وشهد اليوم الرابع للحظر الكلي ارتفاعا تدريجيا في وتيرة حركة السيارات، وعجّت أغلب أحياء طرابلس بالحركة بشكل ملحوظ، وسط تنقّل المواطنين بسياراتهم دونما رادع من الحواجز الأمنية التي نشرتها وزارة الداخلية في حكومة الوفاق.
وعبّر عمران عريبي، مواطن من جنزور، عن استيائه الكبير من إجراءات الحكومة، وقال لـ"العربي الجديد" وهو يجرّ غالونات من الماء لسيارته "أليست الحكومة من نددت قبل أيام بانقطاع المياه عن بيوتنا؟ فكيف لي أن أسير على أقدامي لضبعة كيلومترات بغالونات ماء كبيرة تكفي أسرتي حتى صباح اليوم التالي".
وأضاف "لا أعتقد أن القرار كان مدروسا، أو أن الحكومة تعيش في بلاد أخرى ولا ترى معاناتنا يوميا بحثا عن مصادر للمياه، ثم تحظر علينا استخدام سياراتنا".
ويسمح قرار الحظر الكلي للمواطنين بالسير على الأقدام من دون استخدام السيارات للتزود بالمواد الغذائية والخصار من المحال الصغيرة التي تقع قريبا من مساكنهم، في خطوة جاءت بناء على ارتفاع عدد الإصابات في ليبيا بفيروس كورونا.
وليل البارحة، أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض عن ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس إلى 51 حالة.
وإثر انتقادات واسعة للقرار، سمحت الحكومة للمواطنين باستلام رواتبهم عبر من سمّتهم بـ"المندوبين" من دون أن توضح من هم وأين مواقعهم. لكنّ عريبي توقّع، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تكون الحكومة قصدت بالمندوبين الموظفين المسؤولين عن تسليم حوافظ الرواتب للبنوك.
Facebook Post |
وتساءل "كيف للمندوب أن يصل إلى البنوك وهي مقفلة؟ ومن ناحية أخرى كيف يمكن للمواطن أن يصل إلى مقرّ عمله ليستلم راتبه من المندوب وقد منع من سيارته وطلب منه السير على الأرجل؟". ولفت إلى أن الحكومة فرضت الحظر الكلي، ومن بين إجراءاته إغلاق البنوك قبل يومين فقط من وصول رواتب المواطنين المتوقفة منذ يناير/كانون الثاني الماضي، مؤكدا أن غالبية المواطنين لم يحصلوا على رواتبهم بسبب الازدحام أمام البنوك قبل أن تقفل نهائيا.
وطالبت وزارة الداخلية، المجلس الرئاسي، بإدخال تعديلات جزئية على قرار الحظر الكلي، معتبرة أن فرض القرار في ظل الظروف الراهنة يدفع إلى الازدحام، خصوصا وأن النزوح وحاجة المواطنين لسحب مرتباتهم قبيل عشرة أيام من شهر رمضان يبعث في تقديرها على الاكتظاظ.
ورغم هذه الإجراءات، أكّد صالح، الموظف في وزارة المواصلات، أنه حاول التعاطي مع جهود الحكومة، مقدرا خطورة الوضع، لكنه تراجع في اليوم التالي. وقال "اضطررت إلى ركوب سيارتي للتبضع من محال الخضار والسلع الغذائية البعيدة عن وسط العاصمة، حيث يقل الازدحام"، مشيرا إلى أنه اضطر إلى الوقوف في طابور طويل أمام أحد المحال لساعات بسبب كثرة المواطنين الذين خرجوا للتبضع على أقدامهم.
أما وضع أم فراس، الأرملة التي تعيل أربعة أطفال، فعلى العكس من ذلك، إذ قررت أن تخرج رفقة ابنها في سيارته للوصول إلى المحال البعيدة عن منطقة سكنها التي لا تتوفر فيها محال الخضار، مؤكدة أن قطاعا كبيرا من المواطنين يرون قرار الحظر الكلي محنة تضاف إلى محنة الحرب.
ولم يتقيد أغلب المارة والمتبضعين بالإجراءات الاحترازية التي تضمّنها قرار الحظر الكلي كارتداء القفازات والكمامات. وبنبرة تعبّر عن الرفض، قال أحد المواطنين وهو يتزود بالماء من صهريج أحد المساجد "لا أعتقد أن كورونا سيكون أخطر من القذائف"، مضيفاً "نحن نعيش كل يوم تحت رحمة الصدفة، إذا مرّ عليك يوم لم تسقط قذيفة بجانب منزلك أو عليه فأنت محظوظ".
Facebook Post |
وأكد أنه ذهب لشراء الخضار من سوق شعبي يقع على الطريق الرئيسي بمنطقة السبعة رغم ازدحامه بالناس، متحججا بأن الأسعار في هذا السوق أرخص بكثير من أسعار المحال، خصوصا أنه لم يتمكن من الحصول على راتبه الشهري. وسمحت بنود قرار الحظر الكلي للمحال الصغيرة والمخابز بالاستمرار في فتح أبوابها للمواطنين خلال ساعات قليلة تبدأ من السابعة صباحا إلى 12 ظهرا، لكن صاحب محل في حي الدريبي عبّر عن انزعاجه من عدم تقيد المواطنين بلبس الكمامات والقفازات، معتبرا أن قرار الحظر "غير مدروس وستكون نتائجه كارثية".
وأوضح أن محاولة إقناع الزبائن بترك مسافات خلال اصطفافهم أمام محله غير مقنعة، وقال "قرار الحظر الكلي سوف يساهم في تفشي المرض بسبب اضطرار الناس للتبضع في ساعات قليلة، ما أحدث ازدحاما كبيرا أمام المحال والمخابز". وفي إطار تشديدها على ضرورة التقيد بقرار الحظر الكلي وعدم استخدام السيارات لوّحت الحكومة، في تصريح لأحد مسؤولي اللجنة العليا لمكافحة فيروس كورونا ليل السبت الماضي، بإمكانية فرضها عقوبات على مخالفي القرار.