يحتدم الهجوم ويصل إلى حدود التهديد بالتصفية الجسدية للنائبة عن محافظة ذي قار (جنوبا) الممثلة للحزب الشيوعي العراقي هيفاء الأمين، على خلفية تصريحات أدلت بها منتقدة بعض مديرات المدارس وتضييقهن على الطالبات داخل المؤسسات التعليمية، وذلك بعد أقل من أسبوع على تصريحات أخرى وصفت فيها الأمين الجنوب العراقي بـ "المتخلف" خلال ندوة حوارية في لبنان.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للنائبة الأمين تنتقد فيه المرجعية السياسية لمديرات المدارس. وقالت إن جميع مديرات المدارس ينتمين إلى كتل وأحزاب سياسية إسلامية.
ورأت الأمين أن هذا الأمر ينعكس على الطالبات اللائي يتأثرن بالمعلمات، مشيرة إلى أن بعض مديرات المدارس يطلبن من الطالبات اللطم من أجل الثواب. وأظهر مقطع الفيديو تأييد النائبة لمصطلح "ملايات" الذي أطلقه أحد المستمعين لحديثها على مديرات المدارس.
و"الملاية" مصطلح محلي عراقي يطلق على نساء غير حاصلات على مؤهلات جامعية، تسند إليهن مهمة نشر بعض العادات والتقاليد في بعض المؤسسات الدينية والحزبية المرتبطة بالطوائف العراقية في المجتمعات الريفية.
وبعد موجة النقد الواسعة، قدمت النائبة الأمين، العضو في التحالف النيابي "سائرون"، اعتذاراً مسجلاً، أوضحت فيه أن المنتقدين فسروا كلامها خطأ حين تحدثت عن التخلف في جنوب العراق مقارنة ببغداد وكردستان وغيرهما، مشيرة إلى أن كلامها أتى في سياق تشخيص حال الجنوب في التخلف العمراني والاقتصادي والصناعي والتعليمي والصحي وحرية المرأة وحقوق الطفل والإنسان عموما".
وأشارت إلى أن انعكاسات ذلك التخلف تؤدي إلى تزايد حالات الانتحار والتسرب المدرسي ومشاكل أخرى كثيرة. وأكدت أنها لم تقصد الإساءة لأهل الجنوب حيث تنتمي، وأعادت الاعتذار ممن فسروا كلامها تفسيراً خاطئاً.
وسبق اعتذار الأمين بياناً أصدرته نقابة المعلمين العراقيين في ذي قار، طالبتها فيه بالاعتذار العلني. واعتبر البيان أن إدارات المدارس يتم اختيارها وفقاً لضوابط وزارية بحضور لجنة مهنية تمثل جهات تربوية معروفة، مؤكدة في بيان أن هذه الإدارات كفؤة.
وأشار إلى "دعوات مظللة لخداع هذا الجيل وحرفه عن الطريق القويم، وإشاعة روح المياعة والانحلال"، رافضاً وصف النائبة الأمين جميع مديرات مدارسنا بـ "الملايات" وممارسة اللطم داخل المدارس، والانتماء إلى أحزاب سياسية.
واعتبر أن تصريحات النائبة هيفاء الأمين "تقدح بمهنية وحيادية وسلوك مديرات المدارس".
وطالبت النقابة النائبة بتقديم اعتذار علني يبث داخل أروقة مجلس النواب العراقي، داعية رئاسة البرلمان إلى اتخاذ موقف من هذه التصريحات.
في المقابل دعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنظيم حملة تأييد للنائبة الأمين التي قالوا إنها تعرضت لتهديدات بالتصفية.
وقال الناشط شمال عادل سالم على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن حياة النائبة هيفاء الأمين في خطر، داعياً للمشاركة في حملة تضامن سيطلقها بهذا الخصوص.
وأضاف "انطلقت في بغداد قبل أيام حملة إعلامية متواصلة ذات طبيعة سياسية بحتة من قبل مؤسسات وجماعات وشخصيات تشكل جزءا من القوى السياسية التي تتاجر بجوعنا وحرماتنا ضد النائبة هيفاء الأمين بسبب آرائها وطروحاتها وصراحتها".
وتابع "بات واضحاً أن هذه الحملة الظالمة هي محاولة لممارسة الضغط السياسي والاجتماعي والنفسي لمنتجي الطائفية والكراهية والكوارث والنكبات والسرقات والفساد والإرهاب بهدف الإساءة لمكانة ودور السيدة (الأمين) لتشويه سمعتها ومحاربتها لأسباب يعرفها أبناء شعبنا وهي إسكات صوت جريء لامرأة مناضلة ومكافحة لأجل شعبها العراقي عامة والجنوب خاصة".
وتعد هيفاء الأمين من أبرز قيادات الحزب الشيوعي العراقي ذات التوجهات اليسارية في جنوب العراق، خاضت الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في مايو/ايار 2018 في محافظتها ذي قار (ذات الطبيعة المحافظة) ضمن تحالف "سائرون"، وحصلت على مقعد نيابي، ويوم السبت الماضي تم انتخابها رئيسة للجنة المرأة في مجلس النواب العراقي.