في مارس/ آذار الماضي، تسلّمت العاصمة القطرية الدوحة من العاصمة الفلسطينية القدس مفتاح "عاصمة الشباب الإسلامي 2019"، في حفل بالعاصمة التركية أنقرة نظمته منظمة التعاون الإسلامي.
تحت شعار "الأمّة بشبابها" انطلقت اليوم فعاليات "الدوحة عاصمة الشباب الإسلامي 2019"، وسلّم رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية القطري، الشيخ عبد الله بن ناصر آل ثاني، مفتاح ذلك الحدث للشباب القطري، على أن يبقى في الدوحة طوال العام الجاري ثمّ يسلّم إلى ممثلي الشباب في الدولة المستضيفة لاحتفالية عاصمة الشباب الإسلامي لعام 2020.
في مستهل الحفل، تلا الشاب محمود الشريف، عبر الشاشات، آيات من القرآن مباشرة من أمام بيت المقدس، قبل أن يلقي رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة في فلسطين جبريل الرجوب كلمة أكّد فيها أنّ اختيار الدوحة عاصمة للشباب الإسلامي 2019 جاء "مثالياً" نظراً إلى ما تقدّمه قطر للشباب والرياضة، حتى باتت نموذجاً نفتخر به في العالم العربي والإسلامي. وأوضح الرجوب أنّ برنامج "القدس عاصمة الشباب الإسلامي لعام 2018" حمل رسالة إلى العالم أجمع، مفادها أنّ فلسطين ليست وحدها في مواجهة الاحتلال، كذلك ساهم في تسليط الضوء على الكفاح العادل للشعب من أجل أمنه وحريته. من جهته، ألقى رئيس منتدى الشباب الإسلامي، التركي طه ايهان، كلمة أكّد فيها أهميّة اختيار الدوحة عاصمة الشباب الإسلامي لعام 2019، لافتاً إلى وجود خطة عمل أقرّت من قبل وزراء منتدى التعاون الإسلامي سوف يكون لها أثرها الملموس على الشباب.
كلمة وزارة الثقافة والرياضة القطرية ألقاها في الحفل نائب رئيس مجلس إدارة المركز القطري الثقافي الاجتماعي للصمّ، سعيد المري، الذي استخدم لغة الإشارة وعبّر عن سعادته باختيار الدوحة عاصمة للشباب الإسلامي لعام 2019 بالإجماع، ما يعكس مكانة دولة قطر في دعمها الشباب وحرصها الدائم على تمكينهم. وأكّد المري أنّ تلك الفعاليات سوف تسهم بصورة كبيرة في تحقيق التقارب الثقافي بين الشباب، علاوة على تبادل الخبرات والأفكار في ما بينهم، فيشكّل كل ذلك انطلاقة جديدة للشباب لخدمة أمّتهم. وشدّد على أنّ هذا هو الأمر الذي يعزّز الشعار الذي ترفعه الاحتفالية: "الأمّة بشبابها".
شباب قطر يتسلّمون مفتاح الاحتفالية (العربي الجديد) |
من جهته، قال رئيس جامعة قطر، حسن راشد الدرهم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "اختيار الدوحة عاصمة للشباب الإسلامي لهذا العام، جاء نتيجة ما تقدّمه قطر لشباب الأمّة الإسلامية"، مؤكّداً أنّ "جامعة قطر كونها مجتمعاً شبابياً، فإنّها سوف تشارك في أنشطة وفعاليات كثيرة تكون بمثابة ملتقى للشباب ليس من قطر فحسب، بل من العالم العربي والإسلامي ككل".
وتتنوّع الفعاليات المرتقبة في سياق هذه الاحتفالية، بين أنشطة وبرامج ومهرجانات شبابية في العاصمة الدوحة طوال هذا العام، بمشاركة وفود شبابية من مختلف الدول الإسلامية، وذلك لإتاحة الفرصة أمام الشباب للتحاور حول قضايا راهنة كثيرة ومناقشة مجموعة من المشاريع والتجارب الشبابية الرائدة بهدف استلهام العبر وتبادل التجارب والخبرات. وتهدف هذه الفعاليات إلى تحقيق التناغم مع استراتيجية وزارة الثقافة والرياضة القائمة على تمكين الشباب عبر إسنادهم تخطيط وتنفيذ وإدارة الأنشطة والبرامج المقترحة، دعماً لقدراتهم في إدارة الفعاليات ودفعاً لهم إلى مزيد من العطاء والتفاني في خدمة الوطن.
في تصريحات صحافية، أكّد مدير إدارة الشؤون الشبابية، حسين بن راشد الكبيسي، أنّ وزارة الثقافة والرياضة سخّرت كل إمكاناتها وخبراتها وتجاربها من أجل تنظيم مميّز لفعاليات الدوحة عاصمة الشباب الإسلامي 2019، بإشراف وتنظيم مركز قطر للفعاليات الثقافية والتراثية. أضاف أنّ الأمر سوف يشمل إطلاق جائزة الدوحة للإبداع الشبابي وتقديم برنامج الفعاليات، من أبرزها إقامة منتدى الدوحة للشباب الإسلامي وتنظيم واحة الدوحة للابتكار واحتضان مخيّم الدوحة الشبابي للعمل التطوعي والإنساني، على أن تختتم الفعاليات مع نهاية عام 2019 بحفل يُكرَّم فيه الفائزون بجائزة الدوحة للإبداع الشبابي.
من جهته، رأى المدير التنفيذي للنادي العلمي القطري، حارب الجابري، في تصريحات صحافية، أنّ هذا العام سوف يكون شبابياً بامتياز، ما يجعله قيمة مضافة إلى الجهود التي تبذلها وزارة الثقافة لدعم الشباب والنهوض بابتكاراتهم وإبداعاتهم. وأشار إلى أنّ النادي العلمي سوف يشارك في فعالية "واحة الدوحة للابتكار" على المستويَين الفردي والجماعي، موضحاً أنّ المستوى الفردي سوف يركّز على المبتكرين عبر تنظيم مسابقة يشارك فيها 56 مبتكراً من الدول الإسلامية إلى جانب معرض لابتكاراتهم، على أن تخضع المسابقة للجنة تحكيم دولية بهدف ضمان جودة الابتكارات. أمّا على المستوى الجماعي، فيتوزّع 56 مبتكراً على 10 فرق بحسب الجابري، فيعمدون إلى ترجمة ما يُطرح عليهم إلى مفهوم ابتكاري، وذلك وفق أسس علمية وموضوعية.
وقد بُثّت خلال الحفل عبر الشاشات، أغنية بعنوان "الأمّة بشبابها" أدّتها المطربة العراقية أصيل هميم، استوحت كلماتها من شعار الاحتفالية، في حين قدّم طلاب من جامعة قطر عرضاً مسرحياً تناول أحوال الأمّة الإسلامية. وتؤكد وزارة الثقافة والرياضة أنّ شعار احتفالية الدوحة عاصمة الشباب الإسلامي 2019، "الأمة بشبابها"، له دلالة عميقة ويعكس إرادة الدول الإسلامية ورهاناتها لجعل الشباب فاعلاً أساسياً في ترسيخ قيم الوحدة والتعاون والحوار وتمكينه من إدارة الشأن العام وتحقيق استراتيجيات التنمية المستدامة والواعدة.
وينبع الشعار من التحديات التي تواجه شباب العالم الإسلامي، مؤكداً أنّ شباب العالم الإسلامي المؤمن بقيم العدل قادرٌ على الاستفادة من الفرص التاريخيّة التي تدعوه إلى الإبداع في كل مجالات الحياة. فالمجتمعات الإسلاميّة تحتاج إلى إبداع شبابها وكذلك إلى طاقته في تحقيق الازدهار. ويعكس الشعار حرص الدوحة على أن تكون بيئة مناسبة للتعارف بين الشباب والتفاعل حول القضايا التي تشغله، ولتفعيل شروط التمكين من أجل حياة كريمة للمجتمعات الإسلاميّة لأنّ "الأمّة بشبابها".
تجدر الإشارة إلى أنّ ترشيح دولة قطر لتكون الدوحة عاصمة الشباب الإسلامي لعام 2019، قوبل بموافقة بالإجماع من قبل الدول الأعضاء في منظمة منتدى شباب المؤتمر الإسلامي للحوار والتعاون، الذارع الشبابية لمنظمة التعاون الإسلامي. وجاء هذا الاختيار تقديراً للجهود التي تقدّمها دولة قطر في دعم الشباب الإسلامي وتمكينه. ومن المعلوم أنّ منتدى التعاون الإسلامي للشباب مُنح صفة المؤسسة المنتمية لمنظمة التعاون الإسلامي بمقتضى القرار الصادر عن الدورة الثانية والثلاثين للمؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية التي انعقدت في العاصمة اليمنية صنعاء ما بين 28 و30 يونيو/ حزيران من عام 2005.