لم تكن مُهمة الطالبة الفلسطينية أحلام حماد من بلدة سلواد شرق رام الله وسط الضفة الغربية، في تحقيق حلمها بالنجاح في الثانوية العامة سهلة، فهي الأخت الكبرى لأشقائها وبمثابة "الأم" بعد أن قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي والدتها مهدية حماد على حاجز عسكري قرب بلدتها قبل أكثر من ثلاثة أعوام ونصف.
نجحت أحلام وحصلت على معدل 83.6 في الفرع الأدبي، وهي "سعيدة، لكن الفرحة لا شك منقوصة في ظل غياب والدتي، لو كانت معي لكانت الفرحة أكبر، أبي دعمني وحاول أن يعوضني، لكن فقدان الأم صعب جدا"، تقول أحلام لـ"العربي الجديد".
كانت أحلام تُمني نفسها أن تحتضنها أمها وهي عائدة من المدرسة تبشرها بالنجاح أسوة ببنات جيلها، لكنها اليوم وحيدة، وتقول: "أشتاق لأمي، حاولت أن أتجاوز هذه المحنة، كنت أتخيل أمي أمامي، وأريد أن أجعلها تفرح بنجاحي وتفوقي، فدرست واجتهدت، حتى حققت النجاح".
لقد كان عاما دراسيا صعبا بالنسبة لأحلام، وتؤكد أن "الطالب يحتاج إلى دعم نفسي ومعنوي كبير من أهله، وأنا كنت بحاجة لأمي"، لكنها تمكنت من التوفيق بين دراستها ومسؤوليتها في البيت، خلال السنوات الماضية التي مرت في ظل غياب أمها، وتأقلمت مع دور "الأم" أيضا واستطاعت أن تتدبر أمورها وشؤون عائلتها.
تقول أحلام: "كان أخي الصغير يبلغ من العمره 10 أشهر فقط عندما استشهدت أمي، لم أستطع بداية التعامل معه، لكنني يوما بعد يوم تعلمت، كنت أتذكر كيف كانت أمي تتصرف معه عندما يبكي أو يريد أن يأكل، وها هو اليوم في عامه الرابع، لو غابت أمي عنا بجسدها، فإن روحها لم ولن تفارقنا، أهديها نجاحي وأعاهدها أن أبقى كما عرفتني مجتهدة ومتفوقة".
وتفكر أحلام بدراسة التمريض، فهي مهنة إنسانية، يقدم فيها الشخص كل ما يملك من خبرات وطاقات ومهارات لمساعدة المحتاجين والمرضى، وتقول: "أريد أن أخفف عنهم".
تحدي الصعاب رغم غياب الأعزاء، كانت أيضا سمة للطالبة في الثانوية العامة، زينة بربر من مدينة القدس المحتلة، فقد عانت من غياب والدها الأسير مجد بربر المحكوم بالسجن 20 عاما، أمضى منها حتى الآن 18 عام تقريبا.
زينة الابنة الوحيدة للأسير مجد إضافة إلى شقيقها الأكبر، تؤكد في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنها سعيدة جدا بنجاحها وحصولها على معدل 83.4 في الفرع الأدبي، وأهدت نجاحها إلى والدها القابع في سجن النقب وإلى أمها التي اهتمت بها طيلة هذه السنوات الطويلة.
تنوي زينة دراسة "الأدب الألماني"، في جامعة بيرزيت برام الله وسط الضفة الغربية، حيث سترافق شقيقها الطالب في ذات الجامعة وهو بسنته الثالثة.
تقول زينة: "زرت والدي آخر مرة قبل 6 أشهر، وانقطعت عنه بعد ذلك حيث تفرغت كليا للدراسة، أفتقده كثيرا، وأنتظر بشغف موعد الزيارة القادمة بعد نجاحي في الثانوية العامة".
وانتشرت صورة زينة مع والدها وهو داخل السجن بشكل لافت عبر وسائل الإعلام ومنصات الإعلام الجديد، حيث يحملها بين يديه، وهي تحتضنه، وكأنها لا تريد أن تتركه، فيما تؤكد زينة أنه "بقي عام ونصف تقريبا على حرية والدها، أنا أعدّ الأيام والساعات في انتظار تلك اللحظة، نحن فخورون بوالدي، كفخره بي وبأمي وأخي".