غزت أسواق تونس ألعاب في شكل "كلاشنكوف" ورشاشات ومسدسات قاذفة لكويرات وأخرى نارية ومصوبات ليزر وشماريخ وفوشيك.. وتعتبر هذه الألعاب المفضلة لدى أغلب الأطفال، رغم التحذيرات المتواصلة من وزارة الصحة التونسية، التي ما فتئت تنبّه إلى مخاطرها وتدعو إلى تجنبها.
وبحسب وزارة الصحة التونسية، فإن الفوشيك والمسدسات القاذفة للكويرات والأسهم، تؤدي إلى تسجيل نحو 20 إصابة سنويا بالأعين والأيدي.
وتستغل "مافيا" التهريب هذه الفترة لإغراق الأسواق بالألعاب الممنوعة، رغم مخاطرها.
وأماطت السلطات في محافظة صفاقس منذ بضعة أشهر اللثام عن إحدى أكبر صفقات تهريب الألعاب النارية بمختلف أنواعها، حيث عثر آنذاك على حوالى 2160 علبة "كرتون" كانت تحتوي على مئات الآلاف من الشماريخ والفوشيك والألعاب النارية بمختلف أنواعها.
غير أن الوقائع تشير إلى عدم قدرة السلطات التونسية على وضع حدّ لانتشار السلع المهربة والمتدفقة من الصين، وفي طليعتها الألعاب الممنوعة.
أيمن (11 عاما) توقف أمام لعبة في شكل "كلاشنكوف" يتوسّل لوالدته أن تدفع ثمنها البالغ 12 دولاراً. يقول إن جلّ رفاقه في الحي اقتنوا مسدسات ليلعبوا بها يوم العيد، مبينا أن كل طفل يحرص على أن تكون لعبته هي الأكبر حجما والأكثر إثارة.
وقال إنه لا يهتم بمكوناتها، بل إن ما يهمّه هو حجمها والأضواء المشعة التي تطلقها.
وعلق محمد (بائع ألعاب) قائلا إنّ التجارة في الألعاب مربحة جدا في مثل هذه الفترة، وهي تدر عليهم دخلا محترما، وأفاد بأن المسدسات والرشاشات هي الأكثر رواجا في الوقت الحالي، مبينا أنّ الأولاد يحبذون اقتناءها ويرفضون شراء ألعاب أخرى كالسيارات أو القطارات.
وأشار إلى أن البنات يحبذن "العرائس"، وخاصة تلك التي تضم إكسسوارات وملابس كثيرة.
وأضاف محمد أنّهم يحصلون على بضاعتهم من باعة الجملة (رافضا الإفصاح عن مكان التزويد)، مبينا أن جل هذه السلع صينية الصنع، وأوضح أنه بعد الثورة حصلت عدة تضييقات على المزوّدين، وهو ما أدّى الى ارتفاع سعر الألعاب، فاللعبة التي كانت تباع بما يعادل 5 دولارات أصبحت تباع بنحو 10 دولارات.
وأكد أن السوق الجزائرية هي المتنفس الوحيد الذي باتوا يحصلون من خلاله على سلعهم، وذكر أنه رغم منع بيع هذه الألعاب.. إلا أن الإقبال المكثف عليها يدفعهم إلى المغامرة ببيعها.
اقرأ أيضاً: LEGO تبحث عن بديل للبلاستيك صديق للبيئة
مخاطر صحية
وأكدت رئيسة مصلحة مراقبة الجودة الكيميائية بالوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات، سهير العذاري، لـ"العربي الجديد"، أنّ الألعاب الموجودة بالأسواق الموازية غير مراقَبة بالمرّة، ولا تخضع لفحوصات فنية عند التوريد، وهو ما يجعلها تشكل خطرا كبيرا على الأطفال.
وأشارت إلى أنهم يسجلون سنويا وفي فترة العيد، إصابات تصل إلى حدّ بتر الأصابع أو حصول تلف بالأعين بسبب "الفوشيك" والمسدسات المحظورة.
تقول العذاري: "تشكّل جلّ هذه الألعاب خطرا كبيرا على الأطفال فهي تحتوي على مواد سامة، وعلى مكوّنات كيميائية خطيرة، ونسبة عالية من المعادن كالرّصاص ومادة "التالات" السامة، وعند تعرّضها للشمس تتحلل هذه المواد فتنتشر أحيانا رائحة البلاستيك القوية وتكون أخرى لزجة تلتصق باليد.. وبالتالي تتضاعف مخاطرها ويسهل انتقالها وتسربها إلى جسم الطفل، فتحدث احمرارا وتهيجا بالجلد وتتسبب أحيانا في أمراض سرطانية".
وأكدّت العذاري أن الأسعار المتدنية للألعاب الموجودة بالأسواق الموازية تشجع الأهالي على شرائها، دون وعي بالمخاطر التي تسببها لأبنائهم، خاصة وأنّ مكوّناتها مجهولة ومصادرها كذلك.
اقرأ أيضاً: الألعاب والدمى الصينية تهدد أطفال ألمانيا
التحكم صعب
وبيّن أحد المسؤولين بوزارة الصحة، محمد الرابحي، لـ"العربي الجديد"، عجز السلطات التونسية
وحذّر الرابحي من استعمال ساعات يدوية تباع في الأسواق الموازية وتحتوي على مواد سامة ومسرطنة، مبينا أنها تسببت في حالات احمرار الجلد وتهيجه.
وأشار إلى أن الأجهزة الرقابية تمكّنت من حجز 20 ألف لعبة، ثبت أن بها مواد مسرطنة خطيرة. وقال إنهم كلما قاموا بحملات مراقبة يسارع الباعة إلى إخفاء سلعهم ثم يعودون إلى ترويجها.
وتبقى المسؤولية ملقاة على عاتق الأولياء لملازمة الحذر، واختيار ألعاب تتناسب مع سن أطفالهم، وتكون أقل ضرراً على صحتهم ونفسياتهم.
اقرأ أيضاً: "الفوشيك" يثير "تكتيك" العصابات وخوف التونسيين