واختار المنظمون التجمع أمام مقر البنك الدولي لأنهم يتهمونه بـ"التواطؤ في المشروع لأهداف خبيثة، بينها إخضاع لبنان لديونه وفوائدها"، مطالبين البنك الدولي بسحب "تمويله المشبوه للسد التزاماً بأهداف التنمية المستدامة التي يدعي تبنيها".
وعبّر المتضررون من السد عن مواقفهم عبر مكبرات الصوت، فقال أحد أبناء بلدة جون، إن "السد مشروع تهجيري"، مطالباً بمشاريع تنموية لا تهجيرية. وأضاف: "يضم مرج بسري ستة ملايين متر مربع، وهي تؤمن فرص عمل في مجال الصناعات الغذائية. السد لن يخزن المياه لأن الأرض كلسية، وهذا ما يعرفه البنك الدولي".
وتساءلت إحدى الناشطات عن سبب اللجوء إلى سد يتطلب بناؤه 10 سنوات، ويتطلب ملؤه 10 سنوات أخرى، واعتبرت أن "مشروع السد فيه خداع للفقراء لأنه سيسقيهم مياهاً ملوثة". وطالب ناشط آخر بسياسات وطنية تؤمن العدالة الاجتماعية للجميع، وتوجّه إلى البنك الدولي قائلاً: "احترموا إرادتنا".
وأكد النائب أسامة سعد في كلمته رفضه المشروع، وقال: "يوجد مافيا تتحكم في هذا المجال، وفي كل المجالات"، فقاطعه المعتصمون مطالبين إياه بتسمية المافيا بأسمائها، فرد بالقول: "كلهم، المافيا محمية من الجميع. نحن دولة مزارع. لدينا حق ببيئة سليمة"، ليقاطعه مجدداً معتصمون: "اعترض في المجلس النيابي"، ليرد: "اعترضت".
وألقى رولان نصور بيان "الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري"، وقال: "جئنا اليوم كي لا تشرب بيروت مياهاً مسرطنة، ولأن هناك مصادر مياه وينابيع أقرب إلى بيروت من سد القرعون، وسد بسري. اسألوا أهل الضنية عن سد بريصا الذي كلف الملايين ولم يخزن نقطة مياه بسبب طبيعة الأرض غير المناسبة للسدود. سد القيسماني تسبب بتلويث نبع الشغور، وسد القرعون بات مصدراً للأمراض، وسد بلعا اكتشفوا أن أرضه مليئة بالبواليع والتشققات، وسد بقعاته تسبب بانهيارات وتشققات في المنازل المحيطة".
وتابع نصور: "لبنان لا يعاني من مشاكل في المياه، وإنما من الفساد في قطاع المياه، ومن الشبكة المهترئة التي تهدر أكثر من 40 في المائة من المنسوب. لبنان يعاني من تعطل محطات التكرير، وفوضى في إدارة المياه الجوفية".
والتقت ممثلة المدير الإقليمي للبنك الدولي، ساروج كومار جاه، المعتصمين، لتتسلم العريضة التي وقع عليها مواطنون لمطالبة البنك الدولي بسحب تمويله لمشروع سد بسري، وتحميله مسؤولية بناء السد. وأوضحت أن المدير غير موجود في لبنان حالياً، لكنه حريص على الاجتماع بالرافضين لمناقشة وتوضيح المخاوف. "اعطونا اسم ممثل عنكم لنتواصل معه، وندعوكم لاجتماع لمناقشة مخاوفكم".
وقوبلت الدعوة بهتافات استهجان من المعتصمين الذين طالبوا بوقف فوري لتمويل المشروع، فغادرت ممثلة البنك، فيما أعلنت الحملة رفضها للتحاور خشية أن تتكرر التجارب السابقة في هذه الملفات.
واقترح الجيولوجي سمير زعاطيطي حفر آبار والاستفادة من المياه الجوفية في أماكن قريبة من بيروت، ونقل مياهها لحل أزمة مياه بيروت، وشرح لـ"العربي الجديد"، أنه "بعد دراسة الوضع الجيولوجي والهيدرولوجي في لبنان، تبين أن هذا هو الحل الأمثل، وطبق في بعض الأماكن في الجنوب، كالنبطية ومدينة صيدا التي تؤمن 100 في المائة من مياهها من خلال الآبار".
وتابع: "بناء السدود يعتمد على دراسات قديمة، وسياسات مائية قديمة، ويعود سبب رفض حفر الآبار إلى تدني كلفتها التي تتراوح بين 50 و60 آلف دولار، وهي تجارة غير مربحة لمن يتخذ قرار بناء السدود، وخطة الأمم المتحدة للتنمية لم تنصح بالتخزين السطحي للمياه، ففي لبنان ثلاثة مليارات متر مكعب من المياه الجوفية التي يمكن الاستفادة منها، في حين بنيت خمسة سدود، وهي الآن لا تحتوي على مياه".
وأوضح زعاطيطي أن "المنطقة غير صالحة جيولوجياً لإقامة سد، وقرار البنك الدولي ومجلس الإنماء والإعمار ببناء السد لا يستند إلى قواعد علمية، أما المياه التي تجري في نهر بسري فهي مياه صرف صحي قادمة من جبل الباروك".