استمع إلى الملخص
- تتعرض الأسيرات لانتهاكات جسيمة مثل الاعتداءات الجنسية والتفتيش العاري، مع تصاعد الجرائم والانتهاكات بشكل غير مسبوق، مما يجعل المفاهيم الدولية غير كافية لوصف العنف ضدهن.
- تعاني الأسيرات من ظروف احتجاز قاسية في سجن الدامون، بما في ذلك التجويع والحرمان من العلاج، وطالب نادي الأسير المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لاحترام حقوق الإنسان.
أكد نادي الأسير الفلسطينيّ، اليوم الاثنين، أنّ الاحتلال الإسرائيلي اعتقل أكثر من 435 من النساء منذ بدء حرب الإبادة، ويتضمن هذا المعطى النّساء اللواتي تعرضن للاعتقال في الضّفة الغربية بما فيها القدس، وكذلك النساء من الأراضي المحتلة عام 1948، فيما لا يوجد تقدير واضح لأعداد النّساء اللواتي اعتقلنَ من غزة، حيث أفرج عن عدد منهنّ لاحقًا، إلا أنّه من المؤكد أنّ هناك نساء ما زلنَ معتقلات في معسكرات الاحتلال، وهنّ رهنُ الإخفاء القسري.
واستعرض نادي الأسير الفلسطيني، أبرز المعطيات عن الأسيرات في سجون الاحتلال، حيث يبلغ عددهن 94 أسيرة، بينهنّ أربع أسيرات من غزة، ومن بين الأسيرات31 معتقلات إداريًّا، ومن بينهن 33 أمًّا، و25 طالبة جامعية، و6 صحافيات، ومحاميتان، ومن بين الأسيرات: زوجات لأسرى، وأمهات لأسرى وشهداء، وشقيقات لشهداء.
الأسيرات الفلسطينيات يتعرضن لانتهاكات جسيمة
وقال نادي الأسير، بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف الـ25 من نوفمبر / تشرين الثاني من كل عام، "إنّ النّساء الفلسطينيات، يواجهن المرحلة الأكثر دموية في تاريخ الصراع مع الاحتلال، وذلك مع استمرار حرب الإبادة الجماعية، إلى جانب مواجهتهن لجملة من الجرائم والانتهاكات الجسيمة –غير المسبوقة- بحقّهن، مع تصاعد عمليات الاعتقال، والاعتداءات بمستوياتها المختلفة، ومنها الاعتداءات الجنسية التي شكّلت الحلقة الأبرز في إفادات الأسيرات وتحديداً أسيرات غزة".
وأكد نادي الأسير أنّ المفاهيم التي أقرتها المنظومة الدولية في وصفها لواقع النساء تحت مصطلح (العنف) لم يعد كافيًا لتوصيف المرحلة التي يتعرضن لها النساء الفلسطينيات في ظل حرب الإبادة، وسياسات السّلب والحرمان المهولة، والتي تشكّل امتدادًا لتاريخ طويل من سياسة استهداف النّساء؛ وما نشهده اليوم من جرائم بحقّ النساء مورس على مدار عقود الاحتلال، إلا أنّ الفارق هو كثافة هذه الجرائم ومستواها وتصاعدها بشكل -غير مسبوق- إن قارناها بالفترات التي شهدت فيها السّاحة الفلسطينية انتفاضات وهبات شعبية.
الأسيرات رهائن لدى الاحتلال
ومنذ بدء حرب الإبادة صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيليّ من عمليات الاعتقال الممنهجة بحقّ النّساء الفلسطينيات، في كل الجغرافيات الفلسطينية، ولم تستثن القاصرات، كما شمل ذلك اعتقال النساء رهائنَ، بهدف الضغط على أحد أفراد العائلة المستهدفين من قبل الاحتلال لتسليم نفسه، وشكّلت هذه السّياسة إحدى أبرز الجرائم التي تصاعدت بشكل كبير، وشملت زوجات أسرى، وشهداء، وأمهات منهنّ مسنّات تجاوزنَ السبعين عامًا.
وأشار نادي الأسير إلى أنّ هذه السّياسة طاولت فئات أخرى، وليس فقط النّساء، وقد رافق عمليات احتجازهن رهائنَ، عمليات تنكيل وتهديدات وصلت إلى حد التّهديد بقتل نجلها المستهدف أو زوجها، هذا عدا عن الاعتداءات التي تعرضنَ لها خلال عملية الاعتقال، إضافة إلى عمليات التّخريب التي طاولت منازلهنّ، وترويع أطفالهنّ، وأبنائهنّ، ومصادرة أموالهنّ ومصاغ ذهب خاصّة بهنّ.
أسيرات غزة.. العدد مجهول
ومنذ بداية الإبادة الجماعية ومع تنفيذ الاحتلال الاجتياح البري لغزة، نفّذ عمليات اعتقال واسعة للنساء من غزة منهنّ قاصرات ومسنّات، احتجزهن في معسكرات تابعة للجيش، بالإضافة إلى سجن (الدامون)، وفي ضوء استمرار الاحتلال بتنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزة، لا تتوفر للمؤسسات المعنية بمتابعة شؤون الأسرى معطيات واضحة عن أعدادهنّ، أو من تبقى منهنّ رهن الاعتقال في المعسكرات الخاضعة لإدارة الجيش، أما في سجن (الدامون) فإن عدد أسيرات غزة يبلغ اليوم أربعاً.
ومع الإفراجات التي تمت للعشرات من أسيرات غزة، فقد نقلنَ شهادات قاسية عن عمليات اعتقالهنّ، ونقلهنّ إلى المعسكرات، وما تعرضنَ له من عمليات إذلال وتنكيل وحرمان من كلّ حقوقهنّ، وتهديدهن بالاغتصاب، وإخضاعهنّ للتفتيش العاري المذل، وتعرضهنّ للتحرش، عدا عن الألفاظ النابية والشتائم التي تعمد جنود الاحتلال استخدامها بحقّهنّ، وإجبارهنّ على خلع الحجاب طول فترة الاحتجاز، بالإضافة إلى تعريتهنّ، فيما أشار النادي مجددًا إلى تقرير الأمم المتحدة الذي أشار إلى تقارير موثوقة تتحدث عن تعرض معتقلتين من غزة للاغتصاب.
التفتيش العاري للأسيرات
ويشكّل سجن (هشارون) محطةً مؤقتة لاحتجاز الأسيرات، قبل نقلهنّ إلى سجن (الدامون)، شاهدًا على عمليات التفتيش العاري، التي تعرضنَ لها غالبية الأسيرات، بحسب عشرات الشّهادات التي وثقتها المؤسسات، عدا عن ظروف الاحتجاز المذلّة والمهينة التي تعرضنَ لها، والاعتداءات، ومنها اعتداءات بالضرب المبرّح.
وتحتجز سلطات الاحتلال غالبية الأسيرات في سجن (الدامون) بصفته سجناً مركزيًّا استخدمته تاريخيًّا لاحتجاز الأسيرات الفلسطينيات، حيث تواجه الأسيرات فيه ظروف احتجاز قاسية وصعبة، جرّاء سياسة العزل الجماعية التي انتهجتها بحقّ الأسرى والأسيرات، عدا عن تعرض الأسيرات تحديدًا في الفترة الأولى لبدء حرب الإبادة لاعتداءات واسعة، كان من بينها تعرض أسيرات للعزل الانفرادي، ولاعتداءات على يد قوات القمع، ومصادرة كل مقتنياتهنّ، وحرمانهنّ من كلّ حقوقهنّ.
وتعاني الأسيرات اليوم، إلى جانب السياسات التي استعرضت سابقًا، سياسة التّجويع، بحرمانهن من الحصول على مواد غذائية إضافية، إضافة إلى حرمانهنّ من العلاج، والذي يندرج في إطار الجرائم الطبيّة، كما ألقت حالة الاكتظاظ التي فرضتها إدارة السجون، بثقلها على الأسيرات، الأمر الذي أدى إلى إفراز العديد من ظروف الاعتقال المأساوية داخل سجن (الدامون)، مما يضطر العديد من الأسيرات النوم على الأرض، هذا عدا عن النقص الحاد في الملابس، والأغطية والتي تتصاعد حدتها في ظل موجة البرد القاسية، فبعض الأسيرات بقيت بملابسها التي اعتقلت فيها لفترات طويلة، ولم تتمكن من استبدالها، كما عانت الأسيرات من تعمد إدارة السّجون بتزويدهنّ بمياه غير صالحة للشرب ومتسخة، عدا عن عمليات التفتيش والاقتحامات المتكررة لأقسامهن، ومصادرة الملابس الإضافية منهن.
واستهدفت النساء الفلسطينيات كما جميع فئات المجتمع الفلسطينيّ، بعمليات الاعتقال الإداريّ التي تصاعدت بشكل غير مسبوق تاريخيًّا، إذ بلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى بداية شهر تشرين الثاني الجاري، أكثر من 3443 أسيرة، من بينها 31 أسيرة معتقلة إداريًّا، منهنّ صحافيات، ومحامية، وحقوقيات، وناشطات، وطالبات.
إضافة إلى أنّ بقية الأسيرات والغالبية منهنّ وجهت إليهنَّ "تهمٌ" تتعلق بالتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تشكّل اليوم أبرز الذرائع التي استخدمها الاحتلال لاعتقال الفلسطينيين في الضّفة بما فيها القدس، وكذلك من الأراضي المحتلة عام 1948.
وأوضح نادي الأسير أنّه ما لا يقل عن 25 أسيرة يعانين مشكلات صحية واضحة وصعبة وفي حاجة إلى رعاية صحية حثيثة. وأكد نادي الأسير وبناءً على الشّهادات التي حصل عليها من الأسيرات والمعتقلات الفلسطينيات، أن الاحتلال الإسرائيليّ، مستمر في انتهاك حقوق الأسيرات الفلسطينيات في مراكز التّوقيف والتّحقيق والسّجون، وفي المستشفيات والعيادات الطبية والحواجز ونقاط التفتيش، وتطاول تلك الانتهاكات كلّ فئات الإناث الفلسطينيات من معلمات وطالبات وأمهات وطفلات وغيرهنّ.
وأوصى نادي الأسير هيئة الأمم المتحدة وجميع الدول الأعضاء بالضغط على دولة الاحتلال باحترام الالتزام بالقانون الدوليّ والقانون الدوليّ لحقوق الإنسان، وتطبيق اتفاقية مناهضة التّعذيب والمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وطالب نادي الأسير الدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بإنهاء الاعتداء الجسديّ والنفسيّ الذي يمارسه جنود الاحتلال خلال اعتقال النساء الفلسطينيات، واعتقالهن غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإنهاء ممارسات التّعذيب الجسديّ والنفسيّ والمعاملة الحاطة بالكرامة خلال التّحقيق والاعتقال.