واستعرض "مدى الكرمل" نتائج استطلاع للرأي، أجراه في ما يخص المشاركة السياسية لفلسطينيي الداخل، بحضور عدد من الأكاديميين والسياسييين، موضحاً أن 46 بالمائة من فلسطينيي الداخل مع تنظيم العرب على نحو جماعي من خلال بناء مؤسسات وطنية، و43 بالمائة مع الاندماج في الدولة والمجتمع الإسرائيلي اندماجاً كاملاً، أما 43 بالمائة فهم غير مبالين ولا يهتمون بالسياسة.
وقدّم الدكتور في علم الاجتماع بجامعة حيفا وعضو لجنة الأبحاث في "مدى الكرمل"، عميد صعابنة، في الجلسة الأولى نتائج استطلاع الرأي العام بشأن المشاركة السياسية لفلسطينيي الداخل، وتناول الاستطلاع عدة مواضيع من بينها الموقف من العمل البرلماني لأعضاء الكنيست العرب وتقييم دور الأحزاب، وتقييم نجاعة استراتيجيات مختلفة، وأنماط التصويت في الانتخابات الأخيرة.
وأجري استطلاع الرأي منتصف شهر مايو/ أيار من العام الجاري، بواسطة مقابلات هاتفية لعيّنة من 500 شخص تمثل جميع شرائح المجتمع الفلسطيني في الداخل، من الفئة العمرية 18 عاماً وما فوق.
وقال عميد صعابنة: "حاولنا من خلال الاستطلاع جسّ النبض في ما يتعلق بالمستوى الطبقي الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني، والتوجهات السياسية السائدة لقياس نوعين من التوجهات".
وأضاف: "تمحورت النتائج حول اتجاهين، الأول يرى أن النهوض بالمجتمع الفلسطيني يعتمد أساساً على التنظيم الجماعي من خلال مؤسسات فلسطينية وطنية، في مقابل توجه سياسي ثان يرى أن النهوض بالجانب الاجتماعي والاقتصادي يتم عبر الاندماج في مؤسسات الدولة وسوق العمل الإسرائيلي".
وتابع: "حاولنا قياس التوجهات السائدة، ورأينا أن المواقف متساوية تقريباً بين العيّنة التي جرى أخذ تصريحاتها، بالإضافة إلى ذلك، فحصنا العديد من المواقف وتوصلنا إلى أن تحسين جودة التحصيل العلمي، الوسيلة الوحيدة للنهوض بالمجتمع".
ومضى قائلاً: "لاحظنا أن السياق العام الذي تجري فيه المشاركة السياسية، يعرف تراتبية واضحة داخل المجتمع الفلسطيني، في السابق لم تكن هناك فوارق عميقة مثل اليوم، هذا كله بفعل سياسات نيوليبرالية إسرائيلية بدأت منذ الثمانينيات واشتدت حدّتها في العقود الأخيرة".
من جهته، قال الدكتور مهند مصطفى مدير عام مدى الكرمل، إن "أهم نتائج الاستطلاع تسجيل انقسام سياسي في صفوف المجتمع، أنا هنا لا أتحدث عن الانقسام داخل الأحزاب، بل عن التوجه الوطني والاندماجي العام للأغلبية، وهو ما تظهره لغة الأرقام، فـ45 بالمائة يعتقدون أن تحسين الأوضاع رهين ببناء مؤسسات وطنية جامعة، و45 بالمائة يعتقدون أن ذلك يتم عبر الاندماج الكامل داخل المجتمع الإسرائيلي، معنى ذلك أن هنالك انقساماً بين التوجه الجماعي والتوجه الفردي، الأمر الذي يحتاج إلى قراءات سياسية جديدة حول المجتمع الفلسطيني، وتقديم طروحات جديدة لفهم هذا الانقسام".
وعن أسباب عزوف الجماهير عن العمل السياسي، أوضح مهند أن "هناك ثلاث أسباب سياسية أدت إلى عزوف الناس عن السياسة في العقد الأخير، أولها غياب مشروع سياسي جماعي، كان يمكن أن يقوم حول الأفكار السياسية المشتركة، ثانياً بروز الشخصنة والنجومية داخل المجتمع العربي، غياب قيادة سياسية جماعية حقيقية تتمثل في تنظيم سياسي وطني جماعي قادر على لمّ الفلسطينيين".
وعقّب النائب في الكنيست، امطانس شحادة، عن تحالف الموحدة والتجمع على نتائج الاستطلاع قائلاً: "التصويت لأحزاب عربية وغير عربية نابع من موقف سياسي، فالناخب عند المجتمع العربي ينقسم بين من يهتم أكثر بالقضايا الاجتماعية والسياسية وبين من يميل إلى الأمور الخاصة".
وتابع: "يجب أن نعي تماماً ما هي الأسباب التي تدفع للتصويت على أحزاب غير عربية، والتوقف عندها وطرحها للنقاش، وخاصة في ما يتعلق بالمصالح العامة وسلبيات الفردانية وتشويه الوعي لدى فلسطينيي الداخل".
من جهتها، قالت النائب عايدة توما إن "الجميع يفهم أنّ المعركة الانتخابية القادمة على الأغلب لن تفرز واقعاً سياسياً مختلفاً من ناحية العمل البرلماني، وستبقى الأحزاب الصهيونية اليمينية هي التي تسيطر على الساحة البرلمانية".
ورأت أنه "سيكون من الصعب إحداث تغيير جوهري من خلال العمل البرلماني، نحن بحاجة إلى التواصل مجدداً مع الجمهور، قد تكون ساحة النضال الجماهيري هي المركزية لعملنا السياسي في المرحلة المقبلة".
وتابعت: "أعتقد أن الأسباب موضوعية، بسبب مخاطر تهدد أيضاً وجودنا كجماهير فلسطينية وشعب فلسطيني بشكل عام، إلى جانب ما تمر به المنطقة، ولأن هذا هو الوضع السياسي فعلينا أن نجد الحلول لموجة العزوف السائدة وأن نسعى إلى إعادة الثقة في المشاركة السياسية، وفي كوننا قادرين على تغيير الوضع إلى الأفضل".