ما زالت قضيّة الناشط اليمني نشوان الحداد، (22 عاماً)، تتفاعل وسط مطالبات بالإفراج عنه، بعدما اعتقلته السلطات الأمنية بمحافظة مأرب شمال شرق اليمن، مؤخراً، على خلفية منشور له على صفحته على "فيسبوك"، وجرى حبسه في سجن انفرادي، ومنع الزيارة عنه، ليبقى مصيره مجهولاً في جريمة إخفاء قسري جديدة يشهدها اليمن في زمن الحرب، وهذه المرة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، وفقاً لتأكيدات نشطاء ومحامين.
وترتفع أصوات نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بإطلاق سراح نشوان الحداد بعد 62 يوماً قضاها خلف القضبان، دون معرفة أي تفاصيل عن حالته أو وضعه الصحي.
وبحسب البيان المُقدّم إلى نيابة استئناف مأرب والجوف من طرف عدد من المحامين حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، فقد قام نشوان الحداد بالتحريض على مخالفة قيم المجتمع لترويجه شرب الخمر، في محاولة منه لإباحة تعاطيه، ومخالفة الآداب العامة، وكذلك لما في منشوراته من تحريض على مأرب ومساس بالأمن القومي، على حد قول البيان.
غسان السامعي، صديق المعتقل، قال لـ"العربي الجديد" إنّ الحداد اعتقل في الثامن من يوليو/ تموز الماضي، من أمام صالة عرس بعد خروجه منها عن طريق أربعة مسلحين، تبين فيما بعد أنهم يتبعون للبحث الجنائي، سلموه لقسم المديرية، وبعد يومين أصدرت النيابة توجيهاً للبحث الجنائي بضبط المتهم، والتحقيق بما ورد في بيان نقابة المحامين".
وأضاف المتحدث: "تم نقل الحداد إلى السجن المركزي بصنعاء، وقضى فيه تسعة أيام، وبعدها طلبته النيابة للتحقيق وأعادته له على ذمة التحقيق، وتم تصنيف قضيته بالجسيمة، لكيلا يتم الإفراج عنه بالضمان".
وبحسب السامعي، فقد وجهت النيابة للحداد تهمة ترويج الخمور والإساءة للدين، لكنها لم تصدر قرار الاتهام، وبعد المتابعة وشنّ حملة مناصرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وجه رئيس النيابة بالإفراج عنه بالضمان، وذلك ما جرى بالفعل يوم 25 يوليو، لكن وفي مساء اليوم التالي داهم طاقم عسكري تابع لقوات الأمن الخاصة الاستراحة التي كان فيها الحداد، ودخل الجنود بلباس الأمن، وأخذوه بالقوة، وغطوا عينيه، وربطوا يديه، دون أي مسوغ قانوني، أو دواعٍ أمنية".
وأضاف: "حالياً لا نعرف أي شيء عن مصير الحداد ولا وضعه أو صحته منذ اعتقاله للمرة الثانية من طرف قوات الأمن الخاصة، وإدخاله زنزانة انفرادية، فيما كنا نزوره في المرة الأولى حين اعتقل في السجن المركزي".
المحامي فهمي محمد قال لـ"العربي الجديد"، إن اعتقال الحداد في المرة الأولى والثانية يعدّ مخالفاً للقانون، ويشكل جريمة يعاقب مرتكبها، الاعتقال في هذه الوقائع إذا كان المتهم قد روّج للخمر فعلاً، يكون من قبل السلطة القضائية ممثلة بالنيابة، فهي المختصة في تحريك الدعوى الجزائية واستدعاء المتهم والتحقيق معه، وإذا كان لا بد من جمع الاستدلالات بواسطة مأمور الضبط القضائي، أقسام الشرطة أو البحث الجنائي، فيجب أن يكون ذلك بناء على إجراءات قانونية صحيحة وليست باطلة، يجب أن يتم استدعاؤه بطريقة واضحة ومواجهته بالشكوى أو التهمة وتمكينه من الرد، أما أن يجري اختطافه وحبسه ومنع الزيارة عنه فتلك إجراءات باطلة، وتعد انتهاكات جسيمة في حق المتهم".
ويضيف المحامي أن "الأكثر انتهاكاً للقانون وحقوق المتهم أن النيابة العامة صاحبة الاختصاص في تحريك الدعوى الجزائية والاختصاص القضائي والقانوي في إيداع المتهم السجن، وتمديد فترة حبسه، قد أفرجت عنه، إلا أن إقدام الأجهزة الأمنية أو العسكرية على اعتقاله للمرة الثانية، وإخفائه بهذه الطريقة، هو الانتهاك الحقيقي لأحكام الشرع والقانون، والتعدي على صلاحيات القضاء".