أيام قليلة تفصل نحو 650 ألف تلميذ وتلميذة في المحافظات المصرية عن امتحانات الثانوية العامة في البلاد والمقرّرة يوم الأحد في الواحد والعشرين من يونيو/ حزيران الجاري، فيما لا يخفي أولياء الأمور والتلاميذ المعنيون تخوّفهم من احتمال انتقال فيروس كورونا الجديد في داخل اللجان أو وسط الازدحام المتوقع خارج المدارس، وتُضاف إلى ذلك "رهبة" الامتحانات.
وكان وزير التربية والتعليم المصري طارق شوقي قد أفاد في تصريحات سابقة بأنّ مبلغ 1.9 مليار جنيه مصري (نحو 120 مليون دولار أميركي) خُصّص لسير الامتحانات، من بينها 950 مليون جنيه لتعقيم اللجان وتزويد التلاميذ والمراقبين بالمواد اللازمة للوقاية من عدوى كورونا، بالإضافة إلى شراء كمامات أو أقنعة واقية وأجهزة كشف حراري وغيرها، في إطار التدابير المتخذة لمواجهة أزمة كورونا، إلى جانب تأمين نقل الأسئلة بالطائرات الحربية لمنع تسريبها.
في هذا الإطار، يقول مسؤول في الوزارة لـ"العربي الجديد" إنّه "لم يتبقَّ إلا القليل على الامتحانات فيما لم تتلقَّ مديريات التربية والتعليم بالمحافظات أيّ تعليمات بشأن تعقيم المدارس حيث من المتوقّع أن تُجرى امتحانات الثانوية العامة، خصوصاً في محافظات الوجهَين القبلي والبحري". لكنّ المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته يقرّ بأنّ "عدداً بسيطاً من مدارس القاهرة الكبرى، خصوصاً المدارس الشهيرة والموجودة في عدد من الأحياء الراقية، خضعت لعمليات تعقيم على أن تتكرّر صبيحة يوم الامتحان. كذلك الأمر بالنسبة إلى المدارس التي سيزورها الوزير أو المحافظون أو مسؤولون آخرون". ويشكو من "عدم وجود بوادر حتى اليوم لتوفير برّادات للمياه في المدارس، بالتالي سوف يضطر الأهالي إلى توفير ما يلزم. كذلك لم تزوّد اللجان بالمراوح ولا ببوابات تعقيم مثلما كانت قد وعدت الوزارة"، متهماً "البرلمان الذي وافق على الاعتماد المالي بالفساد، بالتضامن مع وزارة التربية والتعليم".
ويتابع المسؤول نفسه أنّ "وزارة التربية والتعليم أكدت وجود تعاون مع وزارة الصحة والسكان لتوفير طبيب وممرضة وسيارة إسعاف في كلّ لجنة، في وقت تعاني فيه مستشفيات العزل في كلّ المحافظات من عجز في الطواقم الطبية. وفي حال حدوث أيّ أزمة صحية مع تلميذ ما، لا قدّر الله، سيكون الاعتماد على المستشفيات الموجودة في المنطقة سواء أكانت قريبة أم بعيدة. وهو الأمر الذي يزيد من حالة الهلع". ويتوقّع "تعتيماً إعلامياً كبيراً على أيّ إصابة قد تُسجَّل بين التلاميذ في خلال فترة الامتحانات، حتى لا يؤدي ذلك إلى رفض أولياء الأمور اصطحاب أولادهم إلى لجان الامتحانات"، محذّراً في الوقت نفسه من "خطورة حمّامات المدارس حيث تطفح مواسير الصرف الصحي فيما الأبواب والشبابيك متهالكة والقاذورات مكدسة في الأرجاء إلى جانب الروائح الكريهة. كّل ذلك مع عدم توفّر أيّ اعتمادات مالية لتجهيزها وتوفير مواد منظفة ومعقمة من صابون وغير ذلك".
إذاً، مع اقتراب موعد الامتحانات، يخشى المراقبون كما التلاميذ وأولياء أمورهم الإصابة بفيروس كورونا الجديد، داخل اللجان أو خارجها، في ظلّ عدم مراعاة المسافات المطلوبة للتباعد الجسدي المفروض بين التلاميذ حرصاً على سلامتهم. وهو ما يعبّر عنه حسين عبد الصبور التلميذ في الصف الثالث الثانوي - القسم الأدبي في إحدى مدارس شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية المكتظة. من جهته، يشير يوسف النوبي وهو وليّ أمر تلميذ في الصف الثالث الثانوي - القسم العلمي علوم، إلى أنّ "القلق في امتحانات الثانوية العامة هذا العام مضاعف، لدى كلّ وليّ أمر وتلميذ. فثمّة رهبة من الامتحان وخوف من انتقال عدوى كورونا". يضيف أنّ "التجمّع أمام المدارس وفي اللجان يعرّض الناس للعدوى، في حين نسأل عن قدرة التلاميذ على التركيز في خلال امتحاناتهم فيما هم قلقون. كذلك، كيف يستطيع المراقبون ضبط الرقابة على التلاميذ، وهم يخشون البقاء داخل اللجان خوفاً من العدوى"؟
من جهته، يقول أسامة طنطاوي وهو تلميذ في الصف الثالث الثانوي - القسم العلمي رياضة، إنّ "14 تلميذاً مثلما أفادت وزارة التربية والتعليم في اللجنة الواحدة يمثّل عدداً كبيراً مقارنة بمساحة غرف الصف، إذ إنّ ذلك لا يسمح بالمحافظة على مساحة متر واحد بين تلميذ وآخر". ويتساءل طنطاوي: "هل عمليات التعقيم ستشمل ملابس التلاميذ والمراقبين؟ أم إنّ الأمر سيقتصر على اليدَين، إلى جانب وضع الكمامة أو القناع الواقي والخضوع للكشف الحراري؟ وهل ستستمر تلك العمليات طوال فترة الامتحانات التي تمتد شهراً أم سيكتفي المعنيون بها في الأيام الأولى أو الأسبوع الأوّل فحسب"؟ ويوضح طنطاوي أنّ "إصابة تلميذ واحد ستؤدّي إلى إصابة عشرات من مخالطيه، وهو ما يهدّد سلامة المجتمع ككلّ".
أمّا حسن م. وهو مدرّس في إحدى المؤسسات التعليمية الحكومية، فيحذّر من "غياب المراقبة الجدية في اللجان وترك الجميع يلجأ إلى الغشّ وعدم التعامل المباشر مع التلاميذ. فمن شأن ذلك أن يجعل المجتهد يتساوى مع الضعيف". ويؤكد أنّ "هذا الأمر وارد" في مثل هذه الظروف، مشدداً في الوقت نفسه على "خطورة عدم تجهيز الحمّامات وعدم تعقيم السلالم والأبواب والنوافذ ومقابضها".