تراجعت العملية التعليمية، في السنوات الأخيرة، بمناطق سيطرة "الإدارة الذاتية"، شمال شرقي سورية، مع تعرض عدد من المدارس لانتقادات عديدة من طرف تربويين ومراقبين، عزوا ذلك إلى ضعف كفاءة وتأهيل الكوادر العاملة فيها، وعجزهم عن التسيير وفق ما هو مطلوب، مشيرين إلى أنّ المدارس التابعة للنظام في مدينة القامشلي، يلفها الفساد.
ولتغطية هذا النقص، عملت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في نهاية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على تركيب كرفانات في وسط مدينة الحسكة، بلغ عددها 26 كرفانا تستخدم لتدريس الطلاب، لأن الصفوف غير قادرة على استيعاب جميع الأعداد، علماً أنها تضم نحو 60 تلميذاً، بحسب مديرية تربية الحسكة التابعة للنظام.
مدرس في مدينة القامشلي فضل عدم ذكر اسمه، تحدث لـ"العربي الجديد"، عن كيفية سير العملية التعليمية في مناطق محافظة الحسكة، قائلاً إنّ "المدارس التابعة للنظام في منطقة شمال شرق سورية، شكلية لا أكثر، وخاصة في مدينة القامشلي، وهناك اتفاق بين مديرية التربية التابعة للنظام من جهة ومديرية التربية التابعة للإدارة الذاتية بما يخص سير العملية التعليمية في المنطقة".
وأوضح أنّ "الإدارة الذاتية سيطرت بالتدريج على المراحل التعليمية في المدارس، إذ بدأت بالصفوف الابتدائية لتصل حالياً للمرحلة الثانوية وتتوقف عند الصف الثاني الثانوي، وتعتمد مناهج صادرة عنها حتى هذه المرحلة، أما صف الثالث الثانوي فهو يعتمد على منهاج النظام فقط".
وبيّن أنّ "المدارس التابعة للنظام تشهد فساداً كبيراً، فالمدرسون يوقعون فقط أنهم موجودون ثم يغادرون المدارس، وحتى الطلاب يتغيبون، والفكرة لديهم من الالتحاق بهذه المدارس هي الحصول على أوراق تمنع النظام من ملاحقتهم ودفعهم للخدمة الإلزامية في صفوف جيشه".
من جهته، كشف المدرس حسن حمدي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المناهج التي تدرس في المدارس التابعة للإدارة الذاتية، وهي الغالبية العظمى في منطقة شمال شرقي سورية، منها مخصصة للعرب ومنها للكرد وتكون باللغة الكردية، وهناك مناهج مخصصة للسريان باللغة السريانية".
وأضاف أنّ "الإدارة الذاتية هي التي تدفع رواتب المدرسين في مدارسها، أما النظام فلديه بعض المدارس التي تعمل على نحو شكلي في حي طي بمدينة القامشلي، إضافة لمدارس في المربع الأمني داخل المدينة".
وقال حمدي إنّ "الهدف من تدخل (يونيسف) والتنسيق مع النظام، هو مالي فقط وليس اهتماماً بموضوع التعليم أو الأطفال"، مضيفاً أن "قضايا الفساد متجذرة في كل مؤسسات التربية التابعة للنظام".
أما المدرس محمد برو، من القامشلي، فأشار إلى أنّ "الازدواجية في سير العملية التعليمية في المدينة، تسببت بمشاكل كثيرة للطلاب الذين ترك بعضهم المدارس بسببها". ومن وجهة نظره، فإنّ مدارس الإدارة الذاتية "عليها الكثير من الملاحظات، منها ضعف الكادر وعدم الاعتراف به رسمياً إلا من طرف الإدارة الذاتية، وعمل الإدارة أيضاً على افتتاح مدارس ومعاهد وحتى جامعات غير معترف بها، انعكس سلباً على الطلاب"، محذراً من أنّ "النتيجة ستكون كارثية على الطلاب، وهناك جيل كامل مهدد بالضياع في المنطقة".