أعلنت السلطات القضائية العراقية، اليوم الأحد، أنّ نحو ألف طفل أجنبي خلّفهم تنظيم "داعش" الإرهابي مودعون في دوائر سجون الإصلاح العراقية وغالبيتهم من دول أوروبا الشرقية، في إطار مساعٍ حثيثة لتسليمهم إلى بلدانهم.
ويعدّ ملف الأطفال والنساء التابعين للتنظيم واحدا من أكبر المشاكل التي تقف في طريق الحكومة العراقية بعد تحرير الأراضي من التنظيم، خصوصاً بعد استلامها المئات من عناصر التنظيم من مليشيات "قسد" السورية بعد تحرير الباغوز السورية.
وقال قاضي تحقيق المحكمة الجنائية المركزية المختصة بنظر قضايا الإرهاب في تصريح نقلته صحيفة" القضاء"، إنّ "نحو 1000 طفل من أبوين ينتميان لتنظيم داعش، ويحملون جنسيات دول أوروبا الشرقية محتجزون في سجون الإصلاح العراقية"، مبينا أنّ "هؤلاء الأطفال منهم من يمتلك أوراقا ثبوتية كونه دخل إلى البلاد مع ذويه من بلدان مختلفة، ومنهم من لا يحمل أية أوراق لعدة أسباب منها أنه ولد في طريق القدوم إلى العراق في بلدان مجاورة مثل سورية ومنهم أيضا من ولد في المحافظات العراقية التي كانت تحت سيطرة داعش، كما حدثت ولادات أخرى داخل دور الإصلاح العراقية".
وأضاف إنّ "أعمار الأطفال تتراوح بين حديثي الولادة (أقل من عام) وعمر 16 سنة"، مؤكدا أنهم "مودعون حاليا في دور الإصلاح العراقية مع أمهاتهم المحكومات بأحكام تصل إلى الإعدام والمؤبد أو أقل من ذلك، عن جرائم انتمائهن لتنظيم داعش الإرهابي والمشاركة في العمليات الإرهابية وارتكاب جرائم أخرى".
وأشار إلى أنّ "بعض السفارات طالبت بالأطفال وتسلمتهم، وهناك سفارات تحاول التملص من تسلمهم وإعادتهم إلى بلدانهم، وأغلب هذه السفارات تابعة لبلدان عربية، منها الأردن وسورية ومصر، بينما تعتمد الدول الأوروبية وبلدان شرق آسيا تحليل الحمض النووي DNA للأم والطفل، قبل القبول بتسلمهم"، مبينا أنّ "دولا أخرى لا سيما العربية تطلب نسب الطفل إلى الأب مثل الأردن، ومن الصعوبة بمكان تحقيق هذا لأن آباءهم الإرهابيين منهم من قتل ومنهم من هرب".
وتابع أنّ "هناك دولاً مثل روسيا، لا تأخذ رأي والدة الطفل، بل تقوم بتقديم طلب مباشر للقضاء العراقي الذي يقدر بدوره مصلحة الطفل ومسألة حضانته بمكان أفضل من بقائه في السجن، والقضاء بدوره يتعامل مع هذا الطلب وفق القوانين الدولية وتعليمات الأمم المتحدة ومنظمة يونيسف. ويجري تسليم الطفل بعد عمر 3 سنوات لبلده وتصدر له أوراق ثبوتية وتتحمل الدولة المعنية كافة مصاريف نقله ورعايته كونه بحاجة ماسة لهذه الرعاية".
وعن أعداد الأطفال الذين جرى تسليمهم، كشف القاضي، أنه "بعد إكمال الإجراءات جرت عملية ترحيل 90 طفلا إلى طاجيكستان من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، والتسليم شمل أيضا 252 طفلا، منهم 77 روسيا و35 تركيا، وهم يمثلون الأعداد الكبيرة من الأطفال الذين تمّ ترحيلهم بعد طاجيكستان، ويأتي بعدهم أطفال من أذربيجان وعددعم 22 طفلاً، وكذلك 10 من ألمانيا، أما الأطفال الفرنسيون فقد تم تسليم 5 منهم".
وأكد أن "الحكومة السويدية تسلمت أيضا ثلاثة من رعاياها الأطفال وجورجيا وبيلاروسيا تسلمتا ثلاثة أيضا، والحكومة الفنلندية متمثلة بالسفارة تسلمت اثنين، وكلا من سويسرا وأوكرانيا تسلم طفلاً واحدا"، لافتا إلى أنّ "كل هذه الأعداد سلمت بإشراف مباشر من القضاء العراقي بعد التأكد من الإجراءات والأوراق الثبوتية لهم". وأفاد بأنّ "أغلب عمليات الترحيل حصلت بموافقة الأم وإرادتها.
من جانبه، أوضح نائب المدعي العام في محكمة التحقيق المركزية أن "العدد المتبقي من هؤلاء الأطفال كبير، ويقدر بنحو 600 طفل بعد تسليم ما يقارب 188 طفلاً من حملة الجنسية التركية، في حين تستمر الإجراءات بتدقيق الأوراق الخاصة بالباقين ومن المؤمل تسليمهم في الأيام المقبلة من هذا الشهر".
من جهته، قال مسؤول حكومي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الخارجية العراقية خاطبت العديد من السفارات الأجنبية في بغداد ودول عربية لغرض تسلم الأطفال، وتعمل الحكومة على طي هذا الملف لأنّ بقاءهم في السجون يكلف الحكومة ملايين الدولارات".
وأشار المصدر إلى أنّ "الحكومة تتعامل مع هؤلاء وفق القوانين وحقوق الإنسان الدولية ويجب على بلدانهم الاستجابة ونقل من تبقى منهم إلى دولهم"، لافتاَ إلى انّ "القضاء العراقي ينظر بقضايا المنتمين والمتورطين بأعمال إرهابية، ويحكم عليهم وفق القانون العراقي".