نعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مؤسسها الدكتور روبرت بيرنشتاين، المدافع عن حقوق الإنسان والمعارضين والكتاب، والذي ترأس مجلسها حتى عام 1990، واستمر بعمله الاستشاري في مكتبها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى وقت قصير قبل وفاته، وتوفي يوم 27 مايو/ أيار الجاري عن عمر 96 عاماً.
تاريخ بيرنشتاين حافل في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية والمعارضين والكتاب إيماناً منه بأهمية مواجهة الحكومات القمعية وحرية التعبير وصون حقوق الإنسان.
قال عنه المدير التنفيذي لـ"هيومن رايتس ووتش"، كينيث روث: "كان لدى بوب بيرنشتاين رؤية لدعم حقوق الإنسان الدولية عندما لم يدرك البعض أهمية هذه الحقوق". وأضاف "كان ملتزمًا بشكل خاص بالدفاع عن المعارضين الذين يملكون الشجاعة للوقوف في وجه الحكومات القمعية، ووضع طاقته للدفاع عنهم وعن مصالحهم".
وقالت المديرة التنفيذي لمنظمة "هلسنكي ووتش" والكاتبة جيري لابر عنه "أظهر بوب على سبيل المثال أن الثبات والوفاء يؤتيان ثمارهما في العمل في مجال حقوق الإنسان، وأنه لا بأس من إظهار المشاعر تجاه انتهاكات حقوق الإنسان، وأن هناك مجالاً في مكان العمل للصداقة والفكاهة. لم يدعنا ننسى أبداً كلمة "إنسان" في هيومن رايتس ووتش".
وأصبحت "هيومن رايتس ووتش" بفضل مؤسسها منتشرة في 100 دولة، ويغطي موظفوها مجموعة من قضايا حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية، إلى جانب التحقيق في الانتهاكات التي ترتكبها الحكومات والجماعات المتمردة والشركات وغيرها.
وتشير المنظمة في بيان عن المؤسس بيرنشتاين نشرته أمس الثلاثاء، إلى أنه في عام 2009 انتقد بيرنشتاين علانية تقارير "هيومن رايتس ووتش" عن حقوق الإنسان في إسرائيل. وردت المنظمة ومجلس إدارتها بأن عمل المنظمة في المنطقة صارم ودقيق، ويطالب إسرائيل بتطبيق نفس المبادئ والمعايير المطبقة على جميع الحكومات حول العالم. وواصل بيرنشتاين عمله في اللجنة الاستشارية لـ "هيومن رايتس ووتش "في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى وقت قصير قبل وفاته.
قبل "هيومن رايتس ووتش"
بدأ بيرنشتاين، وهو حامل شهادة بكالوريوس في العلوم من جامعة هارفارد عام 1944، عمله في مجال حقوق الإنسان مدافعاً عن حرية الكتابة أولاً، وساعد المؤلفين في محاربة رقابة الاتحاد السوفييتي خلال معارض موسكو للكتاب في سبعينيات القرن الماضي. دفعته تلك المبادرات إلى تأسيس وترؤس صندوق حرية التعبير في عام 1975 ثم في وقت لاحق "هلسنكي ووتش" في عام 1978، وهي مجموعات أصبحت "هيومن رايتس ووتش" في عام 1988.
و"هلسنكي ووتش" منظمة أميركية غير حكومية خاصة أسسها روبرت بيرنشتاين لرصد امتثال الاتحاد السوفييتي السابق لاتفاق هلسنكي لعام 1975. وبدأت المنظمة في استخدام التغطية الإعلامية لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومات التعسفية. وأنتجت العديد من لجان المراقبة الأخرى المكرسة لرصد حقوق الإنسان في أجزاء أخرى من العالم.
أعقب ذلك بفترة وجيزة إنشاء منظمة Americas Watch لدراسة حقوق الإنسان وانتهاكات قوانين الحرب في أميركا اللاتينية، بما في ذلك الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في تلك الحروب. كما أضيفت إليها "لجان المراقبة" الإقليمية الأخرى في الثمانينيات. وبعد مذبحة تيانانمين في بكين في يونيو/ حزيران عام 1989، اهتم بيرنشتاين اهتمامًا خاصًا بتعزيز حقوق الإنسان في الصين وتقديم الدعم للناشطين المحاصرين هناك.
معهد بيرنشتاين العلاجي
أسس الدكتور روبرت بيرنشتاين، وهو من المحاربين الذين شاركوا في حرب فيتنام بين عامي 1943 و1946، معهد بيرنشتاين العلاجي منذ أكثر من 40 عاماً، لمساعدة الجنود على حل مشاكل الصدمة واضطرابات ما بعد الصدمة المرتبطة بتجاربهم القتالية. وكان بيرنشتاين ملتزماً بتقديم المساعدة الطبية والنفسية لقدامى المحاربين الذين شاركوا في الحروب في كوريا وفيتنام، والعراق، وأفغانستان والصراعات الأصغر بينهما ليتمكنوا من إيجاد السلام وعودتهم إلى حياتهم اليومية. ويأخذ المعهد على عاتقه توفير العلاج والمشورة للمتضررين بمساعدة طاقم من المدنيين والعسكريين ممن كانت لهم تجربة في الحرب، ودعمهم للتغلب على تجارب الحياة الرهيبة التي أثرت على صحتهم الجسدية والعاطفية.
معهد بيرنشتاين الحقوقي ومنح للطلاب
في عام 2015، أنشأت كلية الحقوق بجامعة نيويورك معهد روبرت ل. بيرنشتاين لحقوق الإنسان، وهو مركز أبحاث من شأنه تعزيز المنح الدراسية والتعليم والدعوة في قضايا حقوق الإنسان في الولايات المتحدة وخارجها، ويركز على الدفاع عن المعارضة وتعزيز التمكين القانوني. ويتبنى المعهد نهجًا يعمل على تعميق المشاركة مع أصحاب المصلحة الرئيسيين في السعي لتحقيق العدالة: طلاب القانون والمدافعون عن حقوق الإنسان والعلماء والقضاة والحلفاء متعدد التخصصات والمجتمعات المتأثرة.
وسبق للكلية أن كرّمت بيرنشتاين وأنشأت زمالة روبرت ل. بيرنشتاين في مجال حقوق الإنسان الدولية في عام 2006.
وأسست عائلة بيرنشتاين زمالة باسم بيرنشتاين في جامعة ييل عام 1998، توفر منحاً للطلاب من خريجي الحقوق على أن يكرسوا جهودهم لتعزيز حقوق الإنسان في العالم.
ونال بيرنشتاين الدكتوراه الفخرية من عدد من الكليات والجامعات الأميركية، كما نال العديد من الجوائز من مؤسسات حقوقية تعنى بالدفاع عن المعارضين والكتاب والناشرين والحريات والعدالة الاجتماعية. وله كتاب بعنوان "التحدث بحرية: حياتي في مجال النشر وحقوق الإنسان" صدر في مايو/ أيار 2016.