لعبت منتخبات عديدة خلال المونديال الأخير، بطريقة تضم ثلاثياً دفاعياً صريحاً، مزيجاً بين خطط مختلفة تبدأ بثلاثي صريح أمام الحراسة، وتطبيق هذه الخطط اختلف من فريق إلى آخر، لكن اختفت هذه الاستراتيجية هذا الموسم، مع عودة الرباعي الخلفي مرة أخرى، وخفوت نجم الثلاثي المتمركز أمام حراسة المرمى، لتلعب معظم فرق القارة بالطريقة التقليدية، ثنائي دفاعي بالعمق، وثنائي على الأطراف.
نهاية الثلاثي الخلفي
كانت هناك بعض المحاولات من جانب لويس فان غال، لكن المساحات الشاسعة بالدوري الإنجليزي منعته من استخدام خطته الهولندية، كذلك وقفت الإصابات أمام بيب غوارديولا وأرغمته على التحول من 3-4-3 إلى 4-1-4-1 في نهاية الموسم، بسبب عدم وجود أسماء كافية في الخط الخلفي، نتيجة غياب دافيد ألابا عن معظم فترات الموسم، وعدم جاهزية المهدي بن عطية خلال كافة المسابقات المختلفة.
ماسيمو أليغري مدرب نال انتقادات كثيرة في البدايات، لكنه نجح في الحصول على بطولتي الدوري والكأس، ووصل إلى نهائي دوري الأبطال، مستخدماً خطة مختلفة عن سلفه كونتي، بعد تخليه تماماً عن طريقة لعب 3-5-2، واعتماده على رباعية الوسط ورباعية الدفاع، مع الحفاظ على ثنائية الهجوم، لذلك يستحق هذا الموسم أن يكون عنوانه وداعا للثلاثي الخلفي.
ريشة الوسط
سيطر فريق بارسا غوارديولا على اللعبة خلال سنوات ماضية، بسبب قوة الوسط بالاعتماد على مجموعة لا تفقد الكرة أبداً، وأصبحت هذه الفكرة هي الأشهر بالفترة الأخيرة. لكن هذا الموسم كثير الاعتماد على لاعبي الوسط المتحركين غير الثابتين بالعمق، وظهر تكتيك "الريشة" الخاص بشغل المناطق المزدوجة في آن واحد، من الأطراف إلى المركز، وبين العمق والأجنحة.
والدليل على ذلك مباراة نهائي برلين بين برشلونة ويوفنتوس، فراكيتتش لاعب وسط مائل لليمين، من أجل التغطية خلف ألفيش، ومساندة ميسي في العمل الهجومي على الرواق، بينما يلعب يوفنتوس بثنائي وسط متحرك، بوجبا يساند إيفرا على اليسار، بينما يميل ماركيزيو كثيراً لليمين، حتى يصنع اللعب رفقة الظهير المتقدم ليشتستاينر.
أعطى هذا المركز مزيد من التوازن لتشكيلتي بطل إسبانيا وإيطاليا، وهذا ما افتقده بشدة ريال مدريد خلال الموسم الحالي، فالفريق يضم نجماً مميزاً بقيمة توني كروس في الارتكاز، لكن لا يوجد لاعب وسط يستطيع التغطية خلف الأطراف، لذلك زادت المساحات بين الظهيرين والجناحين في طريقة لعب الملكي، وتم ضربه بسهولة في معظم المباريات الكبيرة أثناء التحولات من الهجوم للدفاع.
المدافع الشامل
كالعادة، هناك هامش للتطور مع كل من بيب غوارديولا وجوزيه مورينيو، ورغم خروج بايرن من نصف نهائي الأبطال، وإبعاد تشيلسي مبكراً أمام باريس سان جيرمان، إلا أن الثنائي التدريبي المميز قدم مردود جيداً خلال البطولات المحلية سواء في ألمانيا أو إنجلترا، بعودة فكرة المدافع الشامل مرة أخرى إلى التكتيك الحديث.
يلعب ألابا في الغالب كظهير أيسر صريح، لكنه شارك في جميع المراكز تقريباً هذا الموسم قبل إصابته، ليستخدمه بيب كلاعب دفاعي ثالث بالخلف أثناء الدفاع، ثم يصعد للأمام ويصبح لاعب وسط صريحاً لدعم لاعبي الارتكاز، قبل أن يتقدم أكثر مع الهجوم ويتحول إلى دور الجناح الحر على الأطراف، مستغلاً أنصاف المسافات بين ظهير ومدافع المنافس في مختلف مباريات البوندسليغا.
أما الصاعد زوما فحقق ما يريد هذا العام مع تشيلسي، من مدافع صريح بالخلف إلى لاعب ارتكاز دفاعي في المباريات الكبيرة، ليظل مورينيو على عادته ويضيف لاعب متحفظ إلى توليفته الكاملة بالمنتصف. يستخدم غوارديولا لاعبي الوسط بالدفاع، بينما يفضل جوزيه وضع المدافعين في مختلف مراكز الملعب، كل يغنّي على ليلاه.
القواعد الجديدة
يتحدث المدرب الإيطالي القدير فابيو كابيلو عن أهم ثلاثة أحداث تاريخية في الكرة الأوروبية والعالمية، والتي أدّت إلى تطورها ودخولها منعرجات فنية جديدة، ويؤكد أن ظهور قانون التسلل كان البداية، مع إجبار كل الفرق على استخدام أساليب تكتيكية جديدة، من أجل التغلب على عوائق القانون الغريب.
ثم ميلان ساكي مع المدرب حليق الرأس وثلاثي الرعب الهولندي، وأخيراً بارسا غوارديولا بعد النقلة المضاعفة في عالم التمرير والتمركز مع المدير الفني الكاتالوني الشاب، وحينما سئل كابيلو عن الأفضل بين بارسا بيب وبارسا إنريكي، أكد أن فريق لوتشو مميز ورائع، لكن تبقى الأفضلية لصالح الجيل الذهبي في الفترة ما بين 2008 إلى 2012.
وبعيداً عن المقارنات الفنية، فإن العنوان الأكثر تميزا لهذا الموسم الكروي سيكون قريباً من سطوة الـ MSN، بعد التألق المضاعف للثلاثي ميسي، سواريز، نيمار. ونجاح الطاقم التقني لبرشلونة في صناعة نظام تكتيكي يقوم بحماية لاعبي الهجوم، من خلال قيام الوسط بالتغطية الخلفية، مع دخول الظهيرين في خانة الارتكاز أثناء الهجوم.
داني ألفيش ليس ظهيراً يلعب للهجوم، ولا حتى جناح عاد لشغل مركز الظهير، البرازيلي هو لاعب خط وسط صريح، بدرجة ظهير أيمن. وساعدت قدرته على ملء الفراغات بالمنتصف، المدرب لويس إنريكي كثيرا على فرض أفكاره الخاصة باللعب الطرفي، وبالتالي تبقى فكرة دخول الظهيرين إلى العمق لدعم الوسط هي الأكثر أناقة هذا الموسم على الصعيد التكتيكي.
لمتابعة الكاتب
اقرأ أيضاً
مدربو أوروبا...إنريكي في الصدارة وأنشيلوتي "المُقال" وصيفاً
إنريكي يقرر البقاء في برشلونة ويمدد تعاقده حتى 2017
رافا بينيتيز.. اختصاصي التكتيك في حضرة "النيو غلاكتيكوس"