أظهر التقرير الإحصائي السنوي، الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، والمستند الى أرقام مديرية الأمن العام، أنّ جرائم المخدرات خلال عام 2018 وصلت إلى 18400 جريمة، منها 3050 جريمة اتجار بالمخدرات، و15365 جريمة حيازة المواد المخدرة وتعاطيها، بنسبة زيادة تصل إلى 32 في المائة عن العام 2017.
وتأتي هذه الأرقام بالتزامن مع اليوم الدولي لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها، الذي يوافق 26 يونيو/حزيران الجاري، وقد اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها رقم (112/42) تاريخ 7 ديسمبر/كانون الأول من عام 1987، بهدف إقامة مجتمع دولي خال من المخدرات.
والاحتفال هذا العام 2019 تحت شعار "الصحة من أجل العدالة، والعدالة من أجل الصحة" لبيان أن العدالة والصحة هما وجهان لعملة واحدة عندما يتعلق الأمر بالتصدي لمشكلة المخدرات.
وتعليقا على أرقام التقرير الإحصائي، قال مدير إدارة مكافحة المخدرات في مديرية الأمن العام الأردنية، العميد أنور الطراونة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ المخدرات مشكلة عالمية والمملكة جزء من هذا العالم، مؤكدا أن الأردن يعدّ حسب تصنيف هيئة الرقابة الدولية ممرا للمخدرات، وإدارة مكافحة المخدرات تعمل على الحدّ من هذه المشكلة من خلال أجهزتها الأمنية والشراكة الفاعلة مع المواطنين.
وأضاف، أنّ "ما يزيد عن 95 في المائة من كميات المواد المخدرة المضبوطة كانت مُعدّة للتهريب خارج المملكة، إذ تمكنت الإدارة وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المختلفة من إحباط عدد كبير منها"، مشيرا إلى زيادة تعاطي المخدرات في الأردن، ولكن تبقى في النطاق المعقول بالمقارنة مع عدد السكان، ومعدل الانتشار في العالم.
وشدد الطراونة على عدم تعرض من يطلب العلاج لأية مساءلة قانونية أو أي عقوبة أو قيد أمني، مؤكدا أن التوعية بمخاطر المخدرات وأثرها على المجتمع من أهم وسائل مكافحتها والحد منها، لافتا إلى وجود مركز لعلاج الإدمان في إدارة مكافحة المخدرات تأسس عام 1993، ويعتبر "نافذة إنسانية"، يوفر العلاج المجاني، ويعتمد السرية، داعيا إلى ضرورة اغتنام هذه الفرصة والعلاج من المخدرات قبل الدخول في متاهات الجريمة.
وأكد المسؤول ذاته، على دور الأسرة في حماية الأبناء من الإدمان من خلال غرس القيم والسلوكيات الحسنة في عقول الأبناء، وخلق جو من الثقة والصراحة معهم، إلى جانب التمسك بالقيم الأخلاقية والدينية، والعمل على ملء أوقات الفراغ بالنشاطات الاجتماعية والثقافية.
مساعٍ للحد من انتشار المخدرات في الأردن (Getty)
بدورها، أكدت جمعية معهد "تضامن" النساء الأردني، في بيان لها، ارتفاع نسبة جرائم المخدرات بحوالي 32 في المائة مقارنة مع عام 2017 وبعدد 4450 جريمة (13950 جريمة عام 2017)، حيث ارتفعت جرائم الاتجار بنسبة 45 في المائة وبعدد 952 جريمة (2098 جريمة عام 2017)، وارتفعت جرائم الحيازة والتعاطي بنسبة 25 في المائة، وبعدد 3513 جريمة 11852 جريمة عام 2017.
وارتكب الأحداث (أقل من 18 عاماً) 339 جريمة من بينها 59 جريمة اتجار بالمخدرات، و280 جريمة حيازة وتعاطي المواد المخدرة بارتفاع نسبته 96 في المائة مقارنة مع عام 2017. كما ارتكب الأجانب 1544 جريمة (195 جريمة اتجار و1349 جريمة حيازة وتعاط) بارتفاع نسبته 47 في المائة مقارنة مع عام 2017.
وتؤكد "تضامن" أن جزءا كبيرا من أسباب ارتفاع جرائم المخدرات خلال السنوات الماضية يعود إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها ولا تزال إدارة مكافحة المخدرات في الكشف عن هذه الجرائم باستخدام كافة الوسائل والطرق الحديثة، خاصة على المعابر الحدودية. ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع من جهة أخرى يشير إلى خطورة هذه الظاهرة وضرورة تكاتف الجهود الرسمية وغير الرسمية للحد منها ومنع حدوثها بشكل كامل.
وتضيف "تضامن" أن النساء في الأردن يعانين من الآثار المدمرة للمخدرات من النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية، مما ينعكس سلباً عليهن وعلى أسرهن ومجتمعاتهن. فالنساء باعتبارهن أمهات وزوجات وأخوات، يتحملن أعباء إضافية ومسؤوليات كبيرة تفوق طاقاتهن ومستويات احتمالهن جراء اتجار أو تعاطي أزواجهن وأولادهن وإخوتهن للمخدرات، مما يترتب عنه زيادة نسب تعرضهن للانتهاكات الجسدية والجنسية والنفسية، ويضع مستقبل أسرهن في مهب الريح، مما يجعل التفكك الأسري وانهيار الأسرة أمراً وارداً في بعض الأحيان وحتمياً في أحيان أخرى.
وتشدد على أن الأسر التي تعاني من تفكك أسري ومن مستويات عالية من الفقر والبطالة، مرشحة لأن يقع أحد أفرادها، سواء الزوج أو الابن أو الأخ، فريسة للمخدرات، وما يتبع ذلك من نتائج كارثية يصعب في كثير من الأحيان تجاوزها، وبالتالي تتفاقم الصعوبات المتعلقة بالأسرة والتي تعاني أصلاً من مشكلات.
ويعتبر تعاطي المخدرات سبباً في زيادة العنف المرتكب ضد النساء والفتيات بأنواعه وأشكاله وأساليبه المختلفة، ويوجب على كافة الجهات المعنية الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني تكثيف جهود التوعية بآثارها المدمرة على جميع أفراد الأسرة وعلى المجتمع بأكمله، للوصول إلى أردن خال من المخدرات والعنف والتمييز.