وتشهد أسواق القطاع من شماله حتى جنوبه، إقبالاً لافتاً على محال بيع الملابس الجاهزة، والحلويات، والمستلزمات المنزلية، والتي تشهد نشاطاً تجارياً مع اقتراب الأعياد والمناسبات العامة، على الرغم من التأكيدات الرسمية على تجنب التجمعات العامة، وعدم التجمهر، نتيجة تواصل خطر تفشي الوباء.
ولا يُلاحَظ ارتداء أدوات السلامة اللازمة للوقاية من الفيروس، عند فئة كبيرة من مرتادي تلك الأسواق (كمامة أو قفازات)، إذ يسير العامة نحو وجهتهم دون أخذ تلك الإجراءات على محمل الجد وسط ازدحام كبير.
أما المولات والمتاجر الكبرى فتشهد هي الأخرى ازدحاماً داخل أروقتها، على الرغم من محاولات أخذ درجات الحيطة والحذر، بنشر غرف التعقيم الآلية أمام البوابات، كذلك استقبال الزبائن بتعقيم ذاتي، وتوزيع الكمامات، والتي لا يتم الالتزام باستخدامها.
ويرجع بعض الفلسطينيين هذا الازدحام إلى عدم تفشي فيروس كورونا داخل المُدن، باستثناء اكتشاف بعض الحالات لوافدين تم حجرهم في مراكز الحجر الصحي، وبات لدى مواطني قطاع غزة قناعة أنّ الفيروس محصور في أماكن الحجر ولا يمكن أن ينتشر.
واعتاد أهالي قطاع غزة على التوجه للأسواق العامة مع اقتراب حلول الأعياد، وذلك بفعل مضاعفة أصناف البضائع المعروضة، والتخفيضات التي تشجعهم على اقتناء مستلزماتهم بأسعار تتناسب مع أوضاعهم الاقتصادية المتردية بفعل الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 14 عاماً.
لكن وزارة الصحة في غزة، دائمة التحذير من حالة التراخي من قبل المواطنين. ويشير المتحدث باسم الوزارة الطبيب، أشرف القدرة، إلى أنه "لا مبرر لحالة التراخي في صفوف المواطنين"، مبيناً أنه وعلى الرغم من عدم تسجيل إصابات بفيروس كورونا في المناطق السكنية، وأن مجمل الحالات المُكتشفة كانت داخل مراكز الحجر الصحي من بين الوافدين، إلا أن الخطر لا يزال يتهدد قطاع غزة من كُل جانب، وأنه لا يزال في عين الجائحة.
ووفق حديث القدرة لـ"العربي الجديد"، فإنّ جملة الإجراءات الاحترازية المُتخذة، استطاعت حتى اللحظة الحماية من الداخل، مُحذراً من أن منحنى تفشي الوباء يتسارع في المناطق المحيطة، وأن فيروس كورونا ينتظر أي ثغرة ليهاجم القطاع.
وأضاف: "لا نعلم من أين سيأتي الوباء، أو متى، أو حجم الإصابات التي سيلحقها في غزة والتي تعتبر صاحبة أكبر كثافة سكانية في العالم".
غير أنّ استمرار عدم وجود الفيروس حتى اللحظة في القطاع يقتضي استثماره بمزيد من الحرص والحذر وعدم الاستهتار واتباع إرشادات الوقاية والسلامة والالتزام بقاعدة "خليك بالبيت"، ولبس الكمامة في حال الاضطرار للمُشاركة في الأماكن العامة، كذلك الالتزام بالإجراءات الوقائية، وتحقيق التباعد وتطهير الأيدي باستمرار، حفاظاً على الصحة العامة، وفق القدرة.
وكان مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في غزّة، عبد الرحمن صبح، نبّه في وقت سابق إلى أهمية التباعد الاجتماعي تجنباً لانتشار فيروس كورونا، مُحذراً من حالة الاسترخاء المجتمعي، والتي بدت واضحة في المحال التجارية والأسواق والتجمعات العامة. وحذر من أنّ عدم التعاطي مع فيروس كورونا على محمل الجد سيؤدي إلى كارثة مستقبلًا، وإهدار ما تم إنجازه والوصول إليه بفعل تضافر الجهود لمواجهة الوباء وعدم انتشاره.