في الأسابيع الأخيرة، أعلنت وزارة الداخلية في أفغانستان عن قائمة بعدد من كبار اللصوص والمجرمين في العاصمة الأفغانية كابول، وطلبت من سكانها المساعدة من أجل الوصول إليهم. جاء ذلك في الوقت الذي ارتفعت وتيرة الجرائم في المدينة بشكل غير مسبوق، إذ لا يمرّ يوم من دون أن تشهد العاصمة أنواعاً مختلفة من الجرائم.
أثار حادث مقتل أربعة أفراد من أسرة واحدة في منطقة جنكلك، في قلب كابول، وهم ثلاثة أطفال وأمهم، في وضح النهار من قبل مجهولين، خوفا كبيراً في أوساط أبناء العاصمة. مضى أكثر من أسبوعين على الحادث، وبالرغم من وعود السلطات الأفغانية بالعمل من أجل الوصول إلى الجناة، فإنّ لغز الحادث ما زال مستمراً، وسكان كابول يعيشون هاجس الجرائم المنتشرة في أرجائها، إذ تضربها أعمال العنف من جهة، والجرائم وأعمال السرقات والنهب من جهة ثانية.
في هذا الصدد، قال الناطق باسم الداخلية الأفغانية، إنّ الشرطة والأجهزة الأمنية ما زالت تحقق في قضية مقتل الأم وأطفالها، وهم من آل عبد الستار، كما أنّ لديها خططاً جديدة وشاملة من أجل الوقوف في وجه الجرائم المنتشرة. أيضاً، شهدت العاصمة الأفغانية تظاهرات وتجمعات للمواطنين اعتراضاً على مقتل شاب يدعى علي سينا (22 عاماً) بطعنة سكين، بعدما قاوم لصوصاً في منطقة كوتي سنغي. وفي تفاصيل الحادث، كان سينا في طريقه إلى المنزل في الخامس من يناير/ كانون الثاني الماضي عندما تعرض له اللصوص، وكان لديه هاتف محمول من نوع جديد وكومبيوتر محمول. اللصوص حاولوا أن يأخذوا منه الجهازين لكنّه قاوم، عندها أقدموا على طعنه في البطن والصدر، ما أدى إلى مقتله، ولاذوا بالفرار بعدما أخذوا الجهازين والمال.
يعتقد سكان العاصمة أنّ الوعود الحكومية فارغة، ولا جدوى منها، إذ إنّ الجرائم في تزايد مستمر، وجميع شوارع كابول غير آمنة. في هذا الشأن، يقول محمد ظهور بوبل، أحد سكان منطقة وزير أكبر خان، المحصنة أمنياً لـ"العربي الجديد" إنّه ليست هناك منطقة آمنة من اللصوص. يحكي أنّ في الشارع رقم 13 من منطقة وزير أكبر خان، حيث تقع منازل كثير من المسؤولين والسفارات، كان يقف إلى جانب الطريق الرئيسي رجل حين جاءت دراجة نارية عليها شخصان، قفز أحدهما وسلبه الهاتف المحمول من يده، ثم فرّا، فيما استنجد الرجل من دون نتيجة. يضيف: "الرجل كان محظوظاً في اعتقادي إذ لم يتعرض إلا للنشل، فيما يتلقى كثيرون طعنات النشالين، أو رصاصهم في حال المقاومة. في كلّ الأحوال، لم تكن الفرصة مهيأة له كي يقاوم، لأنّه كان يتحدث بالهاتف المحمول، عندما هجم عليه اللصان".
وعلى الرغم من ادعاء وزارة الداخلية قتل عدد من اللصوص واعتقال آخرين، ما زالت أسماء القائمة التي أعلنت عنها طليقة في معظمها. وتلك الخلايا الإجرامية واللصوص المشهورون وفق قائمة الداخلية، لا يكتفون بأعمال السرقة والنهب والخطف بل يهددون الحكومة في بعض الأحيان. ومن هؤلاء، حسيب قواي مركز، الذي هرب من كابول إلى إقليم بنجشير القريب إلى العاصمة، ومن هناك يهدد الحكومة من خلال تسجيلات صوتية.
المعضلة الأساس في هذا الصدد ضلوع رجال الأمن والشرطة في الجرائم أو على الأقل تعاونهم مع الخلايا الإجرامية، إذ أعلنت الداخلية الأفغانية في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، عن اعتقال 570 عنصراً من الشرطة والأمن بتهمة ضلوعهم في أعمال السرقة والخطف والنهب، وأنّ قضايا هؤلاء في المحاكم ويجري التعامل معها وفق القانون. أيضاً، حظي حادث طعن أحد ضباط الشرطة، ويدعى همايون بخشي، الذي كان يقف في وجه اللصوص كما ادعى في تسجيل مصور له، باهتمام كبير في الأوساط الحكومية، ولدى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، أنّ بعض الضباط المتواطئين مع اللصوص وقفوا في وجهه، وهو ما أدى إلى تعرضه لاعتداء بسكين. ويذكر الضابط أنّ مسؤولاً أمنياً يدعى نجيب راغب، يتلقى دعماً كبيراً من رئيس البرلمان الأفغاني، محمد رحمان رحماني، له صلة بخلايا إجرامية، وقد هاجمه أفراد أمنيون تابعون لراغب. وفي نتيجة تصريح الضابط بعد طعنه، أقدمت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية الأفغانية على اعتقال معظم المسؤولين في تلك المنطقة، وفتحت تحقيقات معهم ما زال بعضها مستمراً.
تجدر الإشارة إلى أنّ شرطة العاصمة الأفغانية كابول أكّدت أنّ في خلال العام الماضي، قُتل 523 مدنياً في أعمال السرقة والأعمال الإجرامية الأخرى، علاوة على إصابة مئات، مؤكدة أنّ الداخلية الأفغانية شنت في الفترة الأخيرة حملة أمنية ضد الضالعين في العمليات الإجرامية، قتلت خلالها عدداً من اللصوص المشهورين وأسرت آخرين.