"اتخذت قراري بالاستمرار مع هذا الفريق، ولم أتخيل نفسي أبدا في مكان آخر. هزيمة مباراتين في النهائي أمر شاق، لكننا سنواصل حلمنا حتى النهاية، نحن الأتليتي لن نستسلم مهما كانت المعوقات"، بهذه الكلمات المؤثرة تحدث دييغو سيميوني في افتتاحية الموسم الحالي، وذلك بعد فترة قصيرة من الخسارة المريرة أمام ريال مدريد في نهائي ميلانو، بركلات الجزاء الترجيحية. وعلى طريقة الصدمة التي لا تقتلك، تجعلك أقوى، يحاول الشولو فعل شيء جديد هذا العام مع النادي الآخر في العاصمة الإسبانية.
رقم صعب
لعب أتليتكو مدريد مع سيميوني على أرضه في الشامبيونزليغ 18 مباراة، منذ تولي الأرجنتيني قيادة الفريق، ونجح في تحقيق 14 فوزا، مع 3 تعادلات، وهزيمة يتيمة أمام بنفيكا في مرحلة المجموعات بالموسم الفائت، مع تسجيل الفريق 47 هدفا واستقباله فقط 4 أهداف، رقم قليل جدا مقارنة بوصول الفريق إلى النهائي مرتين في آخر ثلاث سنوات.
واجه سيميوني بايرن ميونخ مع غوارديولا وهزمه بهدف من دون رد، وأعاد المقاتل نفس اللعبة مع البافاري لكن تحت قيادة أنشيلوتي، بنفس النتيجة مع أداء أكثر ثباتا على مدار الشوطين، لدرجة أن أصحاب الأرض كان بمقدورهم إضافة هدف آخر، لولا القائم الذي تصدى لكرة غريزمان أمام الحارس مانويل نوير.
ورغم أن الاستحواذ كان من نصيب الفريق الضيف، إلا أن أتليتكو مدريد وصل إلى المرمى في عدة مناسبات، وصنع خطورة أوضح حتى الدقيقة الأخيرة، مع تفوق كبير في ألعاب الهواء، بالإضافة إلى معظم المواجهات على الأرض حيث المساحات الضيقة واللعب المغلق، إنها الإضافة الجديدة التي يحاول سيميوني ورفاقه التكيف معها، من خلال تسجيل الأهداف عن طريق اللعب المنظم، وليس فقط الرأسيات أو المرتدات.
خدعة غريزمان
يلعب أتليتكو بخطة 4-4-2، مع إغلاق كافة الفراغات في وبين الخطوط، بالإضافة إلى وضع ثنائي من الوسط على الأطراف لمساندة الأظهرة. وأمام بايرن ميونخ، أضاف الشولو بعدا إضافيا بوضع غريزمان في الخلف قليلا دون الكرة، عن طريق إعادته إلى منطقة المنتصف في المركز رقم 8 بالتحديد، ليكون على مقربة من كوكي، حتى يقدر الثنائي على تنفيذ كماشة الضغط ضد وسط بايرن، وإجبار لاعبيه على الهروب تجاه الأطراف.
صنع رسم 4-5-1 في الحالة الدفاعية عمقا حقيقيا في منطقة الارتكاز، ونجح أنطوان في مضايقة ألونسو وحرمانه من الكرة، فيما اقترب زميله من تياغو ألكانترا، ليفقد وسط بايرن التأثير على مجريات اللعب، ويصبح طبيعة لعبه أقرب إلى المتوقع، من خلال لعب الكرات الطولية، أو تنفيذ أكبر قدر ممكن من العرضيات داخل منطقة الجزاء، هنا نجحت خلطة سيميوني في جعل تفوق خصمه مجرد حبر على ورق.
يمرر دفاع أتليتكو الكرات كثيراً، ولا يشترك أبداً في عملية البناء من الخلف، ليكون التركيز بشكل كلي على رقابة هجوم المنافس، وبالتالي تزيد التمريرات بين لاعبي الوسط، من أجل فتح زوايا التمرير أمام الأظهرة، على طريقة المثلثات في كل جانب، ساؤول، غابي، وفران على اليمين، بينما كاراسكو، لويس، وكوكي يسارا، كل هذا يصب في النهاية تجاه ثنائي الهجوم، توريس وغريزمان.
إصدار جديد
بدأ دييغو في تطوير الأتليتي هذا الموسم، من خلال إضافة صفقات جديدة تمتاز بالحركة والمهارة، فالفريق عانى بعض الشيء أمام الريال في نهائي النسخة الماضية، بسبب عدم وجود دكة تضم أوراق رابحة، لذلك جاءت التدعيمات لتناسب هذا التحدي، بالأخص غاميرو وغايتان، ثنائي يضيف عنصر اللعب في المساحات الضيقة، بالإضافة إلى القدرة على أداء التحولات.
تقول لغة الأرقام في قمة أتليتكو وبايرن، أن عدد تسديدات الإسبان على المرمى أكثر من الألمان، مع عدد مراوغات أشمل في كل مناطق الملعب، لدرجة أن أصحاب الأرض قاموا بعمل 11 مراوغة صحيحة، مقابل 6 فقط للبافاري، وهذا ما يحاول سيميوني تطويره داخل المنظومة الجماعية، ليتحول الفريق إلى نسخة قوية عندما يُطلب منه الهجوم، ولا يفكر فقط في الدفاع على طول الخط.
عانى وصيف أوروبا من صعوبات بالغة في تطبيق الهجمة المنظمة، لكن خلال هذا الموسم تحسن الوضع بعض الشيء، من خلال دقة التمريرات والتصرف بذكاء في الفراغات الضيقة، لذلك وصل مهاجموه إلى مرمى بايرن في أكثر من محاولة عن طريق اللعب السلس من الوسط إلى قلب الهجوم، هكذا سيحاول ملوك الدفاع في قادم مواعيد ذات الأذنين.