وأكدت المنظمة الحقوقية أن "الحكومة السورية تستغل المعونات الإنسانية ومساعدات إعادة الإعمار، وفي بعض الأحيان والأماكن تستخدمها لترسيخ السياسات القمعية. على المانحين والمستثمرين تغيير ممارساتهم في مجال المساعدات والاستثمار لضمان أن أي تمويل يقدمونه إلى سورية يعزز حقوق السوريين".
وفي تقرير بعنوان "نظام مغشوش: سياسات الحكومة السورية لاستغلال المساعدات الإنسانية وتمويل إعادة الإعمار"، الصادر في 80 صفحة، وجدت هيومن رايتس ووتش أن الحكومة السورية وضعت سياسات وإطارا قانونيا تسمح لها بتحويل وجهة موارد المساعدات وإعادة الإعمار لتمويل ما ترتكبه من فظائع.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش، لمى فقيه: "رغم ظاهرها الجيد، تُستخدم سياسات المساعدات وإعادة الإعمار التي تتبعها الحكومة السورية لمعاقبة من تعتبرهم معارضين، ولمكافأة مؤيديها. الإطار الذي تستخدمه الحكومة السورية للمساعدات يقوّض حقوق الإنسان، وينبغي للمانحين ضمان عدم التواطؤ في الانتهاكات الحقوقية التي ترتكبها".
ويستند التقرير إلى 33 مقابلة مع موظفي إغاثة ومانحين وخبراء ومستفيدين، بينهم موظفون من منظمات الإغاثة الدولية الكبرى ووكالات الأمم المتحدة العاملة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، فضلا عن المستفيدين والمقيمين السابقين في المناطق التي تعمل فيها هذه المنظمات، بالإضافة إلى مراجعة البيانات المتاحة حول المساعدات الإنسانية والإنمائية وإعادة الإعمار.
وقال مسؤول بوكالة إغاثة: "في سورية، تتم المقايضة مع الحكومة بشأن المشاريع، الجميع يعرف ذلك. كموظف إنساني، أقول إنني سأؤهل المدارس في هذا المجال. تعود الحكومة وتقول: ماذا عن هذه المناطق بدلا من ذلك؟ يبدأ الأخذ والرد، حتى ألتزم بمناطقهم للحصول على موافقة لمشاريعي".
في بعض القطاعات، هناك أدلة على حدوث انتهاكات مستمرة ومنهجية لحقوق الإنسان. من الأمثلة على ذلك المشاريع التي تساهم في النزوح القسري أو تعززه، أو بناء وإدارة مراكز الاحتجاز، أو المحاكم، أو عمليات إنفاذ القانون التي لها سجل انتهاكات خطيرة.
وأضاف التقرير أن "السلطات السورية تحظر مراقبي حقوق الإنسان المستقلين، وتحدّ من قدرة الوكالات التي تحمي حقوق الناس على العمل"، وقال موظفو إغاثة ومسؤولون تنفيذيون إنه "إذا علمت الحكومة أن المشاريع تشمل حماية حقوق الإنسان، فإنها تفرض قيودا أكثر، وتمنع وصول الموظفين، بل وتهدد بإلغاء تأشيراتهم".
وقالت هيومن رايتس ووتش: "تخاطر وكالات الأمم المتحدة والهيئات الحكومية التي تشارك في جهود إعادة الإعمار المسيئة بالتواطؤ مع انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان، وقد يخاطر الأفراد والمنظمات الأخرى بالتواطؤ الجنائي من خلال تقديم مساعدة كبيرة عن علم لارتكاب جرائم دولية".
تدعم هيومن رايتس ووتش توفير التمويل لإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية لسوريا بأكملها، بما فيها المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وتعي أن قدرة المجموعات التي تقدم مساعدات على تخفيف بعض المخاطر قد تكون محدودة. مع ذلك، هناك خطوات يمكن اتخاذها لضمان عدم مساهمة عملها في انتهاكات حقوق الإنسان.
وقالت المنظمة إنه "يمكن للمانحين تفعيل آلية مركزية للتنسيق والتبادل، وإنشاء اتحاد تمويلي للمساعدات الإنسانية في سورية حتى تتبنى المنظمات والوكالات المعايير نفسها للبرامج، وتمنع التراجع في المعايير عند التعامل مع الحكومة. ينبغي للمانحين أيضا والمنظمات الإنسانية ضمان أن جميع البرامج الإنسانية مصحوبة بنظام مراقبة مستقل".
Twitter Post
|
وأضافت: "ينبغي لجميع مجموعات الإغاثة في سورية تجنب المساهمة في انتهاكات حقوقية خطيرة، بما فيه عن طريق إنهاء العمليات التي لا يمكن تجنب المخاطر فيها، والأضرار المحتملة بحقوق الإنسان التي تفوق فوائد عملها، وينبغي للمستثمرين بذل العناية الواجبة لضمان عدم تمويلهم كيانات خاضعة للعقوبات بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. إذا كانوا يستثمرون أو يتعاملون مع وكالات ارتكبت انتهاكات حقوقية جسيمة، فعليهم حجب دعمهم حتى تتوقف الانتهاكات، وإصلاح الهيئات التي ترتكب الانتهاكات، وتعويض الضحايا".
وبعد ثماني سنوات من النزاع، باتت قوات النظام تسيطر على نحو ستين في المائة من مساحة البلاد، وتسعى لإطلاق إعادة إعمار ما دمرته الحرب، رغم أن عمليات القصف شبه اليومية متواصلة في مناطق شمال البلاد.