انقسم التقرير إلى فصلين، فعرض الفصل الأول بعض الأحكام الصادرة بالإعدام خلال 2018، وحاول الفصل الثاني رصد أنماط الانتهاكات التي تَعرَّض لها بعض المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام أثناء سير القضايا، وأيضًا الانتهاكات خلال فترة انتظار تنفيذ حكم الإعدام وأثناء التنفيذ، والتي تلقي بكثيرٍ من الشكوك على سلامة التحقيقات وإجراءات التقاضي.
وضم الفصل الأول تفاصيل 3 قضايا قامت محكمة النقض بتأييد أحكام الإعدام الصادرة فيها، و5 قضايا تم الحكم فيها بعقوبة الإعدام في محاكم الجنايات المدنية، بالإضافة إلى قضية واحدة قامت المحكمة العليا للطعون العسكرية بتأييد أحكام الإعدام الصادرة ضد مدنيين فيها.
ورصد الفصل الثاني أنماط الانتهاكات التي تم تقسيمها إلى ستة أنواع، وهي الاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة، وانتهاك الحق في الدفاع، والاعتماد على تحريات مجهولة المصدر، وتصوير ونشر اعترافات للمتهمين قبل وأثناء مراحل المحاكمة، وحتى عقب صدور حكم الإعدام، ثم عرض الانتهاكات التي تعرض لها 65 مدانا خلال فترة انتظار تنفيذ حكم الإعدام وأثناء التنفيذ.
وقامت السلطات المصرية خلال شهر فبراير/شباط الماضي، بتنفيذ حكم الإعدام في 15 متهمًا في 3 قضايا، وقبول التماس اثنين من المتهمين في قضية عسكرية. وأظهر التقرير أن هناك توسعًا ملحوظًا في استخدام عقوبة الإعدام منذ 2017، إذ تزايدت وتيرة أحكام الإعدام فيما يتعلق بالقضايا ذات الطابع السياسي، ولكن الزيادة كانت ملحوظة في القضايا الجنائية غير المرتبطة بجرائم الإرهاب والجنايات المضرة بالأمن مقارنة بعام 2017.
وحسب التقرير، فإن "منظومة العدالة الجنائية تتخلى عن حذرها التاريخي في التعامل مع العقوبة التي لا رجعة في تنفيذها، والمؤشرات التي رصدناها في عام 2018 توحي بأن هذا التعامل غير الحذر مع الإعدام قد طاول كل أركان منظومة العدالة الجنائية".
وأوصى التقرير، بتعليق العمل فورًا بعقوبة الإعدام، ولو بصورة مؤقتة، إلى حين فتح نقاش مجتمعي حول إلغاء العقوبة بشكل كامل، وذلك وفقًا لما اقترحته الحكومة المصرية أثناء التصويت على القرار المتعلق بالعقوبة في جلسة مجلس حقوق الإنسان السادسة والثلاثين، والتوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
Twitter Post
|
كما أوصى بالتوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأوصى الحكومة المصرية بالوفاء بالتزامها تجاه اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها، والتي تنص المادة الثانية منها على أن "تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي"، وأوصى كذلك بالتوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
وقال التقرير إنه على البرلمان إعادة النظر في قوانين العقوبات والإرهاب والأحكام العسكرية والمخدرات لتقليل عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، بحيث لا توقّع تلك العقوبة إلا في الجرائم الأشد خطرًا وفي أضيق نطاق، مع تعديل قانون المنشآت الحيوية بحيث لا يُحال المدنيون المتهمون بجرائم معاقب عليها بالإعدام إلى أية محكمة استثنائية أو إلى المحاكم العسكرية.
وأوصى أيضًا بإعادة النظر في قانون الإجراءات الجنائية من أجل سد الثغرات التي تخل بحقوق المتهم وحق الدفاع، وليصبح متسقًا مع نصوص الدستور المصري، وتعديل المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية التي تعطي للمحقق الحق في أن يبدأ التحقيق بسرعة وبدون محامٍ في حالات التلبس وحالة الخوف من ضياع الأدلة، وأن يحصل المتهم الذي يواجه تهمًا تصل عقوبتها إلى الإعدام على محامٍ كفء وعلى حقه في اختيار المحامي.
وطالبت المنظمتان السلطات القضائية بعدم الاعتماد في حكمها على أقوال التحريات إلا إذا كانت مشفوعة بالأدلة والبراهين التي لا تحتمل شكًّا، وألا تعتمد على مجرد تحريات مكتبية، وأن تلتزم جهات التحقيق بعرض المتهمين على الطب الشرعي فور تصريحهم بتعرضهم للتعذيب أو تَبيُّن وجود أي إصابات بهم عند مناظرتهم، وفتح تحقيق جدي وسريع مع القائمين على ذلك، وكذلك التحقيق في أقوال المتهمين بتعرضهم للاختفاء القسري والاحتجاز غير القانوني.
وطالبتا كذلك بإعادة نشر وإتاحة التقارير السنوية لدار الإفتاء، بخصوص الآراء التي يبديها مفتي الجمهورية في قضايا الإعدام، والتي توقفت عن نشرها منذ عام 2012، كما طالبتا وزارة الداخلية بالتوقف عن نشر مقاطع فيديو للمتهمين أثناء فترات التحقيق، ما يمثل انتهاكًا أساسيًّا للحق في محاكمة عادلة وافتراض البراءة إلى أن يثبت عكس ذلك.