار صاغية، وزارة الأشغال بالتسليم بأن المساحة المستولى عليها هي ملك عام بموجب أحكام قضائية، وروى قصة ما وصفه بأنه "العقار الوهمي" والتي تعود إلى عام 1935، حين تم تحديد وتحرير منطقة الميناء، وتصنيف المساحة موضوع المؤتمر ضمن الأملاك العامة، قبل أن يتقدم خلال فترة الستينيات ورثة مالكي الأراضي المحاذية بطلب إعادتها إليهم بحجة وجود خطأ مادي أدى إلى إسقاط هذه المساحة من أملاكهم الخاصة.
وأضاف صاغية: "رُدَّت هذه الدعاوى، وانتهت القضية بأحكام من محكمة النقض، وأثبتت هيئة الاستشارات والتشريع عام 1993 عدم جواز المس بهذا العقار. ابتداءً من عام 1988، دأب الورثة على مراجعة وزراء الأشغال العامة ليحصلوا منهم على ما لم يحصلوا عليه في القضاء، ورفض وزير الأشغال السابق، عمر مسقاوي، الطلب صراحة، لكن خلفه الوزير غازي العريضي طلب مرتين تسجيل المساحة بأسماء الورثة من دون أي تعليل. المرة الأولى في 2010، وأوقفته وزيرة المالية آنذاك بفعل إشرافها على السجل العقاري".
وأوضح: "في عام 2013، توجه الوزير العريضي إلى قاض غير مختص، وطلب منه اتخاذ قرار بنقل المساحة إلى ملكية الورثة الخاصة، وبذلك خرجت 30 ألف متر من الملكية العامة، فبادرت بلدية الميناء في طرابلس، إلى تقديم اعتراض على القرار، كما تقدم الخط الأخضر وناشطون من الحملة المدنية لحماية شاطئ الميناء باعتراض بالتعاون مع المفكرة القانونية، وأدت الاعتراضات إلى تجميد العقار، ومنع إجراء أي قيد".
وتابع صاغية: "انتظرنا أن يعمد وزير الأشغال العامة الحالي، يوسف فنيانوس، إلى تصويب عمل الوازرة والتأكيد على الملكية العامة للمساحة، ففوجئنا بموقف معاكس، فعدا عن أنه تحول من حام لأملاك الدولة إلى محام للجهة التي استولت عليها، طلب من القاضي رد الدعوى بحجة أنه ليس لنا أي صفة في المطالبة بحماية الملك العام، وما تزال الدعوى عالقة حتى الآن".
وقالت النائبة يعقوبيان إن "قضية مساحة 30 ألف متر عينة صغيرة لما يحصل في كل الشاطئ، والفرق في هذه المسألة أن الأمر واضح، وعندما تجد نائبين فقط من أصل 128 نائباً هنا، فلا تتعب نفسك. الكل متواطئ، وكل ما هو عام في لبنان مستباح، فلولا التواطؤ بين الأفرقاء السياسيين لما حصل هذا الأمر".
من جهته قال النائب أسامة سعد: "نتحدث عن اغتصاب ملك عام، وهي مسألة تحتاج وقفة جدية لمواجهة هذا السلوك، والذي سنراه أكثر في الفترة المقبلة. سنشهد محاولات لمحاصرة القطاع العام وإضعافه، وهيمنة وسيطرة شركات خاصة تستبيح أملاك الدولة بحجة الخصخصة. هذا السلوك الذي يستهدف الأملاك العامة يخصخص حياتنا بدليل أن هذه المسائل لا تطرح على الرأي العام".
وقال نزار صاغية لـ"العربي الجديد": "المسؤولية المباشرة تقع على وزير الأشغال العامة المؤتمن على الملك العام، وهو من يفرض عليه القانون حماية الأملاك العامة لكنه لم يفعل. في 2013 حصل النقل بقرار من قاض غير مختص قبل بلعب هذا الدور، وبالتالي لم يكن لوزارة المالية علاقة بالأمر، ولا صلاحية بإبطاله كونه حصل بقرار من قاض".
وأضاف صاغية: "قرار العريضي بمنح العقار لم يستند على أي أساس قانوني، وإنما حصل بتواطؤ مع الشخص الذي يستولي على العقار. لو تتوفر آلية جدية لتحول هؤلاء الوزراء إلى القضاء. نحن نتصدى لهذا الأمر لأننا نعتبر ما حصل سرقة مكشوفة، والشخص الذي اؤتمن على الأملاك العامة هو من تخلى عنها".