أثار اعتراف واعتذار رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود باراك، يوم أمس الثلاثاء، قبل أقل من شهرين على الانتخابات، وبعد 19 عاماً على هبة القدس والأقصى التي سقط فيها 13 شهيدا برصاص الشرطة الإسرائيلية، غضبا لدى فلسطينيي الداخل وذوي الشهداء.
وفي حديث مع جميلة عاصلة، والدة الشهيد أسيل عاصلة، من بلدة عرابة، قالت لـ"العربي الجديد": "بالنسبة لنا أي كلام يقوله باراك أو غيره لا يعني لنا شيئاً. هذا استفزاز لمشاعرنا، وباراك بعد هذه المدة على تنفيذ الجريمة واستشهاد 13 شاباً من أبنائنا بأمر منه، وكان رئيس الحكومة يومها".
وأضافت "أوامر القتل أخذت من مؤسسة صهيونية هوايتها قتل العرب، وبالنسبة لنا الاعتذار هذا حبر على ورق وكلام فاضي. اليوم باعتذار باراك نعلم أن هذه لعبة انتخابية من أجل الانتخابات". وتساءلت أم الشهيد: بعد 19 سنة يعتذر باراك ويعترف، على من يضحك؟
وتابعت "بالنسبة له يظن أننا عرب جيدين، وأنه يمكن أن نعقد صلحاً، ولكنه مخطئ. والأمر الأهم من كل ما قيل، ومن اعتذار باراك، أن أي مجرم يعترف بجريمته يجب أن يحاكم، وهذا معروف على مستوى العالم"، مؤكدة أن "المؤسسة الصهيونية مبنية على القتل والسرقة واغتصاب الوطن".
وعن قتل الشرطة الإسرائيلية للفلسطينيين، قالت جميلة عاصلة: "من يقتل عربياً في إسرائيل ينال ترقية، ويأخذ وظيفة أعلى، ويصبح رئيس حكومة مثل شارون (أرييل) وباراك (إيهود) وكلهم، ولذلك يجب أن يعاقبوا، ليس بمنعهم فقط من العودة للعمل السياسي، بل بإدخالهم إلى السجن". وأعربت عن أمنيتها بأن يلقى إيهود باراك مصير ابنها الشهيد لسلبه حقه بالحياة وأمره بقتل الشهداء.
ورأت ألا فرق بين الأحزاب الإسرائيلية يساراً كانت أم يميناً. وقالت: "حزب العمل وحزب الليكود حزبان صهيونيان، ويقفان خلف مقتل أبنائنا".
وعمّا إذا كان اعتذار باراك هو اعتراف بارتكاب جريمة قتل 13 شهيداّ، قالت عاصلة: "طبعاً وإن كان ذلك برسالة خفية، وهذا واضح بهدف سعيه لزيادة مقاعده في الكنيست ولكسب الانتخابات، مثلما وافق على لجنة تحقيق أور بعد عام 2000 لكي يتسلم رئاسة الحكومة. وحين قال بأنه يتحمل المسؤولية ويعتذر معناه أنه هو المسؤول عن قتل شبابنا. وفي هذه الحالة المعادلة واضحة، الإنسان المجرم الذي يعطي أوامر بالقتل يجب محاكمته، والمؤسسة الصهيونية لم تحاكمه".
وأضافت عاصلة "على شعبنا أن يلاحق باراك، وألا يسمح بإغلاق الملف حتى يحاكم"، لكنها تابعت "اليوم صرت أؤمن بأن الصهاينة لن يحاكوه، لذا حلمي قبل أن أموت أن أراه يتلقى رصاصة مثل تلك التي أصابت رأس أسيل ابني ورؤوس الشهداء، أي رصاصة برصاصة. لن أستطيع استعادة أسيل وشبابنا، لذلك أتمنى أن يكون مصير باراك كمصير الشهداء جميعهم".
وأعرب إيهود باراك، أمس الثلاثاء، عن اعتذاره وأسفه أمام العائلات والمجتمع، وقال إنه "يتحمل المسؤولية عن كل ما حدث خلال فترة ولايته رئيساً للحكومة، بما فيها أحداث أكتوبر/ تشرين الاول، لأنه لا يوجد أي سبب لمقتل متظاهرين بأيدي قوات أمن دولتهم".
وأضاف باراك، في مقابلة إذاعية: "سبق أن اعتذرت في الماضي أمام العائلات وأمام المجتمع. كان من الممنوع أن تحدث مثل هذه الأمور، لا حينها ولا اليوم، أنا لا أعفي نفسي من المسؤولية، وقد أكون أنا من يأتي بالحل".