تحاول حكومة يسار الوسط الدنماركية حشد تأييد برلماني لمقترحها، الذي أطلقته بداية العام الحالي، لما تسميه تحفيز مواطنيها من أصول مهاجرة غير غربية على الانخراط في سوق العمل، بعد الكشف عن أن 1 من كل 3 بلا عمل.
وتدفع حاجة الدنمارك لليد العاملة في قطاع رعاية كبار السن والصغار، مع توقع ارتفاع أعداد الفئتين خلال السنوات القادمة. هذا التحفيز الذي تشتغل عليه مختلف وزارات كوبنهاغن يقوم باختصار على مبدأ "لا مساعدات اجتماعية شهرية لمن لا يلتحق بـ37 ساعة تنشيط في سوق العمل أسبوعيا". وهذا المبدأ الذي أعلن عنه في صحافة الدنمارك، نهاية الأسبوع الحالي، سيشمل اللاجئين ومواطني دول تصنف بـ"خلفيات غير غربية" (وهو لتعريف المنحدرين من دول خارج أوروبا).
ويستهدف المقترح الحكومي سدّ "حاجة في سوق العمل تقدر بنحو 300 ألف شخص بين 16 و64 عاما حتى العام 2040". وتستند على ما صدر عن الإحصاء الدنماركي (جهة رسمية معنية بكل ما يختص بأرقام الدنمارك)، وعلى ارتفاع أعداد المواطنين فوق الـ80 سنة، ووفقا لتقرير متخصص في مارس/آذار 2019 لمنظمة البلديات الوطنية (المعروفة اختصارا KL، وهو تجمع رسمي لبلديات البلد)، سيصل عددهم إلى 259 ألفا. مع توقع منظمة البلديات حاجتها إلى ما يقارب 2 مليار دولار لتغطية مصاريف الرعاية واليد العاملة في هذا القطاع خلال السنوات الخمس القادمة، وخصوصا مع توقع أن ينضم نحو 90 ألف معمر إلى من هم فوق الـ80 سنة بحلول 2025، ما يعتبره رؤساء البلديات ضغطا على قطاع الرعاية الصحية بالعموم.. وقطاع رعاية الأطفال بانضمام نحو 50 ألف طفل بين 0 و5 سنوات إلى الفئات التي تحتاج إلى رعاية تربوية.
ورغم مقترح منظمة البلديات تخصيص المليارات والتقنيات الحديثة لهذا القطاع، فإن خطط الحكومة الديمقراطية تستند إلى الدفع بنسبة كبيرة من مواطنيها من أصول مهاجرة نحو دورات تعليمية وتنشيط في سوق العمل.
واعتبر معدو التقرير أن الدولة ستحتاج "للحفاظ على مستوى الرفاهية والرعاية إلى نحو 45 مليار كرونة في موازناتها حتى 2025. وكان رئيس "منظمة البلديات الوطنية"، ياكوب بوندسغورد، قد أكد أن الدنماركيين يعيشون الآن سنوات أطول "بفضل التقدم في قطاع الصحة، ولكن ذلك سيفرض علينا تحديات كثيرة، وعلى السياسيين أن يجدوا المناسب للتكيف مع هذه التطورات".
حكومة يسار الوسط تلقفت تلك الدعوات والتقارير لتشدد بمقترحها علاقة المواطنين، من أصول مهاجرة واللاجئين بسوق العمل، باشتراط أن يستجيب هؤلاء لـ37 ساعة تنشيط في سوق العمل أسبوعيا، ريثما يجدون عملا ثابتا، وإلا ستتوقف عنهم المساعدات. وتتحجج الحكومة بأن القضية تستهدف أيضا رفع كفاءة ومؤهلات وتحفيز "المهاجرين من أصول غير غربية" إلى سوق العمل.
وكان وزير الهجرة والدمج، ماتياس تيسفايا، قد أعلن في الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري عن مضي الحكومة في طرح مشروعها "صفر مساعدات (شهرية) لمن لا يستجيب لـ37 ساعة تنشيط في السوق"، بحسب ما ذكر وزير العمل بيتر هاملغورد حرفيا للتلفزيون الرسمي الدنماركي دي آر.
واعتبر تيسفايا أنه من غير المقبول أن يكون 1 من كل 3 مهاجرين من أصول غير غربية خارج سوق العمل، ويتلقى مساعدات اجتماعية شهرية. وهو ما أيده وزير العمل هاملغورد بتأكيده أن "نسبة المواطنين من أصول غير غربية المنخرطين في سوق العمل منخفضة، وخصوصا النساء، وعليه لا بد من القيام بإجراءات غير تقليدية".
ورغم كل هذا النقاش، فإن تقارير ودراسات أخرى، مثل دراسة قام بها مركز "ألس" للأبحاث ونشرت في فبراير/شباط 2019، أكدت أن استجابة من هم بين 18 و64 عاما ومن أصول مهاجرة حول أهمية العمل في حياتهم، بلغت نسبة 85 في المائة لدى الرجال من أصول غير غربية، فيما النسبة كانت 75 في المائة لدى أقرانهم الدنماركيين بالأصل، ووصلت النسبة إلى 82 في المائة و80 في المائة للنساء من ذات الفئتين.
وتشير أطراف حكومية دنماركية في تصريحات، نقلها التلفزيون الدنماركي، أن الفكرة لسد الحاجة إلى أياد عاملة في قطاعات محددة استلهمت من تجربة النرويج في السياق. وكانت أوسلو قد طبقت منذ عامين سياسة "خفض متدرج حتى الصفر" لمن لا يستجيب لطلب الالتحاق بالعمل والتنشيط الأسبوعي. وتستند أوسلو في تنشيط اللاجئين والمهاجرين لتحفيزهم إلى الالتحاق بسوق العمل، بدل المساعدات الشهرية، على دراسة الحالات بشكل فردي.