دانت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" تورط أجهزة الأمن في غلق كنيسة "الأنبا كاراس السائح" بقرية "نجع الغفير" بمحافظة سوهاج، جنوبي مصر، داعية إلى إعادة فتح جميع الكنائس المغلقة في البلاد، والتي وصل عددها إلى 22 كنيسة منذ تطبيق قانون بناء الكنائس.
واستنكرت المبادرة الحقوقية في بيان اليوم الأربعاء، غلق الكنيسة بواسطة قوات الأمن، في أعقاب محاصرتها من قبل العشرات من أهالي القرية المسلمين الذين رددوا هتافات عدائية ضد المواطنين المسيحيين، مشيرة إلى أن الاشتباكات بين الطرفين أدت إلى إصابة رجل دين مسيحي، ومواطن آخر، بعد التعدي عليهما.
وشدّد البيان على أن ممارسة الشعائر الدينية في صورة منفردة أو جماعية، سواء داخل كنيسة أو منزل أو مبنى ديني، هو حق أساسي كفله الدستور المصري، والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها الحكومة المصرية، ولا يجب أن تخضع لتحكم أهواء الأشخاص.
وأشار إلى غلق الأجهزة الأمنية العديد من الكنائس التي تقام الصلوات فيها بانتظام، بحجة عدم وجود تراخيص رسمية، بالمخالفة للمادة الثامنة من قانون بناء الكنائس لسنة 2016، والتي تنص على استمرار ممارسة الشعائر في الكنائس، والمباني الدينية، وعدم غلقها، حتى لو لم تحصل على التراخيص اللازمة، أو لم تتوفر فيها الشروط.
واستشهدت المبادرة بالخطاب المرسل من رئيس قطاع التشييد بوزارة الإسكان، في 6 يناير/ كانون الثاني 2018، إلى ممثل طائفة المسيحيين الأرثوذكس، القس ميخائيل أنطون، والذي يفيد بأنه تمت مخاطبة المسؤولين في 14 محافظة مصرية، بعدم وقف أي شعائر دينية بالكنائس التي تقدمت بأوراقها إلى لجنة التقنين.
ورصدت "المبادرة المصرية" 32 حادثاً على خلفية طائفية منذ بداية تطبيق قانون بناء الكنائس، وحتى إبريل/ نيسان الجاري، ترتبط جميعها بممارسة الشعائر الدينية، لافتة إلى أن تدخلات مؤسسات الدولة المختلفة أسفرت عن غلق 22 كنيسة، ومنع إقامة الشعائر الدينية الجماعية في المناطق التي تقع بداخلها.
Twitter Post
|
وقال مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة، إسحق إبراهيم، إن هذه الاعتداءات مرشحة للتكرار والتزايد خلال الفترة المقبلة، طالما استمرت طريقة تعامل "لجنة توفيق أوضاع الكنائس" مع الطلبات المقدمة إليها، والتي توفر الأجواء المناسبة للتحريض ضد وجود الكنائس، خصوصاً أن معدل إصدار القرارات بطيء للغاية. "اللجنة تتعامل مع الطلبات في المدن أو القرى التي بها كثافة أعلى للمواطنين المسيحيين، ولا تتعامل مع الكنائس القائمة في مناطق التوتر الطائفي، أو التي قد تشهد أعمال عنف".
وأكدت "المبادرة المصرية" أن تكرار هذه الاعتداءات يدلل على فشل قانون بناء وترميم الكنائس في حل المشكلة التي طالما عانى منها المسيحيون في مصر، بل إن التشريع في حقيقة الأمر "ما هو إلا سد لباب التحايل على المعوقات السابقة، عبر الصلاة في المنازل، ثم تحويلها إلى كنائس في مراحل لاحقة".
وحاصر العشرات من مسلمي قرية "نجع الغفير" الكنيسة عصر يوم الجمعة الماضي، أثناء تنظيم خدمة مدارس الأحد للأطفال، مرددين هتافات عدائية رافضة لوجود الكنيسة، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات استمرت لقرابة الساعتين، حتى وصلت قوات أمنية.
وسادت أجواء من التوتر القرية في اليوم السابق للأحداث، حين اعترض عمدة القرية على بناء سقف الطابق الرابع، ومهاتفته مسؤولي الوحدة المحلية الذين جاؤوا لمصادرة مواد البناء بالمكان، مع تكليف بعض أفراد الأمن بحراسة المكان.
وعلى مدار عقود، فسرت المحاكم المصرية مرسوماً عثمانياً يعود إلى عام 1856، بصفته يعطي رئيس البلاد وحده حق التصريح ببناء الكنائس، وفي عام 1934 وضعت وزارة الداخلية قواعد مقيدة لإنشاء الكنائس، إلى أن ناقشت حكومات مصرية عدة إصدار قانون موحد لدور العبادة لجميع الأديان، لكنه لم يصدر، وصدر القانون في صورته الحالية بعد تفاوض الحكومة سراً مع قيادات الكنيسة، بعيداً عن منظمات المجتمع المدني.