لم يتمكن المعارض السوري المقيم في تركيا عمار الشيخ حيدر، من مقابلة زوجته وابنته منذ انتقالهما للإقامة في الأردن سنة 2010، رغم كل محاولاته، ما دفعه للدخول في إضراب كامل عن الطعام والكلام منذ الخميس، 2 مايو/أيار، تحت شعار: "أصبحت وزناً زائداً على هذه الأرض".
فشل الخمسيني السوري في الاعتصام أمام القنصلية الكندية بإسطنبول بسبب رفض حراس القنصلية، فقرر أن يتجول في "ساحة تقسيم" الشهيرة، حاملا على صدره لافتة كبيرة كتب عليها بعدة لغات بينها العربية والتركية: "عشر سنوات ليست رقما. بل جرح ينزف. أريد رؤية ابنتي مروة".
وأكد الشيخ حيدر لـ"العربي الجديد"، عن طريق الكتابة، وبمساعدة صديقه حسين بصبوص، أن الإضراب هو الوسيلة الوحيدة المتاحة له للتعبير عن مأساته بطريقة سلمية، وأنه سيواصل إضرابه حتى يلتقي بأسرته.
وأوضح: "أنا حالة سورية متكررة لأشخاص لا يستطيعون رؤية أهلهم، ويعانون من ظروف اللجوء والفقر والقهر. اعتقلنا نظام بشار الأسد سابقا، ثم هدم بيوتنا وأحلامنا، ولا بد لنا من إيصال معاناتنا للمجتمع الدولي الذي لم يعد يرانا سوى أرقام وقصص للمتاجرة والصفقات".
وأضاف عمار الشيخ حيدر أنه قرر الاعتصام أمام السفارة الكندية بسبب تعطيل طلب لجوئه ولم شمل أسرته، "تقدمت قبل عامين، وخضعت لمقابلة ولجميع الفحوص، لكني لم أحصل على حق اللجوء حتى اليوم، فقررت الاعتصام احتجاجا، وعلى عدم طلب زوجتي للمقابلة رغم أن السفارة الكندية في الأردن قابلت ابنتي، والتي لم تزل تنتظر حتى الآن مثلي".
وشرح تفاصيل مأساته قائلا: "تم اعتقالي عام 2010، في فرع الفيحاء للأمن السياسي بدمشق، بتهمة نقل أخبار كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة، والإساءة إلى حافظ الأسد، وحين استشعرت أسرتي الخطر هربت إلى الأردن. خرجت من المعتقل بعد نحو أربعة أشهر، فذهبت إلى مصياف لرؤية أمي، لكن الأمن السياسي هناك اعتقلني مرة أخرى وأرسلني إلى سجن حمص، واحتجزت فيه نحو عام، لأخرج نهاية 2011 مصاباً بعدة أمراض، بينما الثورة التي كنت أحلم بها في أوجها".
وأضاف: "بعد خروجي من السجن، شاركت في المظاهرات، وكنت أساعد النازحين إلى دمشق، لكني اعتقلت مجددا لمدة شهر من جهة لم أعرفها، وأظنها تابعة لحزب الله اللبناني، وفي هذه الأثناء قتل النظام ابن أخي إسماعيل، ولما رفضت رفع صور بشار الأسد خلال تشييع إسماعيل، بدأت التهديدات تلاحقني، وتعرضت ليلاً لكمين أنقذني منه أصدقائي، فلم يكن من مجال للبقاء في سورية".
وتابع: "غادرت إلى لبنان عام 2014، وعملت مع فريق (طالعين ع الضو) الإنساني، وكنا نقدم الدعم النفسي للأطفال السوريين عبر الموسيقى والمسرح والشعر، لكني لم أنج من التهديد في بيروت، وظل اسمي يلاحقني، فأنا شقيق وزير المصالحة السوري، فغادرت إلى مدينة مرسين التركية، وهناك حاولت مع مجموعة من الأصدقاء إحصاء الأطفال السوريين خارج مقاعد الدراسة في ولاية أنطاكيا، إلا أن عدم تبني ممثلي المعارضة السورية للمشروع جعلنا نؤجله".
تدخل صديقه ومرافقه حسين بصبوص، وطلب منه أن يتكلم عن ابنته مروة وتفوقها بالجامعة، فقال إنها ابنته الوحيدة، وإنها تفوقت رغم كل الظروف، وكان معدلها حتى السنة الثالثة جيداً جداً. لكنهم أوقفوا دراستها بالجامعة الأهلية الأردنية "لأننا لم نستطع دفع الأقساط المتراكمة. وربما لن يعطوها أوراقها إذا تم قبول طلب لجوئنا إلى كندا قبل تسديد أكثر من 5 آلاف دولار. مروة الآن تعمل موظفة استقبال في ناد رياضي بمدينة إربد".
سألناه عن دور شقيقه وزير المصالحة الوطنية الدكتور علي حيدر، فقال: "هذا موضوع لا أحب التحدث حوله، وهو أكثر ما يؤلمني بعد تدمير سورية، وابتعادي عن أهلي".
وختم حديثه مؤكدا: "أنا الآن بلا عمل ولا أمل، وانسدت جميع الآفاق بوجهي، فقررت إطلاق حملة أريد لقاء أسرتي، وربما تكون حملة شخصية، لكنها تعبير عن حالة كثير من السوريين".