دعت 63 منظمة حقوقية محلية ودولية السلطات المصرية إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء ما وصفتها بـ"حملة القمع الشاملة التي تشنها على المنظمات الحقوقية المستقلة وعلى كافة أشكال المعارضة السلمية".
وأشارت المنظمات في بيان مشترك، إلى إصدار أكثر من 30 دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان الأممي بيانا في مارس/آذار الماضي، أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء مسار حقوق الإنسان في مصر، مؤكدة على مشاطرتها المخاوف مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومع خبراء الأمم المتحدة المكلفين.
وطالبت المنظمات، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش"، بإنشاء آلية للرصد والإبلاغ بشأن مصر في مجلس حقوق الإنسان، وقالت إنها ستستمر في المطالبة بذلك إلى حين تحقيق تحسن ملموس ومستدام لوضع حقوق الإنسان، مشددة على أنه "لا يزال يساورنا بالغ القلق بشأن الاعتقال التعسفي، والاحتجاز، والملاحقات القضائية الأخرى بحق المدافعين الحقوقيين".
وأضاف البيان: "يقبع في الوقت الراهن خلف القضبان ظلما اثنان من مديري المنظمات الحقوقية، هما محمد الباقر، وعزت غنيم، إضافة إلى الباحثيَن في مجال حقوق الإنسان باتريك جورج زكي، وإبراهيم عز الدين، والمحامين ماهينور المصري، وهيثم محمدين، وهدى عبد المنعم، كما صدر بحق مؤسس ومدير (مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان) بهي الدين حسن حكم غيابي مشين بالسجن لمدة 15 عاما. تشمل الاعتداءات الأخرى ضد الحقوقيين حظر السفر، وتجميد الأصول، والضم لـقائمة الإرهاب كعقوبات تعسفية، فضلا عن التحقيقات الجنائية المطولة، والانتقام منهم لتعاونهم مع آليات الأمم المتحدة".
منظمات: منذ اعتلاء الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة، اعتقلت قوات الأمن المصرية واحتجزت، بتواطؤ مع وكلاء النيابة والقضاة، آلاف الأشخاص بشكل تعسفي، بناء على اتهامات لا أساس لها
وقالت المنظمات "لدينا مخاوف جدية بشأن التعريف الفضفاض للإرهاب في القانون المصري المتعلّق بمكافحة الإرهاب، وكذا في قانون العقوبات المتعارض مع المعايير الدولية، إذ يسمح بتجريم ممارسات تدخل في نطاق الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع السلمي، كما تُعَد إساءة استخدام الدوائر القضائية المعنية بقضايا بالإرهاب في المحاكم الجنائية ونيابة أمن الدولة العليا أمرا مثيرا للقلق لاستهدافها الحقوقيين وغيرهم من المعارضين السلميين بغية إسكات المعارضة، كما نعرب عن بالغ قلقنا إزاء حملة القمع ضد الصحافيين المستقلين ووسائل الإعلام، في ظل استمرار حجب مئات المواقع، واحتجاز 28 صحافيا بسبب عملهم، أو بسبب التعبير عن وجهات نظر انتقادية، ونتشارك التقييم الذي تبناه فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بأن الاحتجاز التعسفي يمثّل مشكلة منهجية في مصر".
وأضاف البيان الحقوقي أنه "منذ اعتلاء الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة، اعتقلت قوات الأمن المصرية واحتجزت، بتواطؤ مع وكلاء النيابة والقضاة، آلاف الأشخاص بشكل تعسفي، بناء على اتهامات لا أساس لها تتعلق بالإرهاب، وتتضمن قائمة المعتقلين حقوقيين، ونشطاء في مجال حقوق الأقليات الدينية، ومتظاهرين سلميين، وصحافيين، وأكاديميين، وفنانين، ومحامين، وسياسيين معارضين، بالإضافة إلى أقارب معارضين يعيشون في المنفى. ومنذ 2014، حُكم على المئات بالإعدام، وأُعدم العشرات بعد محاكمات اعتمدت على اعترافات تم انتزاعها تحت وطأة التعذيب".
63 منظمة حقوقية تدعو #مصر والسيسي إلى إنهاء حملة القمع الشاملة على المنظمات الحقوقية المستقلة وكافة أشكال المعارضة السلمية.
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) June 1, 2021
سلسلة تغريدات تعدد المطالب: https://t.co/jvhpwMpnbu pic.twitter.com/E3SyzZQ1G5
وبخصوص شبه جزيرة سيناء، قالت المنظمات الموقعة على البيان، إنها "تشارك المفوضة السامية مخاوفها بشأن الممارسات المقلقة من التهجير، والإخفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة للمحتجزين"، وذكرت بدعوة المفوّضة الأممية السلطات المصرية إلى "الاعتراف بأن حرمان الناس من حقوقهم لن يجعل الدولة أكثر أمانا، بل على العكس سيساهم في تفاقم عدم الاستقرار".
وحثت المنظمات الحقوقية الـ63 الرئيس المصري على التأكد من التنفيذ الكامل لتوصيات تضمن تحسينات ملموسة في وضع حقوق الإنسان في مصر، وضمان امتثال الحكومة لالتزاماتها الدولية، والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع الأشخاص المحتجزين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم، والإفراج عن الآخرين المحتجزين تعسفيا، ومن ضمنهم المحتجزون احتياطيا لفترة طويلة من دون محاكمة، أو من دون إمكانية الطعن في قانونية احتجازهم، وإنهاء الممارسة المعروفة بـ"التدوير".
كما طالبت بحماية المحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وضمان تواصلهم المنتظم مع عائلاتهم ومحاميهم الذين يختارونهم، وحصولهم على الرعاية الطبية المناسبة، والإدانة العلنية لعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، وعمليات القتل غير القانونية الأخرى، وممارسات الإخفاء القسري والتعذيب وغيرها من الانتهاكات الحقوقية، بما في ذلك تلك المرتكبة داخل مراكز الاحتجاز، أو في سياق عمليات مكافحة الإرهاب في سيناء، والأمر علنًا بفتح تحقيقات مستقلة ونزيهة وشاملة وفعالة حول هذه الجرائم بهدف تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة، وضمان حقوق الضحايا في معرفة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر، وتجميد تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة ريثما تتم دراسة إلغاء هذه العقوبة.
كما طالبت المنظمات بتوفير بيئة آمنة ومواتية للمدافعين الحقوقيين، وتمكينهم من ممارسة عملهم، بما في ذلك حمايتهم بشكل فعال من الاعتقال التعسفي، والاحتجاز وغيره من أشكال الانتقام، أو المضايقة، وإلغاء جميع التدابير التعسفية، بما في ذلك قرارات حظر السفر، وتجميد الأصول المالية بحق الحقوقيين وعائلاتهم، وإلغاء الأحكام الصادرة حضوريا أو غيابيا بحق بعضهم، ورفع أسمائهم المدرجة على قوائم الإرهابيين.